الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، فبراير 05، 2024

نص لولبي في مديح حساء الحلزون : عبده حقي

 


في الإشراق العابر للوهج القمري، حيث يمتزج ضباب الغموض مع اللامفهوم، يتكشف هذا النص السردي المنسوج بخيوط غير عقلانية دقيقة. إنه نص غريب وأشبه بالحلم، رقصة لا نهاية لها بين ظلال الواقع وأصداء الخيال المراوغ.

في رحم متاهة الكلمات هذه، يتسرب الحب مثل ضباب ساحر، ليتخذ الشكل الرقيق لحساء الحلزون. تختلط الأصداف، وهي رموز لمحيط من العواطف، مع أبخرة العاطفة الكريمية، مما يخلق حساءً لا يسبر غوره حيث تذوب الحدود بين الملموس والمجرد.

تتشابك الجمل في لوحة حلزونية، تدور مثل أوراق الشجر تحملها الريح المتقلبة. الكلمات، الخالية من أي منطق ظاهر، تندمج في مشهد من المعاني السريعة المحو. إنها فوضى متعمدة، واحتفال بالارتباك، حيث تضيع الأفكار ثم يتم العثور عليها في موجة من الهراء.

تنشأ الرؤى، وترسم الصور السريالية مناظر طبيعية عاقلة، حيث تمتزج الألوان بشكل غير واضح. العواطف، مثل الشهب، تعبر سماء الوعي، تاركة وراءها أثرا من الحيرة. إنه استكشاف لأكثر أركان الروح سرية، حيث يرفض العقل قلائد المغامرة.

تتشكل الفقرات وتلتف، مما يخلق سيمفونية متنافرة من الكلمات والأفكار. الحب، البعيد من أطراف قلبي، يتجلى في شكل لغز يطالب بحله، ومعادلة ليس لها حل واضح. تتحول الرسائل إلى دفقات من الضوء، تضيء لفترة وجيزة أجزاء من الحقيقة، لتعود مرة أخرى إلى ظلام اللافهم.

الغريب يصبح هو القاعدة، والمربك يصبح مألوفا. أصبحت حدود الواقع غير واضحة، مما يفسح المجال لواقع بديل حيث تهتز قواعد اللغة. الجمل، مثل المخلوقات الخرافية، تتشابك في رقصة لا معنى لها، لتشكل لوحة تجريدية حيث كل كلمة عبارة عن تطريز سريالي.

في هذا الاستكشاف النصي، يصبح حب حساء الحلزون هو الخيط المشترك، استعارة لشغف بعيد المنال. القذائف، مثل شظايا العواطف، تمتزج في وعاء الوجود، مما يخلق فقاعات متواصلة من التجارب الحسية والعاطفية.

يصبح هذا النص السردي المفتوح ، في لاعقلانيته المتعمدة، مرآة مشوهة للواقع، تعكس الفروق الدقيقة التي لا نهاية لها في النفس البشرية. إنها رحلة بلا بوصلة محددة، ترحال متعمد عبر تقلبات الفكر. الحب، بكل تعقيداته، يكشف عن نفسه لغزًا لا نهائيًا، رقصة لا نهاية لها في حساء الوجود الغامض.

في قلب هذا الكون المشكال، حيث يؤدي الزمان والمكان رقصتهما سرية، يكمن بعد متخفي في لغز الحب السريالي - عالم منسوج بخيوط اللاعقلانية الرقيقة والباليه الفوضوي للمعاني التي تدور مثل الأشباح في العالم. يا لها من ليلة مؤرقة.

تصور، إن شئت، حلزونًا يتجول في متاهة الوجود، تاركًا وراءه أثرًا مضيئا من المشاعر المحيرة. هذا ليس مجرد حلزون. إنه أمين حساء الحب الحلزوني الأثيري، وهو خليط مخمر في المرجل السماوي الذي لا يمكن تفسيره.

إن مرق هذا الإكسير يتحدى منطق العقول الفانية، ويحوم بألوان تتجاوز الطيف المرئي. قد يتذوق المرء نكهات الشوق ، لكنه تغمره شدة الرغبة اللذيذة. تمتزج بهارات العاطفة مع همسات الشكوك الشبحية، لتخلق نكهة تتناغم مع تنافر سيمفونية كونية.

في هذا العالم السريالي، تتحول الكلمات إلى فراشات مزركشة، ترفرف في رقصة آسرة تتجاوز حدود التماسك اللغوي. تذوب الجمل مثل مكعبات السكر في محيط من الغموض، حيث يصبح المعنى خصلة مراوغة، تثير حدود الفهم.

كما ترى، فإن حساء حلزون الحب ليس مجرد طبق؛ إنها استعارة كونية للتعقيدات المتشابكة للعلاقات. يصبح الحلزون بقشرته المخروطة شعار الرحلة عبر متاهة العواطف. كل دورة، كل تطور في قشرتها، تعكس طبيعة الحب المتاهة - متاهة حيث تسود اللاعقلانية في القلب.

وماذا عن العشاق الذين يجرؤون على ارتشاف الكأس السماوية؟ يجدون أنفسهم ضائعين في غمرة من العواطف، حيث يدور الفرح والحزن في رقصة لا نهاية لها. إن نسيج الواقع ذاته ينحني ويلتوي، حيث يصبح السريالي هو الدنيوي ويذوب الدنيوي في السريالي.

هناك لحظات يعكس فيها الحساء الرقص الكوني للنجوم، ويصبح العشاق أجرامًا سماوية، ينجذبون نحو بعضهم البعض بقوة ميغناطيسية لا يمكن تفسيرها. وفي أحيان أخرى، يتحول الحساء إلى مرآة تعكس شظايا الذات المحطمة، مرددة صدى نشاز الحب العميق والعبثي.

ومع ذلك، وسط هذه الفوضى، هناك انسجام غريب - انسجام ولد من قبول ما هو غير عقلاني، والاستسلام لأهواء الحلزون الكوني. في هذه الهاوية الدوامة من العواطف، يجد العشاق العزاء في عدم القدرة على التنبؤ برحلاتهم، ويعتنقون العشوائية باعتبارها جوهر وجودهم المشترك.

إذن، فإن حساء حلزون الحب ليس مجرد مصدر رزق للمسافرين العابرين؛ إنه سر، إكسير يتجاوز حدود العقل ويدعو العشاق للاستمتاع بالفوضى السامية لملحمتهم المشتركة. لأنه في قلب السريالية، حيث يصبح العادي غير عادي، يجد الحب أصدق تعبير له - نسيج متعدد الألوان منسوج بخيوط اللاعقلانية والعشوائية والدوامة الأبدية للحلزون الكوني.

 

0 التعليقات: