تقديم عبده حقي : نعود بعد زهاء عقد من الزمن للنبش في ذاكرة مدونتنا الإلكترونية لنستكشف إن كان شيء ما قد تغير في الواقع الثقافي المغربي والعربي وسؤاله المتجدد كل عام حول الدخول الثقافي .
وتأسيسا على كل هذه الحمولة الثقافية الملغومة نطرح سؤالنا حول توقعات الدخول الثقافي على مجموعة من الأدباء والمثقفين آملين أن تكون مساهماتهم قد أنارت بعض الزوايا الهامة فيه .
اليوم مع الصحفية سعيدة شريف
لا يمكن الحديث عن دخول ثقافي ولا حتى خروج في المغرب، ما دامت البرمجة الثقافية للعديد من المؤسسات لا ترتهن إلى أجندة سنوية معينة، ومادام الثقافي يغيب باستمرار، ويظل تابعا لما هو سياسي، خاصة هذه السنة، التي يتصادف فيها الدخول الثقافي، مع الحراك السياسي، والاستعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، في ظل الدستور الجديد المعدل، وفي ظل مناخ "الربيع العربي"، الذي أثر هو نفسه بشكل كبير على الأنشطة الثقافية والفنية، التي تأجل أغلبها أو جرى تقليص مدتها.
ففي ظل استمرار سياسة شد الحبل بين المثقفين
والفنانين، وبين وزير الثقافة بنسالم حميش، واستمرار "مسلسل الإجهاز" على
العديد من المكتسبات الثقافية والفنية بالمغرب، لا يمكن الحديث إلا عن دخول مدرسي أو
جامعي، أما الثقافي فنحن بعيدون عنه، حتى لو سطرت وزارة الثقافة برنامجا خاصا بافتتاح
الموسم المسرحي، الذي نحن على مرمى سنة بيضاء منه، مع مقاطعة الفرق المسرحية المغربية
المحترفة لدعمي الإنتاج والترويج، اللذين يبدو أن فرقا مسرحية تنتسب إلى جمعيات، ولا
تتوفر على بطاقة للفنان، هي المستفيد الأكبر منهما، وهو الأمر الذي كادت تتعرض له جائزة
المغرب الوحيدة للكتاب، بتحويلها من جائزة سنوية إلى جائزة مرة كل سنتين، وتقليص فروعها،
في الوقت الذي تعمل فيه مؤسسات ثقافية أجنبية بالمغرب، وعلى رأسها المصالح الثقافية
بالسفارة الفرنسية بالمغرب، على تعزيز وجودها، وانخراطها في تحريك البركة الآسنة للثقافة
بالمغرب، من خلال الإعلان عن تدشينها للدخول الأدبي بالمغرب عبر جائزة الأطلس الكبير
للكتاب، التي بلغت دورتها الثامنة عشرة هذه السنة، والتي يترأسها هذه السنة الكاتب،
عزوز بيكاز، وسيجري تسليمها في 19 أكتوبر المقبل، وسيعلن معها عن جوائز أدبية أخرى
جديدة، وتوسيع جائزة الأطلس الكبير للكتاب نفسها لتشمل أدب الشباب، بعدما ضمت جائزة
الترجمة.
وعلى عكس السنة الماضية، تأخرت المكتبة الوطنية
للمملكة المغربية، التي دشنت الدخول الثقافي في السنتين الماضيتين، عن تقديم برمجة
ثقافية وفكرية جديدة ومهمة، وظل موقعها الإلكتروني يستعرض البرمجة القديمة، في انتظار
الانتهاء من ترتيبات انخراط زوار المكتبة، الذي تضاعف بشكل كبير هذه السنة.
لو انخرط المثقفون والكتاب في مناقشة الشأن السياسي والتحولات المجتمعية، التي نحن مقبلون عليها، لقلنا إن المثقف منهمك في توسيع النقاش حول شؤون بلده، وأن ما هو ثقافي هذه السنة مؤجل إلى غاية الانتهاء مما هو سياسي، رغم أن الثقافي والسياسي يتقاطعان، ولا يمكن الحديث عن أحدهما دون ذكر الآخر، لكن واقع الحال يكشف العكس، ويؤشر بالملموس على تراجع المثقف المغربي وعدم انخراطه في شأن بلده، ولا حتى في شؤون البلدان العربية، لا بالإيجاب ولا بالسلب، فهل هو صمت الحكمة والتأمل، أم صمت الخنوع والاستسلام؟!
0 التعليقات:
إرسال تعليق