كان وجودهن مفارقة، خيالًا حيًا يتحدى قوانين الجاذبية وحدود الأجساد البشرية. عُرفت هؤلاء النساء بمواهبهن الاستثنائية، وأجسادهن المرنة مثل مرور الوقت نفسه. تتحركن برشاقة لا يمكن وصفها إلا بأنها رشاقة ساحرة، وكانت كل حركاتهن عبارة عن شعر متحرك.
لا يمكن للمرء إلا أن ينبهر بالطريقة التي يتدفق بها شعرهم الطويل المتدفق مثل شلال من الحرير الداكن حتى الزرابي. كان الريش المتألق لعرف الديك يزين رؤوسهم، ويمنحهم هواء عالم آخر، كما لو كن مبعوثات من عالم آخر.
ولكن ما يميز
هؤلاء البهلوانيات حقًا هو قدرتهم المذهلة على تمديد أجسادهم مثل الأربطة
المطاطية، وأن يصبحن ، للحظة عابرة، شيئًا أقرب إلى طائر الفينيق الأسطوري. في فعل
يترك المتفرجين لاهثين، كانوا يقوسن ظهورهن ، وتثني أشواكهن مثل أغصان الصفصاف،
وبعد ذلك، في انفجار صوتي، يخترن الهبوط من السماء لتقبيل الأرض. لقد كان نزولًا
نشازًا، وعزفا أمازيغيا من الإحساس ترددت أصداؤه في قلوب أولئك الذين حظوا بشرف
مشاهدتهن .
بات الجمهور في
حالة نشوة، وتم نقله إلى عالم كانت فيه قوانين الفيزياء والأحياء مجرد اقتراحات،
حيث رقص الجمال وخطره جنبًا إلى جنب. هؤلاء النساء، تلك الكائنات الغامضة، لم
يتوافقن مع معايير الوجود العادية. لقد كن مخلوقات فنية خالصة، تتحدى حدود
الإمكانيات.
في هذا العالم الحب
والفن لا ينفصلان، وكانا اندماجًا عاطفيًا بين الرغبة والإبداع. كان يا سيدتي ، همسًا تردد صداه في الهواء،
إعلانًا للعشق الذي تجاوز ما هو جسدي ودخل إلى العالم الميتافيزيقي. كان فرقة
أحيدوسيات عشاقًا وفنانين على حد سواء، وكانت عروضهم بمثابة شهادة على الرقص
الأبدي للرغبة والإلهام.
إنهن أكثر من
مجرد فنانات؛ لقد كن تجسيدًا لمشهد أحلام غامض، لوحة قماشية حية حيث تتلاشى الحدود
بين الممكن والمستحيل في لغز جميل وغامض. إن مشاهدة رقصتهن يعني إلقاء نظرة خاطفة
على عالم كانت قوانين الطبيعة فيه مجرد اقتراحات، وحيث يرتفع القلب والروح إلى
آفاق لا يحلم بها إلا في فترات الاستراحة المجردة للعقل البشري.
0 التعليقات:
إرسال تعليق