الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، يوليو 25، 2024

تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الكتاب المغاربة: عبده حقي


لعبت منصات التواصل الاجتماعي دورًا مهمًا للغاية في إعادة تشكيل المشهد الأدبي حيث صار يستخدم الكتاب والكاتبات المغاربة هذه المنصات بشكل متزايد وبوتيرة متسارعة لمشاركة أعمالهم والتواصل مع القراء وزملائهم الكتاب.

لقد وفرت منصات التواصل الاجتماعي وعلى الخصوص فيسبوك للكتاب المغاربة فرصًا غير مسبوقة ورقيا للوصول إلى جمهور أوسع. تاريخيا، كان الأدب المغربي غالبًا ما يقتصر على القراء المحليين ويواجه متاريس جمة للاعتراف على المستوى المحلي والعربي. ومع ذلك، فقد سمح ظهور وسائل التواصل الاجتماعي للكتاب تجاوز حراس البوابة التقليديين مثل الناشرين والنقاد والإعلاميين الساهرين على الملاحق الثقافية. من خلال مشاركة أعمالهم مباشرة مع متابعيهم من الأصدقاء القراء إذ أصبح يمكن للكتاب الحصول على ردود فعل وتعليقات فورية وبناء قاعدة جماهيرية وفية.

يتميز الأدب المغربي على مواقع التواصل الاجتماعي بتنوع أصواته بين الكاتبات والكتاب الرواد والشباب فقد أصبحت هذه الجسور الرقمية أداة حاسمة للرقي بأصوات الكتاب من مرجعيات جيلية مختلفة . على سبيل المثال، أصبحت منصات مثل إنستغرام شائعة لعرض أعمال الكاتبات والشاعرات، اللواتي يواجهن غالبًا تحديات أكبر في اكتساب الاعتراف في الدوائر الأدبية التقليدية. من خلال توفير مساحة للأصوات المتنوعة، تساعد وسائل التواصل الاجتماعي في إضفاء الطابع الديمقراطي على المشهد الأدبي المغربي.

كما أدت الطبيعة التفاعلية لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي إلى تحول في بنية النص الأدبي. حيث يجرب الكتاب المغاربة أشكالاً جديدة من السرود الشعرية والقصصية والشذرية التي تستفيد من إمكانات الوسائط المتعددة كالروابط التشعبية. على سبيل المثال، يستخدم الكتاب قصص إنستغرام وتيك توك لإنشاء سرديات متسلسلة، ودمج النص بالصور ومقاطع الفيديو. وعلى نحو مماثل، ألهم الحد الأقصى لعدد الأحرف في منصة إكس "تويتر سابقا" إنشاء القصص القصيرة، مما شكل تحدى للكتاب لنشر مقاطع شعرية وقصص قصيرة جدا في بضع تغريدات فقط.

وعلى الرغم من فوائدها العديدة، فإن تعاظم دور وسائل التواصل الاجتماعي أصبح يفرض أيضًا تحديات على الكتاب المغاربة. فالوتيرة السريعة لاستهلاك المحتوى يمكن أن تجعل من الصعب على الكتاب جذب انتباه القراء في كل لحظة وحين . بالإضافة إلى ذلك، فإن الشعور بالضغط لإنتاج المحتوى بشكل متكرر يمكن أن يكون سلبيا، مما قد يؤثر على جمالية وجودة العمل الأدبي. وعلاوة على ذلك، يمكن للطبيعة التجارية لمنصات التواصل الاجتماعي في بعض الأحيان إعطاء الأولوية للمحتوى الأكثر إثارة أو جاذبية على نطاق واسع، مما يجعل من الصعب على الأعمال الأدبية الأكثر دقة أو تجريبية اكتساب رؤية جمالية ونقدية بليغة.

ومما لا شك فيه أن منصات التواصل الاجتماعي قد غيرت المشهد الأدبي للكتاب المغاربة. فمن خلال توفير جسور جديدة لمشاركة العمل الأدبي خلافا للصفحات الورقية قبل ربع قرن، وتشجيع الابتكار، تساعد هذه المنصات في الارتقاء بالأدب المغربي إلى آفاق جديدة وهو ما بات يصطلح عليه ب"الأدب الرقمي". ومع ذلك، يتعين على الكتاب أيضًا أن يتغلبوا على التحديات التي تفرضها الطبيعة السريعة والتجارية لوسائل التواصل الاجتماعي. ومع استمرار الكتاب المغاربة في التكيف مع هذا العصر الرقمي، فإن التفاعل بين التقاليد والابتكار سيشكل بلا شك مستقبل الأدب المغربي.

0 التعليقات: