غابت الشمس، على شكل كرة قرمزية من نار، ألقت ظلالاً طويلة ومخيفة عبر الامتدادات المقفرة. ومع حلول النهار محل الشفق، تحول العالم من حولي إلى مشهد من الجمال الغامض.
ألفيت نفسي فجأة على الشاطئ، والرمال تتلألأ مثل الذهب تحت الضوء المحتضر. همست الأمواج بالأسرار للشمس الباهتة، وكانت تهويدتها اللطيفة تذكرني بموت الوقت.
نورس وحيد يحلق في
الأفق، أجنحته مطلية بألوان وردية ، كان يرقص رقصة عابرة في جمر النهار المحتضر.
قمت ومشيت على
طول الشاطئ، وحبيبات الرمل تنزلق من بين أصابعي مثل ثوان الزمن. بدا العالم وكأنه
ضبابي، وكأن النسيم نفسه يذوب في ألوان سماء المساء.
وفي لحظة ظهر
مركب شراعي في المياه البعيدة، وكانت صورته الظلية تتناقض مع القماش الناري .
تحركت بخطوة واهنة، مبحرة نحو حافة العالم، حيث تلتقي الشمس بالبحر.
تسارع هبوط
الشمس، وأصبح مدارها الناري مجرد شظية في الأفق. لقد نزفت في الماء، مكونة مرآة
سائلة تعكس السماء في الأعلى.
أغمضت عيني،
وسمحت لسيمفونية المساء أن تغلفني. همسات الأمواج، وصرخات طيور النورس البعيدة،
وحفيف أوراق الشجر التروبيكالية الناعمة في الغابة القريبة، كلها اندمجت في تصعيد
لحني.
عندما فتحت عيني
مرة أخرى، تغير العالم. وجدتني في حقل من زهور عباد الشمس، ورؤوسها الذهبية تتجه
نحو غروب الشمس، في تحية صامتة لنهاية اليوم.
تحولت السماء في
الأعلى إلى طيف من الألوان، تحفة سريالية رسمتها يد فنان إلهي. اندمجت ظلال اللون
البنفسجي والنيلي والقرمزي في رقصة كونية.
مددت يدي
محاولاً لمس آخر أشعة ضوء الشمس وهي تنزلق في الأفق. لكنها أفلتت من قبضتي، ولم
تترك سوى ذكرى الدفء على أصابعي الممدودة.
في تلك اللحظة،
أدركت أن غروب الشمس لم يكن مجرد نهاية، بل وعدًا ببدايات جديدة. قد يكون العالم فوضويا
ومتغيرًا وعابرًا، لكن جمال كل غروب الشمس كان بمثابة تذكير بأنه حتى في أحلك
اللحظات، كان هناك دائمًا أمل في فجر جديد.
بدأ الوقت نفسه في الانهيار. بدا أن نسيجه نفسه
يتآكل عند الحواف، ووجدت نفسي عالقًا في دوامة من الألوان والأحاسيس.
لم أعد للشاطئ
أو في حقل دوار الشمس. بدلاً من ذلك، وقفت على شفا مدينة شاسعة عائمة في السماء،
مبانيها من الكريستال المتلألئ. كانت الشوارع مرصوفة بالضوء السائل، وكان الأشخاص
الذين ساروا بها كائنات أثيرية بأجنحة من الريش القزحي اللون.
"مرحبا"، قال أحدهم، بصوته الرخيم.
"هذه هي مدينة الغروب، حيث يلتقي الزمان والمكان."
تجولت في
الشوارع ، مشدوها من المناظر والأصوات التي تحيط بي. بدت المباني وكأنها تتنفس،
وتتوسع وتتقلص مع مرور كل لحظة. كانت السماء في تلك اللحظة عبارة عن مشهد من
الألوان المتقلبة باستمرار، كما لو كانت عشرات من غروب الشمس تحدث في وقت واحد.
اقتربت من
نافورة ، وعندما مددت يدي لألامس الماء، تحول إلى نار سائلة، تتراقص مع تألق ألف
شمس. لم تحترق يدي بل ملأتها بإحساس بالدفء والعجب.
التقيت بامرأة
ذات عيون مثل المجرات، أخبرتني أنه في هذه المدينة، يمكنني أن أغطس في غروب الشمس
بجميع أشكاله. قادتني إلى شرفة مطلة على صحراء واسعة، حيث ظهرت الشمس كجرم منصهر،
تلقي بظلال طويلة ملتوية تتراقص مثل مخلوقات حية.
مرة مشيت إلى
حافة الغابة .. كانت الشمس وهجًا ذهبيًا لطيفًا، تضيء أوراق الزمرد بضوء ناعم
خافت. كانت الطيور ذات الأجنحة المفتولة من الزجاج تحلق عبر الأشجار، وكانت
أغنيتها صدى متناغمًا لليوم المضمحل بتوأدة ...
أدركت أن الوقت
فقد كل معناه . لقد تعايش الماضي والحاضر والمستقبل في سيمفونية متناغمة للوجود. التقيت
بنسخ متعددة من نفسي من لحظات مختلفة من الزمن، جميعها تختبر غروب الشمس بطرقها
الفريدة.
وأخيراً، قادتني
المرأة ذات المجرات في عينيها إلى أعلى برج في المدينة. ومن هناك، حدقت في بحر
شاسع لا نهاية له. تحولت الشمس إلى هلال فضي لطيف، وكانت الأمواج أدناه مصنوعة من
ضوء القمر السائل.
قالت المرأة بصوتها
الحزين: "هذا هو غروب الشمس الأخيرالنهاية والبداية." غروب آخر شعاع من الشمس تحت الأفق، بدت المدينة
بأكملها وكأنها تتنهد، وشعرت بإحساس عميق بالسلام يغمرني. أدركت أن غروب الشمس لم
يكن مجرد حدث يومي، بل كان انعكاسًا لجمال الكون وغموضه اللامتناهي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق