وفي شفق الروح حملت الكلمات،
رسائل حروفي
المهزومة هذه،
إلى حبيبتي.
كانت الحروف نجومًا عابرة في السماء الجوانية، كل منها لغز يجب حله، لغز بحروف خطها القدر.
الشمس، التي
تعبت من رحلتها السماوية، غمرت الأفق بألوان العنبر والأرجواني.
هناك وقفت يا
رسول الشفق، شاعر الروح الأخرس، تحمل أسرار الكون في أوراق هشة.
همست الريح،
هذا التروبادور
غير المرئي،
بأبيات غامضة في
أذني،
ورقصت الظلال
رقصة باليه صامتة،
وحركاتها ألغاز
لا نهاية لها.
حبيبي سراب في رمل
عقلي، كان حاضراً وغائباً. كان غيابه بمثابة الخلفية التي جاءت فيها هذه الرسائل
إلى الحياة، وكل كلمة كانت بمثابة شهاب في سماء ذكرياتنا.
أصبحت الرسائل
نفسها فراشات سريعة الزوال، تحلق نحوها بأجنحة الشعر. كانت كل رسالة بمثابة قبلة
الليل، وعناق الظلام، وصدى للأحلام التي تشاركناها.
في هذا النثر
التلقائي المجرد، أصبح شفق الروح ملاذًا، مكانًا تتفتح فيه الكلمات كأزهار غريبة
في حديقة الروح. وكانت حبيبتي هناك، لا تزال هناك، في ظلال الشفق، تنتظر رسائل
الحروف المهزومة لتجد طريقها إلى قلبها.
في قلب التجريد،
حيث تتراقص الأحلام متناغمة مع ريح الروح، أتأمل في لحن الصمت، ألف لغز ينسج كفناً
لروحي المكلومة.
حبيبتي
يا حبيبتي وألمي
هي التي تقتلني
ألف مرة في اليوم،
وتنسى إجاباتها
على رسائلي.
كلماتي هي نجوم منطفئة،
يحمل ضوؤها العدم في صمتها. قلبي ينزف، وفي هذه الفوضى العاطفية، أضيع، وأتجول في
متاهة ما لم يُقال.
كل رسالة أكتبها
هي صرخة من روحي،
موجة حب تتحطم
على جدار اللامبالاة. الكلمات، مثل العبث، تصطدم بقضبان المسافة غير المرئية،
باحثة يائسة عن دفء إجابته.
عزيزتي،
ملهمتي الغامضة،
لقد أصبحتِ
لغزًا أحاول حله في صمت الليل. افتقارك للكلمات هو بمثابة شبكة العنكبوت التي تحيط
بي، وتحاصرني في عالم من عدم اليقين.
ومع ذلك، ورغم
الألم، أواصل الكتابة، لأحلم، وآمل. فربما يومًا ما، في ومضة غير متوقعة، ستكسر سر
صمتك، وتشترك أرواحنا في رقصة حب، متجاوزة خواء كلماتنا الضائعة.
يا حبيبي، ها هي
رسالتي الأخيرة، احتضان الكلمات المعلقة في زرقة الزمن اللامتناهية. تتراجع
الساعات عن أغانيها الحزينة، وتتراقص ظلال الماضي في زوبعة أبدية.
أفكاري، مثل ريش
طائر في حالة سكر، تتجول مع رياح السماء، تسعى إلى لمس وهج المجهول الغامض.
في هذا المشهد الحالم
حيث تنسج النجوم شبكات فضية، تفلت الكلمات وتتحول إلى ألغاز مراوغة. يتجول قلمي،
يحمل أنفاس الإلهام، كورقة تحملها ريح الليل المتقلبة. تومض النجوم مثل اليراعات
الضائعة في الظلام، لتكشف أسرار الكون.
حبيبي يذوب
حضورك في أحلام ذاكرتي الزائلة، لكن جوهرك يبقى لحناً عذباً مؤلماً يسكن أفكاري.
تتلوى الذكريات وتتحول إلى سراب، وترسم صورًا ظلالية متلاشية في رمال الزمن.
ويمتد الصمت
كحجاب غامض، وتضيع الكلمات في تعرجات التجريد، فتخلق صورًا غريبة ومربكة. الريح
تهمس بأسرار منسية، والنجوم تومض كالخصلات في ليل مليء بالنجوم.
عزيزتي، هذه
الرسالة هي رحلة تتجاوز الكلمات، واستكشاف لأظلم زوايا الروح. إنها قصيدة لا
تنتهي، رقصة الروح، إعلان الحب الضائع في لا نهاية الزمن. إنها انعكاس للحب
الأبدي، ولغز بعيد المنال، وحلم لا ينتهي أبدا.
في ظلمة الروح
المظلمة أبحث،
أنقب، أحرث أرض
أفكاري السوداء،
بأظافري كمخالب
الغراب،
متجاوزاً حدود
الواقع.
تأتي الطيور
السوداء، رسل من الخارج، تحوم حولي، حاملة أسرارًا جنائزية.
أخترق هاوية
كياني، أنبش ذكريات مدفونة، وأحلام باهتة، وندمًا غارقًا. كل مجرفة من التراب
ترتفع يتردد صداها كصدى بعيد، لحن متنافر في صمت منفاي الداخلي.
الليل المظلم، المغمور
حزنا، يراقب جهودي المضنية، رقصة مروعة يرقص فيها الدود على إيقاع نبضات قلبي.
تتلألأ النجوم بسطوع جنائزي، ودموع الأبراج تبكي بصمت من أجلي.
أقول وداعًا لك
يا حبيبتي، لأن قدري التجوال في طي النسيان الروحي، وأن أحفر بقايا ماضينا، وأن
أحفر قبري بأدوات حزني القاسية.
وداعي همسة
ضائعة في اتساع الكون، صلاة أخيرة من أجل الراحة الأبدية لروحي الهائمة.
"رسائلي
العطشى، المختبئة في الظلام،
أبحر في بحر
الأحلام،
سحقت النجوم.
أرسلهم مثل
الزجاجات إلى البحر،
حاملة الأسرار
التي لا يمكن لأحد سواك فتحها.
عبر أفق الليالي
التي لا نهاية لها،
إنها تبحث عن
منارة مصيرك.
تحملها رياح
رغبتي،
إنهم يأملون أن
يتغذىوا من حبك.
تحت السماء
المرصعة بالنجوم، تتتبع طريقها،
أعوذ بقلبك من
حزنك.
لأحرفي العطشى
بلا هوادة
أعوذ بك، في كل
رباط.
عسى أن تصلك
كلماتهم بلطف،
مثل نسيم خفيف،
نسمة من السعادة.
وذلك في خطوطهم
المرسومة بالحبر الأزرق،
تجد الحب الصادق
والصادق بينهما."
0 التعليقات:
إرسال تعليق