الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، فبراير 05، 2024

هدر الوقت وتشتيت الوعي : عبده حقي


إن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على وقت المستخدمين وتركيزهم هو موضوع جدال حاد . يعتقد الكثير من المختصين أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تشتت انتباهك وتضيع وقتك، بينما يعتقد البعض الآخر أنه يمكن استخدامها بطريقة منتجة ومفيدة.

لقد أحدثت وسائل التواصل الاجتماعي تغييرًا جذريًا في طريقة تفاعلنا ومشاركة المعلومات والحفاظ على الروابط الاجتماعية. ومع ذلك، خلف الواجهة البريئة والبراقة لهذه المنصات يكمن مصدر إلهاء محتمل وهائل يمكن أن يضر بإنتاجيتنا وممارساتنا اليومية.

أحد المخاوف الرئيسية المتعلقة بالاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي هو مقدار الوقت الذي يمكن أن نستهلكه في تصفحها اليومي. كثير من الناس، بمجرد التواصل معهم، يجدون أنفسهم منجرفين دون هدف واضح، مما يؤدي إلى إضاعة وقتهم الثمين. إن مجرد التمرير بلا هدف عبر موجز الأخبار يمكن أن يصبح سريعًا مستهلكًا للوقت، ويستهلك الساعات التي يمكن إنفاقها على مهام وأعمال أكثر أهمية.

هذا الإلهاء المحتمل له تأثير كبير على قدرتنا على الاستمرار في التركيز على مسؤولياتنا اليومية المحددة . إن الوقت الذي نقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يصرف انتباهنا عن بعض المهام الأساسية حيث يمكن أن تؤدي الإشعارات المتواصلة والرسائل الفورية والمحتوى الذي يجذب الانتباه إلى إنشاء زوبعة من التشتيت يصعب السيطرة عليها.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الانغماس المطول في العالم الافتراضي يمكن أن يؤدي إلى الانفصال عن الأنشطة الحقيقية. يمكن للوقت الذي يقضيه في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي أن يحل محل التفاعلات الاجتماعية الشخصية، أو الهوايات الهادفة، أو حتى الاسترخاء الصحي المطلوب. هذا الاستبدال يمكن أن يخلق خللاً في حياتنا اليومية، مما يضر برفاهيتنا بشكل عام.

من الضروري إذن أن ندرك أن هذا الإلهاء المحتمل لوسائل التواصل الاجتماعي لا يتعلق بالوقت فحسب، بل يتعلق أيضًا بنوعية الوقت. إن قضاء ساعات على هذه المنصات دون هدف محدد يمكن أن يضر بتركيزنا وإنتاجيتنا وقدرتنا على تحقيق أهدافنا طويلة المدى.

وللحد من هذا الإلهاء المحتمل، من الضروري تنفيذ استراتيجيات إدارة الوقت ووضع حدود واضحة لمقدار الوقت الذي تقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن لأدوات مثل الموقتات وتطبيقات تتبع الوقت وإعدادات الإشعارات المخصصة أن تساعد في إنشاء الانضباط الشخصي.

يعد القلق والاكتئاب من بين حالات الصحة العقلية الأكثر شيوعًا المرتبطة بالاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي. السبب الرئيسي يكمن في الميل الطبيعي للمستخدمين لمقارنة حياتهم بحياة الآخرين. إن الحياة التي يتم تصويرها على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي غالبًا ما يتم تزيينها وتصفيتها، يمكن أن تخلق تصورًا خاطئًا للواقع. هذه المقارنة المستمرة يمكن أن تؤدي إلى مشاعر عدم الرضا والغيرة وانخفاض احترام الذات.

لقد وجدت دراسة أجراها باحثون أن المراهقين الذين يقضون أكثر من ثلاث ساعات يوميا على وسائل التواصل الاجتماعي لديهم خطر متزايد للإصابة بأعراض الاكتئاب. إن الإفراط في استخدام هذه المنصات يمكن أن يعطل النوم، ويزيد من الشعور بالوحدة ويضعف التركيز، مما يساهم في مشاكل الصحة العقلية.

أحد مفاتيح الاستخدام المسؤول لوسائل التواصل الاجتماعي هو الوعي بالتأثير الذي يمكن أن تحدثه أفعالنا عبر الإنترنت. في كثير من الأحيان، يقع المستخدمون في شرك وسائل التواصل الاجتماعي، فيتبادلون المعلومات بشكل متهور دون التفكير في العواقب. يمكن أن تنتشر المعلومات الخاطئة بسرعة، مما يؤثر على تصورات الآخرين ويساهم في انتشار الأخبار المزيفة.

ولتعزيز الاستخدام المسؤول، من الضروري التحقق من موثوقية المعلومات قبل مشاركتها. يمكن أن يساعد التحقق من الحقائق والبحث الشامل في منع انتشار المعلومات الخاطئة، وبالتالي المساهمة في خلق بيئة أكثر جدارة بالثقة والمصداقية عبر الإنترنت.

بالإضافة إلى ذلك، من الضروري احترام خصوصية الآخرين عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. في كثير من الأحيان، يتم الكشف عن معلومات شخصية حساسة دون التفكير في العواقب. يجب أن يدرك المستخدمون أن أي شيء يشاركونه عبر الإنترنت قد يكون متاحًا للعامة ويؤثر على حياتهم الشخصية والمهنية.

من الضروري أن يستخدم الأفراد وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة مدروسة ومتوازنة، مع وضع حدود للاستخدام والبقاء على دراية بالتأثير على وقتهم ورفاهيتهم. ويمكن للحكومات والمنظمات أيضًا أن تلعب دورًا من خلال توفير التعليم حول الاستخدام المسؤول للإنترنت والعمل على تقليل عدم المساواة في الوصول إلى التكنولوجيا.

0 التعليقات: