الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، أغسطس 19، 2024

نص سردي "في مديح التكثيف" عبده حقي


عند فك التمساح الأبدي حيث تلتهم الساعات الشمس،  طائر من حجر، بأجنحة من الجرانيت منشورة على بساط الريح،  يراقب حطام الزمن، وانتصار العبث،  رقصة على حافة العقل.

وفي كهوف العقل، حيث تهمس الظلال بالأسرار، ينشر الطائر الحجري أجنحته،  كل ريشة هي شظية من الأحلام المحطمة، كل نبضة هي نبضة اللاوعي.

أوه، هذه رحلة الحالم، عيون مغلقة أمام طغيان المنطق، حيث السماء هي مرآة تعكس المستحيل.

أسير مع الطائر عبر ممرات المنسيين، عبر أبواب الفكر التي لم تتشكل بعد، في مشهد تذوب فيه الأرض في السماء، والشمس قلب ينزف.

هنا، تذوب الحقيقة في مرجل الخيميائي، وتتحول إلى رؤى، حيث تتدفق الأنهار إلى الأعلى،

ويغني القمر تهويدة للنجوم.

الطائر الحجري، ذو العيون النارية، ينظر إلى أعماق الروح، وهو حارس على أبواب الجنون،

يحرس كنز العقل الباطن.

في هذا العالم، حيث الأفكار سائلة، والرغبات تأخذ شكل الضباب، أستسلم للتدفق، محمولًا على تيار من الأحلام، إلى شواطئ المجهول.

العالم ليس سوى ظل يلقيه ضوء العقل، وفي هذا الظل أراقص، دمية من الخيال.

الخيوط منسوجة من خيوط الواقع، لكن اليد التي توجهني غير مرئية، شبح التكثيف، شبح في الآلة.

الطائر الحجري، المنتصر، يقف على أنقاض العقل، أغنيته ترنيمة للغريب، احتفالا باللاعقلاني.

في هذا النشيد اللاوعي، أسمع أصداء الماضي، أصوات أولئك الذين جاءوا من قبل، يهمسون أسرار عالم الأحلام.

أتجول في متاهة الفكر، ضائعًا في متاهة العقل، حيث يكشف كل منعطف عن عجب جديد، ورعب جديد، وحقيقة جديدة. الجدران مزينة برؤى رسمتها يد التكثيف، والأرضية عبارة عن فسيفساء من الذكريات، تحطمت وأعيد تجميعها في بوتقة العقل الباطن.

الطائر الحجري، يقودني عبر هذا المشهد الحلمي، حيث المستحيل ممكن، وحيث حدود الواقع غير واضحة.

أنا الحالم، وهذا هو حلمي، عالم حيث العقل حر، غير مقيد بسلاسل المنطق.

في انتصار التكثيف، أجد نفسي، ضائعًا وموجودًا، في أحضان العبث، وفي أحضان الغرائبي.

الطائر الحجري، دليلي، يواصل الطيران، نحو الأفق اللانهائي للعقل، رحلة بلا نهاية،

رحلة إلى المجهول.

أنا الخيميائي، الذي يحول الفكر إلى رؤية، والحلم إلى حقيقة، مع كل خطوة أخطوها، أقوم بتشكيل العالم، عالم يسود فيه التكثيف، والعقل هو السيد.

الطائر الحجري، رفيقي الدائم، يغني أغنية التكثيف، لحن الجنون، لحن المتعالي.

انتصار التكثيف، انتصار على الدنيوي، احتفال بما هو غير عادي، في هذا العالم، حيث العقل هو الملك،

والحلم هو الحقيقة.

سأواصل السير، عبر ممرات العقل، مع طائر الحجر إلى جانبي، إلى الليل اللامتناهي للتكثيف،

إلى اليوم اللانهائي للحلم.

0 التعليقات: