160
عبر الممرات المتعرجة والغرف المخفية، كنت أتجول، مع كل انعطاف
والتفاف، كان كل مدخل بمثابة عتبة لوجه جديد من نفسي. لقد واجهت
الشياطين المدفونة منذ فترة طويلة، وواجهت المخاوف التي جعلتني
أسيرًا، واحتضنت الحقائق التي ظلت بعيدة المنال.
161
في أعماق المنزل المهجور، وجدت شظايا مني متناثرة مثل كنوز
منسية، تنتظر استخراجها واستعادتها. مع كل اكتشاف، كنت أجمع أحجية وجودي، وأشق
طريقًا نحو الكمال والفهم.
وعندما خرجت من أعماق المنزل المهجور، مغتسلًا في ضوء الوحي
المكتشف حديثًا، حملت معي مفتاح تحريري - رمزًا للرحلة التي قادتني إلى منزلي.
162
في قاعات المكتبة المقدسة، وجدت نفسي ضائعًا، ليس بالمعنى
المادي، بل بالميتافيزيقي. كانت الرفوف شاهقة فوقي، وكل واحدة منها كانت بمثابة
نصب تذكاري للحكمة، وشهادة على قوة المعرفة. لم تكن مجرد رفوف، بل بوابات، كل كتاب
مدخل إلى عالم مختلف، وزمن مختلف، وواقع مختلف.
163
كان كل كتاب بمثابة مغامرة تنتظر الشروع فيها، رحلة تنتظر القيام بها. لم تكن الصفحات مجرد ورق، بل كانت خرائط ترشدني عبر متاهة التجربة الإنسانية. كل كلمة كانت خطوة، كل جملة طريق، كل فقرة طريق، كل فصل رحلة.
164
لم تكن المكتبة مجرد مبنى، بل كونًا، كل رف مجرة، كل كتاب نجم،
كل صفحة كوكب. لقد كنت رائد فضاء، أستكشف الكون، كتابًا تلو الآخر. لم يكن الصمت
فراغًا، بل امتلاءً، سيمفونية من الأفكار والأفكار والأحلام والاحتمالات.
165
لم أكن مجرد قارئ، بل مسافرًا، متجولًا، باحثًا. كان كل كتاب
عبارة عن مسعى، وتحدي، ولغز يجب حله. لم تكن الكلمات مجرد حبر، بل سحرا، كل حرف ، كل كلمة ، كل جملة
تعويذة، كل فقرة ، كل فصل طقوس.
166
في المكتبة، لم أقرأ فحسب، بل عشت. كان كل كتاب بمثابة حياة،
عمرًا، عصرًا. لم أكن مجرد شخص، بل جموعًا وفيلقًا وحشدًا. كنت بطلاً، وشريرًا،
وملكًا، وفقيرًا، وقديسًا، وخاطئًا، ومحبًا، ومقاتلًا، وحالمًا، وفاعلًا.
167
في المكتبة، ضائعH بين
رفوف الحكمة، كل كتاب هو مدخل للمغامرة. ولكن عندما فقدت نفسي، وجدتها. لقد وجدت شجاعتي، وفضولي،
وتعاطفي، وإبداعي. لقد وجدت صوتي، ورؤيتي، وفضيلتي، وحيويتي.
168
في المكتبة لم أكن مجرد زائر، بل كنت مقيما، مواطنا، مقيما. لم أكن مجرد متفرج، بل مشاركا ولاعبا ومؤديا. لم أكن مجرد مراقب، بل خالقًا وصانعًا وبانيًا.
169
في المكتبة، لم أكن حيًا فحسب، بل حيًا أيضًا. لم يكن كل كتاب
مجرد قصة، بل كان حياة، وعالمًا، وكونًا. وفي كل كون وجدت قطعة من نفسي، قطعة من
روحي، وشرارة من روحي.
170
في المكتبة، ضائعة بين رفوف الحكمة، كل كتاب هو مدخل للمغامرة.
ولكن عندما فقدت نفسي، وجدتها . وفي العثور عليها، وجدت العالم.
171
ينشق الهواء، وتنهيدة تفلت من الأرض نفسها. إنه يحمل رائحة
الوعود المحروقة، ونكهة الخيانة اللاذعة. يدي، المتصلبتين من ثقل الكلمات غير
المنطوقة، تنخل في الحطام. تلمع شظايا الأحلام تحت الضوء المتكسر، وكل منها عبارة
عن ذكرى خشنة تهدد باختراق الهدنة الهشة التي تتشكل بداخلي.
172
عبر الهوة، صدى متردد لتلك التنهيدة. إنه يلتوي، ويتحول إلى
اسم، وهو اسم لم أعد أجرؤ على التحدث به بصوت عالٍ. إنه معلق ثقيلًا في الهواء،
جسرًا طيفيًا يتوق إلى عبوره. لكن المسافة بيننا متاهة منسوجة من خيوط الشك. كل
خطوة إلى الأمام هي رقصة محفوفة بالمخاطر، والأرض تتحرك تحت قدمي مع كل نداء همس
به.
173
يمتد الصمت، كيانًا حيًا يضغط على صدري. إنه صمت مليء بأشباح
ما كنا عليه، وهو تذكير مخيف بالجحيم الذي اجتاحنا. ومع ذلك، من الجمر، وميض من
الدفء. ذبيحة مترددة، جسر مؤقت مبني من خيوط الغفران الخيطية.
174
أمد يدي، وهي ترتعش على الهاوية. تخطف الريح أنفاسي، وجوقة من
القلق تهمس بتحذيراتها. لكن الصمت على الجانب الآخر يصم الآذان، ويطالب بملء
الفراغ. مع رجفة تمتد على طول ذراعي، تركت أطراف أصابعي تلامس الخصلة غير المرئية.
175
تسري في داخلي هزة من الكهرباء، شرارة تشعل الأمل الخامل.
مترددًا، تقدمت للأمام، الصمت كان سيمفونية من الصلوات غير المعلنة. تمثل كل خطوة
تحديًا لخطورة ماضينا، وقفزة إيمانية نحو المجهول.
176
يلمع الهواء، مما يشوه الشكل على الجانب الآخر. إنه شبح، من
نسج حنيني، مغطى بدخان الندم. لكن عندما أقترب من المسافة، تترسَّب الصورة. هناك،
محفور بخطوط الحزن، الوجه الذي عرفته ذات يوم، وجه يعكس الحطام الذي بداخلي.
177
الدموع، مثل الزجاج المنصهر، تنهمر على خدي. إنها دموع حزن على
ما فقدناه، ودموع أمل هشة للغاية وتهدد بالتحطم عند أدنى لمسة. ولكن في داخلهم،
هناك وميض لشيء آخر - توق يائس إلى الغفران، ونداء صامت لمستقبل غير مكتوب بعد.
0 التعليقات:
إرسال تعليق