تروم هذه الترجمة عرض كرونولوجيا تاريخية لولادة وتطور الإنترنت «internet» والشبكة العنكبوتية «web» والكتاب الإلكتروني «Ebook»، منذ سنة 1968 إلى وقتنا الحاضر، وبالتالي نهدف من خلالها إلى التتبّع الدقيق واقتفاء أثر تقدم هذه الوسائط الحديثة عاماً بعد عام، بل لحظة بعد أخرى على مدى أربعين سنة... كيف انبثقت الفكرة في رحم الحاسوب؟ وكيف كبرت؟ وما هو الوازع الفكري والعلمي والإنساني خلف إطلاقها؟
من دون شك أن اختراع الإنترنت يعد أعظم ثورة علمية ووسائطية عرفتها الإنسانية في العصرالحديث، بما أحدثه من ردم للحواجز المادية والفكرية بين المجتمعات البشرية، وعمله في الغاية الأولى على جعل المعلومة رهن إشارتنا، بل إننا نجدها تحوطنا من كل جانب كيفما كانت الخلفيات الأيديولوجية والسياسية والعقائدية لهذه المعلومة والجهات أواللوبيات المروِّجة لها، والسند الذي ركبته لتجوب العالم الرقمي بسرعة البرق... لكن يبقى الأساس هو توافرها في أقرب وقت بحمولتها الثمينة، إذ كنا نجد عناء ومشقة في العثور عليها قبل عشرين سنة، بل كنا - نحن الباحثين والإعلاميين - نجبر على السفر الطويل من أجلها في ربوع المكتبات العربية والعالمية، وكنا أيضاً نلتقطها عبر الهاتف أوالفاكس أوالنسخ بالماسح الضوئي.
من جانب آخر، يبقى أيضاً من بين أهداف هذه الترجمة تصحيح بعض المصطلحات والمفاهيم المغلوطة والملتبسة في أذهان جل رواد الإنترنت، إذ غالباً ما نلاحظ خلطاً واضحاً في أذهان الكثيرين بين الإنترنت والويب وبين الكتاب المنسوخ بالماسح الضوئي والكتاب الإلكتروني.
ماري لوبيرMARIE LE BERT أستاذة باحثة وصحفية تهتم بمجال تكنولوجيا الكتاب ووسائل الميديا ودراسة اللغات، أصدرت سنة 2008 كتاب «التكنولوجيا في خدمة الكتاب للجميع» وهو إصدار مترجم أيضاً إلى الإنجليزية، كما أصدرت «تحولات الكتاب» بالفرنسية سنة 2007 وكتاب «010101» بالفرنسية سنة 2003 وجميع هذه الكتب نشرها «NET» للدراسات الفرنسية في جامعة تورانتوبكندا.
في مقدمتها لهذا الكتاب المهم والقيم لم تنسَ أن تهدي الكاتبة ماري لوبير ثمرة هذا الكتاب إلى جميع الأشخاص الذين ساعدوها وتفضَّلوا بالرد على أسئلتها على مدى عشر سنوات في كل من أوربا وأمريكا وآسيا وإفريقيا، وتجدد شكرها لتكرمهم بوقتهم وتعاونهم معها.
كما تشير الكاتبة إلى أن هذا الكتاب يرتكز أيضاً على آلاف الساعات من الإبحار في شبكة الإنترنت لمدة عشر سنوات تقريباً ومئات الحوارات مع أشخاص مهتمين بالمحور عبر جميع أنحاء العالم.
في محور «تحولات الكتاب منذ 1971» تشير الكاتبة إلى أن عمرالكتاب الورقي يبلغ زهاء خمسة قرون، فيما لا يتعدى عمر الكتاب الإلكتروني أربع سنوات، ويمكن التأريخ لولادة الكتاب الإلكتروني مع مشروع غوتنبرغ الذي انطلق منذ سنة 1971، والفضل يعود فيه إلى مايكل هارت Michael Hart الذي كان يهدف أساساً إلى نشر وتوزيع بعض الأعمال الأدبية والفكرية العامة بشكل واسع ومجاني. لكن كان يجب انتظار ظهور الويب والمتصفح الشبكي الأول في بداية التسعينيات، حيث يمكن أن نقول إن مشروع غوتنبرغ قد عثر أخيراً على سرعته المطلوبة للانتشار والالتقاء بالقرّاء في جميع أنحاء المعمورة.
أما عن أول المشاريع التي أرَّخ لها النشر الإلكتروني فإنه حين كان مايكل هارت طالباً في جامعة «إلينوا»، فقد حصل على بعض الملايين من الدولارات من مشروع «زمن الآلة» في المختبر المعلوماتي (Materials Research Lab) في الرابع من شهر يوليو من سنة 1979، وهو اليوم نفسه الذي يصادف احتفالات الولايات المتحدة الأمريكية بعيدها الوطني، حيث قام ورقن مايكل هارت على الحاسوب وثيقة «إعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية الموقع سنة 1776» بحروف كبيرة (Majuscules) لأن الحروف الصغيرة لم تكن متوافرة في لوحة الآلة آنذاك. لقد تطلبت منه كتابة هذا الإعلان زهاء خمسة كيلوأوكتي kilo - octets غير أن إرسال ملف من حجم 5 أوكتي إلى نحو مائة شخص دفعة واحدة على الشبكة في تلك الفترة تعرض للفشل بسبب صغرحجم النطاق الترددي، وبالتالي فقد عمّم رسالة أخرى تشير إلى نقطة تخزين النص من دون رابط تشعبي بما إن الإنترنت لم يكن متاحاً وقتئذ ولم يخترع إلا بعد عشرين سنة من هذا الحدث، حيث تمكن ستة أشخاص فقط من تحميل ذلك النص.
بعد ذلك حدد مايكل هارت في سنة 1998 مهمة مشروع غوتنبرغ قائلاً: «إننا نعتبر الكتاب الإلكتروني وسيطاً جديداً لا علاقة له بالورق... إن ما يجمع السندين معاً هو أنهما ينشران الأعمال نفسها، غير أنني لا أفهم كيف يمكن للورق أن ينافس النشر الإلكتروني في الوقت الذي أصبح القرّاء فيه متعودين على السند الجديد, خصوصاً الطلبة منهم» وبعد أن قام مايكل هارت برقمنة وثيقة إعلان الاستقلال الأمريكي سنة 1971، تابع أيضاً جهوده وقام برقمنة إعلان الحقوق الأمريكية، ويضم هذا الإعلان التعديلات العشر الأولى التي أضيفت سنة 1789 إلى دستور الولايات المتحدة الأمريكية لسنة 1787 الذي يحدد حقوق المواطنين والسلطات المخولة للحكومات الفيدرالية، وفي سنة 1973 قام أحد المتطوعين برقمنة الدستور في نسخة كاملة.
وفي شهر أغسطس 1989 وضع مشروع غوتنبرغ على الأونلاين النص العاشر «The King James Bible» الذي نشر لأول مرة سنة 1611، والذي توجد نسخة منه مشهورة جداً تعود إلى سنة 1769.
ولقد حدد مشروع غوتنبرغ خطة عمل واضحة، وذلك أولاً برقمنة كتاب كل شهر في سنة 1991، ثم كتابين في الشهر في سنة 1992، ثم انتقل إلى أربعة كتب في الشهر سنة 1993، وأخيراً ارتفع رقم الرقمنة إلى ثمانية كتب في الشهر سنة 1994.
وفي يناير من سنة 1994 احتفى مشروع غوتنبرغ ببلوغه الكتاب المائة المنشور على الأونلاين، فتصاعد إنتاج الكتب رقمياً بمعدل ثماني كتب في الشهر ثم ستة عشر كتاباً سنة 1995 ثم اثنان وثلاثين كتاباً في الشهر سنة 1996.
وكما نلاحظ، فقد تضاعف الإنتاج من سنة إلى أخرى من 1991 إلى 1996 كما استمر مايكل هارت في رقمنة العشرات من الكتب عن طريق تكليف المئات من المحررين الشباب المتطوعين. ومنذ سنة 1993 ارتبط مشروع غوتنبرغ بثلاثة مجالات كتابية هي:
أ- أعمال خاصة بالكتاب المقدس وأعمال أدبية مشهورة مثل أعمال «شكسبير» أو رواية «موبيديك».
ب- أدب خاص بالترفيه كـ«إليس في بلاد العجائب» أو حكايات Aesop Rogetصs.
ج ــ كتــــب المــــصــــادر والمراجـــع ويـــتعـــلق الأمر بالموسوعات والقــــواميس، علـــى سبـــيل المـــثال «Thesaurus».
ويمكن القول إن مايكل هارت قد حقق المشروع الذي راهن عليه منذ 1971 بالنظر إلى التقدم اللافت والمدهش في عملية قراءة وتصحيح مئات الآلاف من الصفحات، لكن منجزات مشروع غوتنبرغ لا تتعلق بهذه الأرقام فحسب، وإنما بتأثير المشروع أيضاً في حركية النشر.
فإذا كان مشروع غوتنبرغ هو أول موقع للمعلومات على الإنترنت وأول مكتبة رقمية، فإنه قد ألهم أيضاً مكتبات رقمية أخرى مع مرور السنين مثل مشروع مكتبة الآداب الاسكندنافية أومشروع مكتبة «Gutenberg-DE» للآداب الألمانية وغيرها من المشاريع الأخرى.
وعلى الرغم من هذه الإنجازات فقد ظلت البنية الإدارية والمالية للمشروع محدودة للغاية، كانت العملة أوالقاعدة التي يقوم عليها المشروع هي «Less is more» أي «تحقيق الكثير بالقليل»، وكان مايكل هارت يلح دائماً على ضرورة وضع إطار للعمل يكون مرناً أكثر، ولذلك كان يترك روح المبادرة للمتطوعين والمتعاونين، ويترك الباب مفتوحاً للأفكار الجديدة، وكان هدفه الأساسي هو ضمان الاستمرارية للمشروع مع استقلال عن القروض وعن الأولويات الثقافية والمالية والسياسية الملحة وقتئذ، كان الهدف هو تجنب الضغط المحتمل للسلطة والمال واحترام المتعاونين الذين تحمسوا لأعمالهم التي دامت سنوات عدة، بل أجيالاً عدة، وبالتالي أهمية النشر الرقمي الذي سيخلد أسماءهم لقرون عديدة في المستقبل.
كانت مواكبة هذا العمل الضخم تتم بواسطة رسائل أسبوعية وشهرية وعن طريق المنتديات في مواقع الويكي wikis والمدونات.
خصصت المساعدات المالية لشراء الحواسيب والماسحات الضوئية وإرسال الأقراص المدمجة والمضغوطة CD وDVD إلى كل من كانت لديهم رغبة في الحصول عليها، خصوصاً القرص الخاص بمختارات غوتنبرغ (Best of Gutenberg the) الذي صدر في أغسطس سنة 2003 والذي ضم قرابة 600 كتاب إلكتروني وقرصاً مضغوطاً ثانياً صار متوافراً منذ ديسمبر 2003 وفي جعبته قرابة 94 كتاباً إلكترونياً، وقرصاً مضغوطاً آخر صدر في يوليو 2006 ضم 17000 كتاب إلكتروني.
ومنذ سنة 2005 صارت أقراص CD وDVD متوافرة على شكل صور ISO على البوابة الإلكترونية Bit Torrent وقد كانت هذه الصور قابلة للتحميل من أجل نسخها على الأقراص، وفي سنة 2007 بلغ عدد الكتب الإلكترونية المنشورة على الأقراص التي قام مشروع غوتنبرغ بإرسالها 15 مليون كتاب عن طريق البريد العادي.
وبإيجاز وللحقيقة التاريخية التي قد يتجاهلها البعض فإن مخترع الكتاب الإلكتروني هو مايكل هارت Michael Hart إذا ما قاربنا هذا المصطلح ebook من المستوى الإيتيمولوجي، حيث رقمنة كتاب ورقي بهدف نشره بصيغة ملف إلكتروني fichier électronique.
الويب يدعم الإنترنت
يعتبر فانتان سيرف Vinton Cerf هو الأب الروحي للإنترنت، لأنه هو من اخترع إلى جانب بوب كان Bob Kahn سنة 1974 بروتوكول TCP/IP transmission control protocol/internet protocol باعتباره قاعدة لتبادل كل المعطيات.
لقد تطور الإنترنت منذ سنة 1983، أما الويب فقد تم اختراعه بين سنة 1989 و1990 من طرف «تيم بيرنيرلي Tim Berners - Leeالذي كان يعمل أستاذاً باحثاً بالمركز الأوربي للبحث النووي CERN في جونيف، وفي سنة 1989 وضع «تيم بيرنيرلي» على شبكة الويب بعض الوثائق باستعماله الخاصية التشعبية hypertexte وفي سنة 1990 وضع بشكل نهائي أول «خادم» serveur HTTP الذي تعني hypertext transfert protocol وأول متصفح ويب. ومنذ 1991 أصبحت شبكة الويب إجرائية عملياً، وبالتالي أسهمت في تغيير الإنترنت، وعرفت سنة 1993 الانطلاقة المهمة بفضل المتصفح «موزاييك» Mosaic الذي صار أول متصفح مفتوح للعموم.
بعد 15 عاماً من اختراع الشبكة جاء في مقال لمجلة «وايرد» Wired في عدد أغسطس 2005 أن نصف الويب تجاري، أما ما تبقى فهو يستعمل فقط لتلبية الرغبات الفردية للأشخاص، في ما كان الإنترنت بعد مرور30 سنة على اختراعه يقوم على مقوماته الثلاث، الانتشار والتنوع والتفاعلية، حيث جعلت من استخدامه أمراً تاماً ونهائياً كما جاء في جريدة لوموند في 19 أغسطس 2005.
ظهور الـ E-zines أو المجلات الإلكترونية
في ما يخص المجلات الإلكترونية فقد ظهر أول الإصدارات بشكل مقتضب وقصير ضمن قائمة سنة 1993 من طرف «جون لابوفيتز» John Labovitz وبحروف مختصرة zine أو ماغازين الورقية، هي على العموم فرد واحد أو فريق من الصحفيين، في المقابل فإن «الإي ماغازين» e-zine أو المجلة الإلكترونية تصدر إما بواسطة البريد الإلكتروني أو عن طريق بوابة إلكترونية وهي لا تتضمن وصلات إشهارية، ولا تهدف إلى غاية تجارية ولا إلى شريحة واسعة جدّاً من القراء.
صحافة الأونلاين
يعتبر تطور صحافة الأونلاين أمراً مهماً في سنوات التسعينيات لأنه سبق تاريخياً «الكتاب على الأونلاين» في سنوات الألفين.
في بداية سنوات التسعينيات ظهرت الصحف الإلكترونية الأولى من خلال الخدمات التجارية، مثل «أمريكا أونلاين» America Online» أوكومبيوسيرفس CompuServe.
وبعد ظهور أول متصفح في أواخر سنة 1993 وارتفاع سرعة الويب شرعت بعض المؤسسات الصحفية في طرح نسخها على مواقعها الإلكترونية.
ففي المملكة المتحدة أطلقت كل من صحيفة التايم Times والصانداي تايم Sunday Times موقعاً إلكترونياً موحداً هو «تايم أونلاين» TimesOnline.
في الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت النسخة الإلكترونية لصحيفة «الوول ستريت» Wall Street مؤدى عنها وبلغ عدد الزبناء المنخرطين فيها 100000 سنة 1998.
أما صحيفة «نيويورك تايمز New York Times، فقد فتحت باب الانخراط مجاناً لزبنائها، فيما «الواشنطن بوست Washington Post وضعت الأخبار الجديدة اليومية رهن إشارة القرّاء، كما قام طاقمها بأرشفة عديد من المقالات المدعمة بالصور والصوت والفيديو، وصار اسم «تايم» Time هو اسم موقع مجموعة «تايم ويرنير» Time-Warnerالمسؤولة عن نشر «تايم ماغازين» Time Magazine.
وفي سنة 1992 تم إطلاق «وايرد» Wired أول مجلة إلكترونية متخصصة في الثقافة الشبكية.
أما في فرنسا فقد تم إطلاق موقع خاص بالمجلة السياسية الشهرية «لوموند ديبلوماتيك» Le Monde diplomatique سنة 1995، وذلك في إطار مشروع تجريبي بتعاون مع المؤسسة الوطنية للسمعي البصري (INA) وقد دشّن هذا الموقع بمناسبة منتدى «إيماجينا» Imagina الخاص بموضوع الصور، ووضع هذا الموقع كل المقالات رهن إشارة القراء منذ يناير 1994 اعتماداً على المرجع التاريخي واعتماداً أيضاً على المواضيع والدول، وصارت كل مواضيع العدد الشهري بالمجان لمدة أسبوعين كما فتح منتدى للنقاش للزوار في موقع المجلة.
وفي نهاية سنة 1995 أطلقت صحيفة «ليبيراسيون Libération» اليومية بدايتها الإلكترونية بعد إطلاقها في وقت سابق لكتيب دفاتر الملتيميديا وهو دفتر ورقي أسبوعي ضمن عدد يوم الخميس.
الويب أوسع أنسيكلوبيديا
في سنة 2002 قررت مؤسسة «ماساسوسيت للتكنولوجيا (Massachusetts Institute of Technology) التي تعرف اختصاراً بـMIT نشر دروسها على الأون لاين، عبر ولوج حر ومجاني بهدف نشرالمعرفة، من جهتها وضعت المكتبة العامة للعلوم مجلاتها على الأونلاين، وفيما يخص «ويكيبيديا Wikipédia فقد دشنت موقعها منذ سنة 2001 وذلك بإطلاقها لأنسيكلوبيديا مؤلفة بشكل جماعي.
جاء إطلاق ويكيبيديا من طرف آلاف من المتطوعين مع إمكان تصحيح وإغناء المقالات وتحيينها، ثم ظهرت بعد ذلك موسوعات أخرى مثل «سيتيزنديوم» Citizendiu و«أنسيكلوبيديا أولايف» Encyclopedia of Life إنتاجات جديدة في حلة رقمية.
منذ سنة 2003 شرعت الكتب الرقمية تحتل مكانتها شيئاً فشيئاً إلى جانب الكتب المطبوعة... كتب إلكترونية بصيغة «بي دي إف» PDF بالنسبة
لـ «أدوب رايدر Adobe Reader» وLIT بالنسبة لـ«ميكروسوفت رايدر» Microsoft Reader و PRC بالنسبة لـ«موبيبوكيت رايدر» Mobipocket Reader وOeB بالنسبة للعديد من أقراص برمجيات القراءة.
عديد من الكتب التي حققت رواجاً فائقاً بيعت أيضاً في نسخ رقمية على موقع «أمازون دوت كوم» Amazon.com، وقد وزعت «نوميلوغ» Numilog وهي مؤسسة خاصة بصناعة وتوزيع الكتاب الإلكتروني زهاء 3500 كتاب رقمي باللغتين الفرنسية والإنجليزية، أما مؤسسة «موبيبوكت»، فقد وزعت زهاء 6000 كتاب رقمي عديد من اللغات، سواء على موقعها الخاص أو عبر مكتبات شريكة لها، وبلغ عدد الكتب الرقمية في كاتالوغ Palm Digital 10000 عنوان.
البذور الإبداعية الأدبية الأولى على الإنترنت
في سنة 1997 أطلقت الشاعرة والفنانة التشكيلية الفرنسية «سيلفين أرابو» Silvaine Arabo أول موقع إلكتروني فرنكفوني خصصته لكثير من قصائدها وقصائد غيرها من الشعراء، في تصريح لها يعود إلى سنة 1998 قالت سيلفين أرابو: «أنا شاعرة ورسامة وأستاذة لمادة الآداب وفي جعبتي 13 ديواناً وأعمالاً أخرى عديدة في مجال الفن التشكيلي، وفيما يخص تجربتي في النشر عبر الويب أعترف بأنني عصامية لم أتلق أي تكوين خاص... فقد خطرت لدي فكرة إنشاء موقع إلكتروني أدبي يتمحورحول الشعر، إن الإنترنت في رأيي هو وسيط حر ومتميز لتبادل الأفكار والاهتمامات المختلفة، ومن جهة أخرى، فإنه قد أسهم في ربط العلاقات مع شعراء آخرين... كما يمكنه أن يسهم في تحفيز الإبداعية وحث الشعراء على الانخراط فيه ماداموا يعلمون أن الزوّار سوف يقرأون أعمالهم ويتواصلون معهم. إنني لا أرى في الإنترنت سوى وسيط إيجابي ومفيد لانتشار الشعر، سواء بالنسبة للشعراء أو القراء المولعون به».
وسرعان ما تطور موقع الشاعرة «سيلفين أرابو» من موقع يحمل اسم «أشعار الأمس أشعار اليوم» إلى مجلة إلكترونية، وبعد أربع سنوات، أي في مارس 2001 أنشأت «سيلفين أرابو» مجلة ورقية تحمل اسم Saraswati وهي أيضاً مجلة خاصة بالشعر والتشكيل والفكر، ويمكن اعتبار هذه المجلة الورقية مجلة متكاملة مع الموقع الإلكتروني «شعراء الأمس شعراء اليوم».
قصص على الإنترنت
يعود الفضل في هذا الموضوع إلى «نيقولا» Nicolas و«سوزان بيوني» Suzanne Pewny هذان الكاتبان صاحبا دار للنشر خاصة بالروايات البوليسية والآداب والصور وكتب الفن... إلخ، قرر نيقولا هذا الانخراط في أعمال غير ربحية من أجل الترويج لكتاب وأدباء غير معروفين مثل «ريموند غوديفروا» Raymond Godefroy الكاتب القروي المحبط الذي لم يعثرعلى دار للنشر لطبع رواياته. وقبل سنة 2000 بادر «نيقولا بيوني» إلى نشر أعمال ريموند على موقعه «شوكاس» Choucas وبإخراج مثير وجذاب أيضاً.
في سنة 1997 ألف «لوسي دوبوتي» Lucie de Boutiny رواية بعنوان «لا» NON وهي رواية متعددة الوسائط نشرت في حلقات بواسطة Synesthésie المجلة الإلكترونية للفن المعاصر، ثم ظهرت بعد ذلك روايات رقمية أخرى لـ«آن سيسيل» Anne-Cécile، وهي عبارة عن قصة طويلة يمكن قراءتها في جميع الاتجاهات.
رواية المايل (البريد الإلكتروني)
أول رواية عالمية تشكل متنها عبر رسائل البريد الإلكتروني ورأت النور كانت سنة 2001 من طرف «جون بييربالب» Jean-Pierre Balpe وهو كاتب وباحث ومدير شعبة الميديا المتعددة في جامعة باريس الثامنة، فعلى مدى مائة يوم ما بين 11 أبريل و19 يوليو 2001 نشر يومياً بواسطة البريد الإلكتروني، وكان يوزع رسائله على عائلته وأصدقائه وزملائه ليشاركوه في تطويروإغناء الرواية من خلال إجاباتهم.
مواقع الميديا المتعددة
القاعدة الأساسية للويب web تمثل الرابط التشعبي الذي يمكن من ربط كثير من الوثائق والنصوص والصور، لكن رابط الميديا المتعددة يتيح الولوج إلى جداول البيانات وإلى الصور المتحركة والشرائط الصوتية والفيديوهات.
غوغل تهتم بالكتاب الإلكتروني
في أكتوبر 2004 أطلقت شركة غوغل شطرها الأول الخاص ببرنامج «غوغل برانت» Google Print بشراكة مع بعض الناشرين بهدف جعل مقتطفات من الكتب رهن إشارة القراء، وبالتالي تحفيزهم على اقتنائها عن طريق مكتبة الأونلاين.
وفي ديسمبر من سنة 2004 أطلقت شركة غوغل شطرها الأول من برنامج «غوغل برانت» الموجه للكتبيين، وكان الهدف منه هو رقمنة 15 مليون كتاب بدءاً من عديد من المكتبات الجامعية مثل جامعاتHarvard , Stanford, Michigan, Oxford، وفي سنة 2005 طرحت على الأونلاين نسخة «بيتا لغوغل برانت» bêta de Google Print وفي سنة 2005 تم تعليق البرنامج «غوغل برانت» بسبب سوء تفاهم بين شركة غوغل وناشري الكتب حول مسألة حقوق التأليف.
وتحت اسم «غوغل بوك» Google Books عاد مرة أخرى مشروع «غوغل برانت» في أغسطس من سنة 2006، وبالتالي واصلت غوغل رقمنة كتب هذه المكتبات السالفة الذكر، كما طورت الشراكة مع الناشرين سنة 2008، وأخيراً توصَّلت إلى إبرام اتفاق نهائي مع جمعيات الناشرين في سنة 2009.
وفيما كان مشروع غوتنبرغ يواصل طريقه لنشر الكتب العامة والمجانية، وهو المشروع الذي انطلق منذ سنوات خلت، فإن الكتاب الإلكتروني قد بات من الاهتمامات الأساسية من طرف عمالقة الإنترنت، مثل غوغل وياهو وميكروسوفت لسببين رئيسيين هما:
1) اهتمام هذه الشركات بوضع الموروث الثقافي والفكري الإنساني رهن إشارة القراء في جميع أنحاء العالم.
2) الرهان الذي يقدمه النشر الرقمي على مستوى الروابط التجارية المربحة، ولذلك قررت شركة غوغل أن تضع خبرتها في مصلحة الكتاب، ولذلك وضعت نسخة «البيتا لغوغل برانت» سنة 2005.
في أواخر سنة 2006 قامت شركة غوغل بعملية مسح ضوئي لـ3000 كتاب يومياً، أي مليون كتاب في السنة، بسعر30 دولاراً للكتاب الواحد.
وباستثناء المكتبة العامة لنيويورك New York Public Library فإن جميع الكتب التي تمت رقمنتها تعود بالأساس إلى جامعات هافاروستانفورد وميشيغن وأوكسفورد وكاليفورنيا وفيرجني وويسكونسان وماديسون وكومبلوتانس وكومبلتانس دومادريد. ثم بعد ذلك انضمت إلى هذا المشروع سنة 2007 مكتبات جامعات «برانستون وتيكساس وكاتالونيا بإسبانيا وبافيير بألمانيا، وفي مايو من سنة 2007 أعلنت غوغل عن انضمام أول مكتبة فرنكفونية وهي مكتبة «لوزان» Lausanne بسويسرا بهدف رقمنة 100000 كتاب باللغة الفرنسية والألمانية والإيطالية، نُشرت ما بين القرن الـ17 والقرن الـ19 وقامت شركة غوغل بعد ذلك بعقد شراكة مع مكتبة بلدية «ليون» Lyon بفرنسا تم توقيعها في يوليو 2008، وكانت الغاية منها رقمنة خمسمائة ألف كتاب.
ولوضع حد لكل النزاعات مع الكتبيين والناشرين أعلنت شركة غوغل مذكرة تفاهم تقوم أساساً على تقاسم عائدات «غوغل بوك» Google Books والولوج اللامشروط إلى الكتب المستنفذة كما ألح الاتفاق على تأدية مبلغ 125 مليون دولار لفائدة نقابة المؤلفين والجمعية الأمريكية للناشرين AAP.
الحوامل المتعددة القراءة
تعددت اليوم حوامل القراءة الإلكترونية، وإذا كانت أمازون قد دشنت حاملها الأول Kindle منذ 2007 فإنه يمكن التأريخ للقراءة الإلكترونية قبل هذا التاريخ بعشر سنوات، حيث تم اختراع الحاسوب المحمول، ثم اختراع المذكرات الإلكترونية agendas électroniques مثل «بسيون» Psion وأيضاً أجهزة «فرانكلان» Franklin.
لقد اخترعت شركة «بالم بيلوت» Palm Pilot سنة 1999، في ما تم اختراع حاسوب الجيب من طرف ميكروسوفت في أبريل سنة 2000 وظهرت فيما بعد الهواتف الذكية الأولى «السمارتفون» smartphones من اختراع «نوكيا Nokia» و«سوني إيريكسون» Sony Ericsson.
وبالموازاة مع هذا التطور انتشرت في الأسواق ألواح خاصة بكتب إلكترونية بعينها مثل «روكيت إيبوك» Rocket eBook و«السوفتوبوك رايدر» SoftBook Reader أو الـ«جيمستارإيبوك» Gemstar eBook، غير أنها لم تعمر طويلاً.
أما أول «سمارتفون» اخترع، فقد كان سنة 2001، ويتعلق الأمر بـ«نوكيا» Nokia 9210 من طرف شركة نوكيا الفنلندية، وهي من أكبر شركات تصنيع الهواتف المحمولة في العالم، وظهر بعده «نوكيا 60» و«سوني إيريكسون» P8000، ثم بعد ذلك نزلت إلى السوق سلسلة «موتورولا» Motorola و«سيمنس» Siemens... كل هذه الموديلات تتيح قراءة الكتب الرقمية على سطيحة «الموبيبوكيت رايدر» الذي يسمى أيضاً «الهاتف الميلتيميديا» téléphone multimédia أو الهاتف المتعدد الوظائف téléphone multifonctions، أو الهاتف الذكي وهو الاسم الشائع حالياً.
يحتوي «السمارتفون» على شاشة ملونة وعلى تطبيق صوتي متنوع وعلى مصورة ومذكرة ومسجل صوتي Dictaphone وقارئ lecteur الكتب الإلكترونية والملفات السمعية البصرية.
في سنة 2004 بلغت نسبة مبيعات الهواتف الذكية السمارتفون 3.7 في المائة، ثم ارتفعت في 2006 إلى 9 في المائة أي ما يناهز90 مليون وحدة على مليار نسمة من السكان في العالم.
الفضاء الشبكي ومجتمع المعلومات
عندما نُشر هذا الكتاب في عام 2009 بدا كأن الفضاء الشبكي طفق يحضر بقوة في مجتمع المعلومات، لكنه في الحقيقة كان سابقاً على نشر هذا الكتاب، ومن هنا يطرح السؤال التالي: كيف نحدد مفهوم الفضاء الشبكي ومجتمع المعلومات؟
يعود إطلاق مفهوم الفضاء الشبكي إلى «وليام جيبسون» William Gibson الذي وُصف هذا الاسم في روايته «نورومانيان» Neuromancien التي ظهرت سنة 1984، على أن مفهوم مجتمع المعلومات ليس مفهوماً جديداً، ويمكن التأريخ له قبل ثلاثين سنة، كما يذكر بذلك «جاك بايوت» Jacques Pataillot مستشار في التسيير في إحدى الشركات.
هذا باختصار موجز لترجمة كتاب «لمحة تاريخية عن الإنترنت والكتاب الإلكتروني» من تأليف الكاتبة الكندية ماري لوبير سنة 2009 والموجود على الرابط:
http://www.etudes-francaises.net/ dossiers/ebook.htm ■
0 التعليقات:
إرسال تعليق