الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، يوليو 04، 2020

هل الرقمية تشكل خطرا على الأدب (الجزء الأول) ترجمة عبده حقي جون كليمون


مقدمة إن العلاقات التي تربط الأدب بالعالم الرقمي هي علاقات معقدة وتتجاوز التحدي الذي يواجهه هذا التلاقح المتبادل إلى ما هو أبعد من الإشكاليات التي يفرضها الانتقال البسيط من سند إلى آخر.
إن اختزال هذه المسألة في مشكل بيئة ممارسة القراءة  " ergonomie "
أو في حق المؤلف أو الجدوى الاقتصادية سيؤدي إلى تجاهل الطبيعة الخاصة للأدب وعلاقته بالسند المادي الذي يساعده على التوثيق والتداول . لا يبدو أن جميع الفاعلين في المجال الأدبي (مؤلفون ، محررون ، موزعون ، نقاد ، قراء ، مؤسسات المختلفة) قد وعوا بالمشاكل الإبستيمولوجية التي تعترض الأدب عندما يجرؤ على التحلل من سنده التقليدي القديم . يقينا أننا مازلنا في بداية هذا الانتقال وأن ما يسمى بالأدب الرقمي هو في الغالب مجرد أدب مرقمن ، إنه إعادة تدوير بسيط على سند جديد للنصوص التي تنتمي إلى القواعد التحريرية الكلاسيكية. في هذا الصدد تجدر الإشارة أن الجوائز الأولى للأدب الإلكتروني التي منحت في معرض فرانكفورت في عام 2000 توجت الأعمال التي تم نشرها لأول مرة على شكل كتاب قبل نشرها على وسيط إلكتروني : الجائزة الكبرى ex-aequo: David Maranis for When Pride still  ولكن وراء هذا التردد المفهوم من جانب الناشرين الذين يحرصون كل الحرص على الحفاظ على حصتهم في السوق هناك بعض المشاكل الأساسية التي تعود إلى الطبيعة الخاصة للنص في علاقته بوسائل الاتصال.
لقد ارتبط الأدب بالكتاب لفترة طويلة إلى درجة أننا أصبحنا نهتم بمستقبله بدلاً من مساءلة  طبيعة العلاقة التي تم إنشاؤها منذ خمسة قرون بين النص وسنده الورقي. ومن خلال تحرره من هذا الارتباط بالورقي فالأدب بات يشكك في هويته وخطر عرضته للضياع أو المحو  في خضم التحول الإعلامي الواسع في الوقت الراهن.
يتعلق التساؤل الأول بنزع الصبغة المادية عن النص وهويته الافتراضية حاليا. هل يمكن أن يكون هناك أدب مكتوب بدون سند مادي ثابت ، بدون كتاب ، بدون صفحات وبدون ورق؟ هل ستصبح ثقافة الطباعة لدينا التي تشكل شرطا أساسيا للتلقي لا طائل من ورائها؟ كما أن رقمنة النص تجعله عرضة للمعالجة المعلوماتية أو حتى يمكن إنشاؤه بواسطة برنامج.
إذًا لقد أصبح الأدب ليس أكثر من منتوج صناعي ومعرض باستمرار لدوار التكرار والاختزال إلى نص لا نهائي .. إلى تدفق الكلمات دون انقطاع؟ وبالتالي سيجد الشعراء اليوم على شاشة الكمبيوتر سطحًا جديدًا لكتابة أعمالهم ويسعون إلى استغلال الفرص الجديدة التي توفرها خاصة على مستوى الرسوم المتحركة والوسائط المتعددة. ولكن هل لترابط النص مع الصورة والصوت سيؤدي هذا إلى ظهور أشكال جديدة التي سيتردد المرء في إلحاقها بالأدب لدرجة أنها سوف تتهجن مع الأشكال الفنية الأخرى التي يمكن للوسائط المتعددة أن تنتجها أي ما يُعرف اليوم ب"الفنون الرقمية "
بالإضافة إلى ذلك فالأدب الرقمي يمهد الطريق للأعمال التفاعلية. إن أخذ القارئ في الاعتبار في صيرورة النص قد يؤدي بعملية القراءة إلى ظهور مشكلة جديدة تتعلق بالنص التشعبي. إن وضع القارئ في دور الفاعل لا يجعل الأدب يخاطر بفقدان جزء من تميزه لصالح لعبة درامية يصبح فيها القارئ كمؤلف / فاعل . هنا مرة أخرى يواجه العمل الأدبي خطر اختفائه.
أخيرًا إن إمكانيات نشر الأدب على الويب تخلخل التراتبية والأنواع السردية . سيؤدي النشر الذاتي والكتابة في المنصة الشبكية إلى ظهور أنماط جديدة من التعبير والكتابة بعيدة كل البعد عن عالم التحرير الذي بني حول الكتاب والذي ينظم حتى الآن طرق التواصل والاستهلاك. .
La littérature au risque du numérique Jean Clément1 – Introduction

0 التعليقات: