فعالية استراتيجية المغرب التنموية في الصحراء أتت بثمارها : عبده حقي

لقد اتسمت استراتيجية المغرب فيما يتصل بصراع الصحراء بمزيج من المشاركة الدبلوماسية والتنمية الاقتصادية والتحالفات الاستراتيجية، مما أدى إلى تحقيق مكاسب كبيرة في السنوات الأخيرة. وتشير التقارير الإعلامية الألمانية إلى أن منهج المغرب قد نجح في تعزيز موقفه وحشد دعم دولي متزايد.

إن أحد العناصر الرئيسية في استراتيجية المغرب هو مخطط الحكم الذاتي التي اقترحها الملك محمد السادس في عام 2007، والتي تقدم حكماً ذاتياً للشعب الصحراوي تحت السيادة المغربية. وكانت هذه الخطة تشكل محوراً أساسياً للجهود الدبلوماسية المغربية، واكتسبت زخماً باعتبارها حلاً واقعياً وعملياً للنزاع الطويل الأمد. ويتناقض الاقتراح بشكل حاد مع مطلب جبهة البوليساريو بدولة مستقلة، والذي ناضل من أجل الحصول على دعم دولي واسع النطاق.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، انتهج المغرب سياسة خارجية استباقية، مستفيدًا من شراكاته الاستراتيجية، وخاصة مع القوى الغربية الرئيسية مثل الولايات المتحدة وفرنسا. وكان اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء في عام 2020 تحت إدارة ترامب بمثابة إنجاز مهم. وقد اعتُبرت هذه الخطوة بمثابة انتصار دبلوماسي كبير للمغرب، مما أدى إلى عزل جبهة البوليساريو وداعمها الرئيسي الجزائر. كما شجع الاعتراف الأمريكي دولًا أخرى على إعادة النظر في مواقفها بشأن هذه القضية، مما أدى إلى تأثير الدومينو لدعم خطة الحكم الذاتي المغربية.

كما ركز المغرب على التنمية الاقتصادية في المنطقة، حيث استثمر بكثافة في البنية الأساسية والطاقة والخدمات الاجتماعية. وتهدف هذه الاستثمارات إلى تحسين مستويات معيشة السكان المحليين وإبراز فوائد البقاء تحت السيادة المغربية. ومن خلال دمج الصحراء في إطارها الاقتصادي الوطني، تسعى المغرب إلى ترسيخ مطالباتها بالمنطقة وتقويض رواية البوليساريو حول التهميش والإهمال.

وبالإضافة إلى الاستراتيجيات الاقتصادية والدبلوماسية، عملت المغرب أيضًا على توسيع نفوذها في أفريقيا وأميركا اللاتينية والعالم العربي. وكانت إعادة دمج المغرب في الاتحاد الأفريقي في عام 2017، بعد غياب دام 33 عامًا، خطوة استراتيجية سمحت له بالتعامل بشكل أكثر مباشرة مع الدول الأفريقية بشأن قضية الصحراء. ومنذ ذلك الحين، نجح المغرب في تأمين دعم العديد من الدول الأفريقية لخطته للحكم الذاتي، مما أدى إلى عزل جبهة البوليساريو بشكل أكبر داخل الاتحاد الأفريقي.

يعكس الموقف الألماني المتطور بشأن قضية الصحراء الغربية هذه التغييرات الأوسع في المواقف الدولية. فبعد أن انتقدت ألمانيا في البداية موقف المغرب، تحولت نحو منهج أكثر براجماتية، مدركة أهمية الحفاظ على علاقات ثنائية قوية مع المغرب، وخاصة في سياق الهجرة والأمن والتعاون الاقتصادي. وقد تميز التحسن في العلاقات المغربية الألمانية باستئناف العلاقات الدبلوماسية بعد فترة وجيزة من التوتر في عام 2021. ويُنظر إلى هذا التغيير في موقف ألمانيا على أنه اعتراف بنفوذ المغرب المتزايد وفعالية استراتيجيته.

وفي الختام، نستطيع أن نقول إن الاستراتيجية المتعددة الجوانب التي تبناها المغرب في التعامل مع قضية الصحراء ــ والتي تجمع بين الجهود الدبلوماسية والتنمية الاقتصادية والتحالفات الاستراتيجية ــ عززت موقفه إلى حد كبير. ويعكس الدعم الدولي المتزايد لخطة الحكم الذاتي التي تبناها المغرب، بما في ذلك من جانب الدول الأوروبية الكبرى مثل ألمانيا، نجاح هذا النهج. ورغم أن الصراع لا يزال بعيداً عن الحل، فإن استراتيجية المغرب أثمرت بلا شك، مما عزز موقفه في المفاوضات الجارية والجيوسياسية الإقليمية.

Posted in: مقالات نقد