صدر للروائي عبد العزيز العبدي عن دار رابانيت في الرباط رواية بعنوان «المغتصبة: سيرة فاطمة المسارية»، في حجم متوسط وبـ160 صفحة.تحمل الرواية القارئ في نسيج سردي متميز إلى عوالم قبيلة بني مسارة، في العقد الأخير من القرن الماضي، متناولةً بالرصد والمراقبة التحولات الاجتماعية والسلوكية والقيمية، التي عرفها ساكنة هذه القبيلة، من خلال العينة التي تشكل فضاءها الجغرافي، دوار زومي التابع إداريا إلى إقليم وزان.
الرواية تسترجع حدث محاولة اغتصاب وقتل وحرق مواطنة في أحد الدواوير من طرف شبان مستهترين، لهم علاقات نافذة بأطراف سياسية ومالية، تستعمل نفوذها وتأثيرها على السلطة من أجل تهريب الجناة والزج بأكباش فداء تمت محاكمتهم. ورغم فداحة الجريمة، فقد تم الحكم عليهم بسنوات ضئيلة غير متناسبة مع هول الفاجعة: الاعتداء الجنسي والقتل والحرق.
يعتمد الكاتب مزيجا من تقنيات الكتابة الروائية، التي تجعل متنه يُصنف ضمن الأشكال الروائية التجريبية الحديثة، إذ تنطلق الفصول الأولى بصوت السارد المحايد، إلى حين توريط القارئ في صلب الحكاية، بعدها يسلمه، أي يسلم الروائي قارئه، إلى الشخصيات التي تحدثه كل من زاوية نظرها، لتتطور الأحداث في تمكن بارع لتقنيات الكتابة الروائية متعددة الأصوات (البوليفونية)، ما يدفع القارئ إلى التعاطف اللحظي مع كل شخصية على حدة، بمن فيهم الجناة المحتملون.
يعتمد عبد العزيز العبدي تناولا محايدا للزمن، إذ أن المعروف أن مجريات الرواية تقع أحداثها في منتصف العقد الأخير من القرن الماضي، إلا أنه لا يتقيد بتراتبية أو كرونولوجية الأحداث، في تداخل يجعل من الرواية، بفعل ثيمتها، زراعة القنب الهندي والاعتداء الجنسي، أكثر راهنيةً.
اللافت في أعمال عبد العزيز العبدي، سواء في روايته الأخيرة أو في أعماله السابقة، أنه يعتمد سياسة ترويجية لمؤلفاته، تمتح من تقنيات التسويق الإلكتروني، مقتنعا بأن الكتاب حين يخرج من المطبعة يتحول إلى منتوج اقتصادي، عليه أن يستفيد من كل ممكنات التسويق التجاري، من دعاية واستقطاب وسياسة أسعار وإشهار.
الرواية صرخة ضد اغتصاب الأرض في منطقة بني مسارة، التي مارستها زراعة القنب الهندي، وهي أيضا صرخة لإنصاف المواطنة فاطمة المسارية التي ذهبت ضحية تغول سلطة المال والسياسة بسبب انتشار هذه العشبة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق