ارتشفت آخر جرعة من فنجان القهوة ونهضت .. كنت أسير
مساء في الشارع الضاج
بالمارة والسيارات وأنا أترقب مرور طاكسي ليقلني
إلى بيتي الذي يبعد عن مركز
المدينة بحوالي 4 كم ..
وفي هذه الآونة أحسست بأنني أنجذب بل أستدرج شيئا
فشيئا إلى الانخراط معهما في النقاش ومن حيث لم أدر انفلت لساني من عقاله ووجدتني أتوجه
بكلامي إلى الزبون الذي كان يجلس أمامي مباشرة من دون أن أتبين ملامح وجهه وقلت : عفوا
سيدي أرجوك ولطفا لا تعمم هذه الظاهرة المرضية على الجميع فمازال هناك قراء من مختلف
الشرائح يترددون على الأكشاك والمكتبات ويواكبون الإصدارات الجديدة من مجلات ودوريات
ودواوين وروايات وغيرها . فعقب على كلامي قائلا : عفوا سيدي ما هي مهنتك ؟ أجبته من
دون تردد : أستاذ متقاعد . ثم أردف : وهل مازلت تقرأ الكتب ؟ أجبته طبعا بل أكثر من
هذا أنني كاتب وربما قد تكون قد قرأت بعض مقالاتي في الجرائد الوطنية . قال : ما اسمك
؟ قلت : عبده حقي . قال عفوا لم أسمع بهذا الإسم قط . قلت لاعليك . وفي تلك اللحظة
أخرجت هاتفي الذكي ودخلت على محرك البحث غوغل وكتبت : عبده حقي . ثم ناولته هاتفي ليطالع
سلسلة نتائج البحث الطويلة . وكما لو اعترته دهشة مصطنعة قال لي أهنئك سيدي على ثقافتك
الواسعة . وفجأة قال لي ربما لم تعرفني ؟ . قلت عفوا ومعذرة : وفي تلك اللحظة وكما
لو أنه نزع قناعا من على وجهه واستدار إلي ووجهه تعلوه قهقهة عالية قائلا : ها أنا
أوقعتك في (الكاميرا كاشي) و(مشيتي فيها ) يا عبده حقي ... أليس كذلك ؟؟. فعلا ومن
جانبي اعترتني لحظة ذهول واندهاش عارم وعظيم وصمت مشوب بابتسامة استغراب عريضة .. إنه
صديقي (سعيد .ب) أحد الرفاق القدماء في حزب منظمة العمل الديموقراطي الشعبي وهو شقيق
لأحد الصحفيين المرموقين بالمغرب . واستغرقنا طول الطريق في هيستيريا ضحك .. وأخبرني
سائق التاكسي أنه بدوره وافق مع (سعيد ب) على توضيب هذا السيناريو الذي لن ننساه معا
أبدا ...
0 التعليقات:
إرسال تعليق