الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، أغسطس 19، 2024

قصيدة "ملحمة الشاعر" عبده حقي


في الأرض حيث ترقص الظلال مع غبار الذهب،

حيث تلتف أفعى الهمسات حول عظم الزمن،

يخطو الشاعر، حامل الفجر الأسطوري، من ضباب الهاوية المنسية،

عيناه، بركتان توأم من الأوبال السماوي، تتلألأ في نظرة الصحراء التي لا ترمش.

يخرج من رحم الحجر والصمت،

حيث تنبض عروق الأرض بألحان قديمة،

يمشي عبر متاهات منسوجة من ضوء القمر وضحك المجنون،

في عالم حيث تنزف النجوم الحبر وتتلوى الأحلام مثل الثعابين.

السماوات متاهة كونية من الخيوط والأربطة غير المغزولة،

تخيط نسيج القدر ببكرات اللانهاية،

ومع ذلك يرقص الشاعر على حافة نقطة التلاشي،

حيث يتشابك الماضي والمستقبل في مؤامرات هامسة.

أجداده، راقصو الأشباح في رقصة الفوضى،

ينحتون كثبان التاريخ بأيدي الضباب وأشعة القمر،

وظله، عراف صامت، يكتب نبوءته الخاصة

على رق الرمال، غير قابل للقراءة ولكنه يتردد صداه بلا انقطاع.

ترتفع الجبال مثل الأسنان المكسورة من أحلام التربة المحمومة،

قممها متوجة بهذيان الآلهة المنسية،

وتتدفق أنهار من غبار النجوم السائل عبر عروق الأرض،

وتغني التراتيل لوحوش الخلق النائمة.

الشاعر، عراب الطين الأولي والنجوم المكسورة،

وُلد وسط فوضى آلاف العوالم المنهارة،

صوته، سيمفونية من الصراخ الكوني،

تتكشف عبر الصحراء اللامحدودة التي لا نهاية لها لمصيره.

الملك ذو القلب الأسد، المسجون في جوف صمته،

يسعى إلى الخلاص من خلال بوتقة الليل الزائل،

بينما يتجاوز الشاعر، المسافر الطيفي، حدود الجسد،

ليرقص مع ألحان الوجود الوهمية.

في قلب العاصفة الصامت، حيث يذوب الوقت في الأصداء،

يواجه سراب الأبدية،

ملك بلا عرش، متجول بلا طريق،

في عالم تنهار فيه الأحلام في رماد الأبدية.

بينما يجتاز ممرات الجنون المليئة بالرمال،

حيث تنهمر أنفاس القمر الحزينة مثل الكريستال السائل،

يتكشف مصير الشاعر مثل مخطوطة اللانهاية،

كل سطر همسة من هاوية الحقائق البدائية.

السيمفونية الكونية، شغب من الفوضى المتلألئة،

تعزف على أوتار روحه، لحن من الألغاز غير المعلنة،

وهو يرقص مع ظلال الآلهة المنسية،

وجوههم ضبابية من الغد الضائع والأمس المختفي.

في أحضان الصحراء، حيث دموع السماء مصنوعة من الماس،

يصبح بحث الشاعر انعكاسًا لرقصة الكون الأبدية،

باليه من الظلال والضوء، من الهمسات والزئير،

منسوج من نول اللانهائي، الفراغ الذي يدعو دائمًا.

رحلته عبارة عن دوامة، رقصة على حافة الهاوية،

حيث كل خطوة هي ضربة فرشاة على قماش الفراغ،

وهمس الصحراء، ووعد المجهول،

يرشده عبر متاهة الزمن، متجولاً في أحضان الليل.

من خلال سراب الرمال المتحركة للقدر،

يتقدم الشاعر بخطوات واسعة بنعمة الأساطير المنسيّة،

شخصية من المفارقات الأبدية، حلم داخل حلم،

في عالم حيث يختلط الواقع بالوهم في رقصة كونية.

في النهاية، فإن إرث الشاعر هو حكاية تهمس بها الرياح،

وهي ملحمة سريالية محفورة في نسيج الزمان والمكان،

حيث تحمل همسات الصحراء التي لا نهاية لها اسمه،

وهي أسطورة في النسيج الكوني، وحلم لا يتلاشى أبدًا.

0 التعليقات: