الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الجمعة، أبريل 11، 2025

الأحزاب الجزائرية المعارضة المصطنعة، وواقع الحكم الذاتي المغربي: عبده حقي


في الوقت الذي يسارع فيه الجهاز السياسي الجزائري للتعبير عن استيائه من تأكيد الولايات المتحدة دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، تظهر تصدعات وتشققات في واجهة الديمقراطية التعددية في الجزائر.

فقد أصدرت أحزاب مثل تجمع الأمل، والتجمع الوطني الديمقراطي، وجبهة المستقبل بيانات متزامنة تدين موقف واشنطن، لكن ما تعكسه هذه البيانات ليس تعددية سياسية حقيقية، ولا التزامًا مبدئيًا بالقانون الدولي. بل إنها تُبرز نمطًا مُحددًا: خطاب يُردد صدى النظام، مُتنكرًا في صورة فكر سياسي مستقل، في بلدٍ لا تزال فيه المنافسة الديمقراطية الحقيقية مُقيدة بشدة بسلطة الدولة.

على عكس الخطاب المُبالغ فيه عن "الأصوات السيادية" أو "الإدانة الشعبية"، تعمل الأحزاب السياسية الجزائرية إلى حد كبير كامتدادات لسلطة مركزية لا تتسامح مع أي معارضة حقيقية. لا تُشكّل هذه الأحزاب مراكزَ قوةٍ أيديولوجيةٍ مستقلةً أو حيويةً ديمقراطيةً. ولا تنبع برامجها من نضالٍ مدنيٍّ أو استقلالٍ فكريٍّ؛ بل هي مُعدّةٌ لتبرير إيديولوجية الدولة - لا سيما في قضية الصحراء المغربية - ولعزل النظام المدعوم عسكريًا عن التدقيق الدولي. إن تحالفها المُتوقع في إدانة المغرب والولايات المتحدة لا يعكس سوى سياسةٍ حكوميةٍ تسعى إلى اكتساب الشرعية من خلال السخط المُكرّر.

ما تتجاهله هذه الأحزاب عمدًا هو الواقع المُلِحّ الذي يتكشف عبر الحدود في المغرب. فبينما لا تزال الجزائر غارقةً في ركودٍ سياسيٍّ واعتمادٍ اقتصاديٍّ على المحروقات، يُحرز المغرب تقدمًا مُطردًا في كلٍّ من تنميته المحلية ومبادراته الدبلوماسية. إن خطة الحكم الذاتي للصحراء المغربية، بعيدًا عن كونها "انتهاكًا للشرعية الدولية" كما تدّعي الأحزاب الجزائرية، حظيت باعترافٍ دوليٍّ مُتزايدٍ كحلٍّ عمليٍّ ودائم. إن تأييد واشنطن - الذي ليس اندفاعيًا ولا معزولًا - يندرج ضمن توجه عالمي أوسع يُقرّ بمصداقية جهود الرباط لإنهاء صراعٍ مُجمّد في خطاب الحرب الباردة.

يرتكز مقترح المغرب على الواقعية والشمولية واحترام الديناميكيات الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة. وهو يُقدّم مسارًا للسلام يحفظ السيادة مع منح حكم ذاتي ذي معنى - وهو مفهومٌ يتردد صداه في المعايير العالمية للحكم الذاتي في مناطق من غرينلاند إلى كاتالونيا. الخطة ليست سليمة نظريًا فحسب، بل مُطبّقة عمليًا أيضًا: فالاستثمارات العامة الضخمة في البنية التحتية، والطاقة المتجددة، والتعليم، والخدمات الصحية في العيون والداخلة ومدن أخرى في الأقاليم الجنوبية تُظهر التزام المغرب بدمج المنطقة في استراتيجيته التنموية الوطنية.

في المقابل، تتمسك الجزائر بأطروحة إنهاء الاستعمار البالية، بينما تستضيف وتُموّل حركة انفصالية لا يزال حكمها في مخيمات تندوف غامضًا واستبداديًا ومنفصلًا عن المعايير الديمقراطية.

لم تخضع جبهة البوليساريو - التي غالبًا ما تُصوّرها الأحزاب السياسية الجزائرية على أنها الصوت الشرعي الوحيد للصحراويين - قط لعملية انتخابية شفافة خاضعة لإشراف دولي. إنها مفروضة لا منتخبة؛ مُتسامحة معها لا مُختبرة.

ويزداد النفاق عمقًا عندما تستحضر الأحزاب الجزائرية قضية فلسطين كأداة خطابية، متهمةً المغرب بـ"التطبيع مع الصهيونية" وكأن هذا التحول الجيوسياسي يُقوّض التزام الرباط بالقضايا الإنسانية المشروعة. ومع ذلك، لا يمكن للنظام الجزائري - الذي يقمع المعارضة بشكل روتيني، ويسجن الصحفيين، ويخنق المجتمع المدني - أن يدّعي التفوق الأخلاقي في مناصرة حركات التحرر في الخارج بعد أن قضى عليها في الداخل.

والحقيقة هي أن الأحزاب السياسية الجزائرية لا تُمثّل ضميرًا ديمقراطيًا نابضًا بالحياة. إنها مجرد ماكياجات مؤسسية ضمن بنية سياسية جامدة، حيث تُملي الأجهزة العسكرية والاستخباراتية خطوطًا حمراء أيديولوجية. إن معارضتهم للموقف الأمريكي ولخطة الحكم الذاتي المغربية ليست انعكاسًا للإرادة الشعبية، بل هي تضخيم لمخاوف الدولة الجيوسياسية. لا يمكن لهذه الأحزاب أن تدّعي التحدث باسم الشعب الصحراوي، لأنها لا تتحدث حتى باسم شعبها بشكل مستقل.

في هذه الأثناء، يواصل المغرب تعزيز مكاسبه. لم يُضاعف دعم الولايات المتحدة لمبادرة الحكم الذاتي مكانته الدولية، بل عززها. حيث تفتتح المزيد من الدول في أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا اللاتينية قنصليات لها في الصحراء المغربية - ليس كمبادرات رمزية، بل كتأكيدات دبلوماسية على سيادة المغرب واستقراره. لا ينبع هذا المد الدولي المتنامي من الإكراه، بل من الثقة في سياسة قائمة على التنمية والمصالحة والحوكمة الطموحة.

في ضوء ذلك، تبدو احتجاجات الأحزاب الجزائرية جوفاء - ليس فقط لأنها تفتقر إلى الاستقلال، ولكن لأنها تفتقر إلى المصداقية في نظر العالم.

لقد سئمنا أكثر فأكثر من رائحة القمامة الأيديولوجية المتسترة بزي المقاومة. الشرعية الديمقراطية الحقيقية لا تنبع من الشجب أو الشعارات الموروثة، بل من الأداء والرؤية والنتائج.

0 التعليقات: