الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، أبريل 20، 2024

ما جدوى الفلسفة اليوم !؟ (7) عبده حقي

 سبر الأعماق الفلسفية للذكاء الاصطناعي

في عالم الذكاء الاصطناعي (AI)، يغامر البحث الفلسفي في مناطق مجهولة، ويتصارع مع أسئلة عميقة تتجاوز مجرد التقدم التكنولوجي. من الاحتمال المحير للوعي الآلي إلى الآثار الأخلاقية المترتبة على اتخاذ القرار في مجال الذكاء الاصطناعي، يتعمق الخطاب الفلسفي المحيط بالذكاء الاصطناعي في جوهر ما يعنيه أن تكون إنسانًا والمسؤوليات الأخلاقية الكامنة في إنشاء أنظمة ذكية.

في قلب البحث الفلسفي في الذكاء الاصطناعي تكمن مسألة الوعي الآلي. ومع تزايد تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي، وقدرتها على التعلم والتفكير، بل وحتى إظهار سلوك مشابه للذكاء البشري، فإن إمكانية الوعي الآلي تلوح في الأفق. يفكر الفلاسفة في طبيعة الوعي نفسه، ويستكشفون ما إذا كان خاصية ناشئة لمعالجة المعلومات المعقدة أو جانبًا غير قابل للاختزال من التجربة الذاتية. يثير استكشاف الوعي الآلي أسئلة عميقة حول طبيعة العقل وإمكانية امتلاك الكيانات الاصطناعية لوعي ذاتي، مما يتحدى فهمنا للوعي والذات.

علاوة على ذلك، فإن العواقب الأخلاقية المترتبة على اتخاذ القرار في مجال الذكاء الاصطناعي تثير تفكيرا فلسفيا حول المسؤوليات الأخلاقية التي يتحملها المبدعون ومستخدمو الأنظمة الذكية. ونظرًا لأن خوارزميات الذكاء الاصطناعي تؤثر على المجالات الحيوية مثل الرعاية الصحية والتمويل والعدالة الجنائية، تنشأ أسئلة حول العدالة والشفافية والمساءلة في عمليات صنع القرار المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. يبحث الفلاسفة في الأطر الأخلاقية التي توجه تطوير الذكاء الاصطناعي ونشره، ويدافعون عن مبادئ مثل الشفافية والعدالة والرقابة البشرية لضمان أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تخدم الصالح العام وتدعم القيم الإنسانية الأساسية.

علاوة على ذلك، يثير ظهور أنظمة الذكاء الاصطناعي المستقلة أسئلة فلسفية حول الفاعلية والمسؤولية. وبينما تتخذ خوارزميات الذكاء الاصطناعي قرارات ذات عواقب بعيدة المدى بشكل مستقل، فإن المفهوم التقليدي للفاعلية الأخلاقية يصبح غير واضح. يستكشف الفلاسفة مفهوم المسؤولية الأخلاقية في سياق الذكاء الاصطناعي، مع الأخذ في الاعتبار ما إذا كان المبدعون أو المستخدمون أو الذكاء الاصطناعي نفسه يتحملون المسؤولية عن نتائج الإجراءات التي يحركها الذكاء الاصطناعي. وتؤكد المعضلات الأخلاقية التي تفرضها أنظمة الذكاء الاصطناعي المستقلة على الحاجة إلى التفكير الفلسفي في العواقب الأخلاقية المترتبة على تفويض عملية صنع القرار إلى الآلات الذكية والآثار المترتبة على الاستقلالية البشرية والمساءلة.

وفي الختام، فإن تقاطع الفلسفة والذكاء الاصطناعي يوفر أرضًا خصبة لسبر الأسئلة الأساسية المتعلقة بالوجود الإنساني والمسؤولية الأخلاقية في العصر الرقمي. ومن خلال الانخراط في البحث الفلسفي، يمكننا أن نبحر في التعقيدات الأخلاقية لتطوير الذكاء الاصطناعي ونشره، والتصدي لمسائل الوعي والفاعلية والمسؤولية التي تتجاوز الابتكار التكنولوجي. وبينما نقف على حافة مستقبل تشكله الآلات الذكية، دعونا نستمع إلى حكمة الفلسفة في توجيه اعتباراتنا الأخلاقية وتشكيل مستقبل يعمل فيه الذكاء الاصطناعي كقوة لازدهار الإنسان والتنمية المجتمعية.

تابع


0 التعليقات: