الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، أكتوبر 24، 2024

تقسيم الصحراء المغربية المقترح الذي ترفضه جميع الأطراف : ترجمة عبده حقي


رفضت كل من المغرب وجبهة البوليساريو مقترح ستيفان دي ميستورا بتقسيم الصحراء المغربية إلى منطقتين - واحدة تابعة للمغرب والأخرى مستقلة - مع غضب الرباط من تورط جنوب أفريقيا في هذا الاقتراح الفاشل.

لقد أصبح المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، ستيفان دي ميستورا، في مأزق. فقد رفض المغرب وجبهة البوليساريو اقتراحه لحل أزمة الصحراء المغربية ــ إنشاء دولة صحراوية في مكان منطقة الداخلة ــ وادي الذهب. وإذا لم يتم إحراز أي تقدم في الأشهر الستة المقبلة، فلن يرى دي ميستورا خيارا سوى الاستسلام. بل إن الدبلوماسي شكك في جدوى الجهود التي تبذلها بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء المغربية (مينورسو).

وكانت الرباط على علم بمقترح دي ميستورا للتقسيم منذ أبريل ، كما أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة خلال مؤتمر صحفي عقده في 21 أكتوبرعلى هامش زيارة وزير الخارجية الإستوني. وكان هذا أول رد فعل رسمي منذ عرض دي ميستورا لخطته خلف أبواب مغلقة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 16 أكتوبر.

وفي اجتماع مجلس الأمن، طرح دي ميستورا فكرة "تقسيم" الإقليم. ورفضت الرباط وجبهة البوليساريو الاقتراح. وبعد يومين، أوضح نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق أن الاقتراح ليس "اقتراحًا رسميًا".

وكان المبعوث الأممي قد اقترح "إنشاء دولة مستقلة في الجزء الجنوبي من المنطقة، في حين يتم دمج الباقي في المغرب، الذي سيتم الاعتراف بسيادته دوليا". ووصف بوريطة هذا بأنه "غير مقبول" ورفضه باعتباره "ليس جديدًا". وكرر موقف المغرب الثابت، الذي تأسس في عام 2002 وأكده الملك: "المغرب لا يتفاوض على سيادته على الصحراء أو وحدته الوطنية".

وذهب الوزير المغربي إلى أبعد من ذلك، مضيفا: "لقد أوضح الوفد المغربي لدي ميستورا أن مثل هذه الأفكار مرفوضة وليست مطروحة على الطاولة. المغرب لم ولن يقبل أبدا مثل هذه المقترحات لأنها تتعارض مع الموقف المبدئي للمملكة وموقف كل المغاربة، بأن الصحراء مغربية وجزء لا يتجزأ من التراب المغربي".

وفي إشارة إلى احتمال وجود تأثير خارجي، أشار بوريطة إلى خطة طرحها لأول مرة قبل أكثر من عشرين عاما وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر: "يجب عليه أن يوضح من أين جاءت هذه الفكرة ومن شجعه على اقتراحها علينا في أبريل. هل هذه مبادرته أم أنه استوحاها من أطراف معينة لتقديمها إلينا مرة أخرى؟".

في هذه الأثناء، أعربت جبهة البوليساريو، في بيان رسمي ترأسه إبراهيم غالي، عن "رفضها القاطع لأي "مقترح" أو "مبادرة" لا تضمن تقرير مصير الشعب الصحراوي". وأوضح البيان الظروف التي قدم فيها دي ميستورا خطته لجبهة البوليساريو.

"وأكد الجانب الصحراوي بقوة، خلال اجتماعه يوم 3 أكتوبر، رفضه لأي فكرة أو مقترح، سواء كان التقسيم أو غير ذلك، يقع خارج الإطار القانوني للصراع في الصحراء المغربية ويتعارض مع هدف بعثة المينورسو"، حسب البيان.

قبل زيارته للرباط ، سافر دي ميستورا إلى بريتوريا للقاء وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ، نالدي باندور، التي أعربت عن رغبتها في استكشاف حلول لقضية الصحراء.

وبعد زيارة دي ميستورا إلى جنوب أفريقيا، التي طالما دعمت جبهة البوليساريو إلى جانب الجزائر، أعاد المغرب التأكيد على موقفه الثابت. وحتى الآن، وفي رد على اقتراح دي ميستورا المتجدد بشأن التقسيم، تصر الرباط على أن الحل الوحيد المقبول يظل خطة الحكم الذاتي للصحراء الغربية، التي تدعمها دول بما في ذلك عضوان دائمان في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ــ الولايات المتحدة، ومؤخرا فرنسا. وتزعم السلطات المغربية أنه لا يمكن تحقيق أي تقدم طالما أن وقف إطلاق النار ينتهك من جانب جبهة البوليساريو، ولا تقبل إلا "عملية المائدة المستديرة" الدبلوماسية التي تضم المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو.

وبحسب تصريحات دي ميستورا أمام مجلس الأمن الدولي، ونشرتها الصحافة المغربية، فإن خطة التقسيم المقترحة اعتمدت "على حدود منطقة الصحراء المغربية التي تسيطر عليها موريتانيا في اتفاق مع المغرب بين عامي 1976 و1979".

وهذا يتوافق تقريبًا مع ثلاثة أرباع منطقة الداخلة وادي الذهب الحالية، الخاضعة للتقسيمات الإدارية المغربية. وتؤكد الرباط أن "مبادرة الحكم الذاتي هي نقطة النهاية، وليست نقطة البداية".

وليس من المستغرب أن يسلط دي ميستورا الضوء على هذه النقطة في ملاحظاته الختامية: إن خطة الحكم الذاتي "المكونة من ثلاث صفحات" والتي قدمت إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في عام 2007 "جذبت الاهتمام" و"يبدو أنها تكتسب زخماً على المستوى الثنائي". ووفقاً له، فإن الوثيقة "تخلق توقعاً، وربما حتى حقاً، لفهم أفضل لما تنطوي عليه الخطة".

واختتم دي ميستورا حديثه قائلا: "لقد حان الوقت بالنسبة لي ولجميع الأطراف المعنية لاستكشاف النوايا الملموسة للمغرب"، ملمحًا إلى أنه قد يستقيل إذا لم يتمكن من الإبلاغ عن "تقدم كبير" لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أبريل/نيسان 2025. وتحسبًا لجلسات الأمم المتحدة المقبلة، وإذا استمر الجمود الحالي، اقترح المبعوث أن يعيد الأمين العام للأمم المتحدة تقييم ما إذا كانت بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء المغربية لا تزال قادرة على لعب دور ذي مغزى.

وفي تقريره السنوي الصادر في 17 أكتوبر، أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى أن "التقدم في العملية السياسية لا يزال بعيد المنال على الرغم من الجهود الحثيثة التي يبذلها دي ميستورا". وأكد غوتيريش على "الحاجة الملحة إلى إيجاد حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين يمكّن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره"، وكما يفعل كل عام، أوصى بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء المغربية حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2025. ومن المتوقع أن يجدد مجلس الأمن هذه الولاية في دورته المقرر عقدها في 30 أكتوبر/تشرين الأول.

0 التعليقات: