الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


إعلانات أفقية

الثلاثاء، أكتوبر 28، 2025

ندوة بوجدة في محور سرديات جهة الشرق بين التاريخ والذاكرة والتخييل: إلهام الصنابي :

 


إطار الملتقيات الوطنية للسرديات الجهوية التي يشرف عليها مختبر السرديات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك ، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، نظم ومختبر السرديات وجمعية العلامة الجمالية وبشراكة مع مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة، الملتقى الخامس عشر (15) للسرديات الجهوية بوجدة،  الذي اتخذ شعار" قراءات في السرد بجهة الشرق في محور" التاريخ، الذاكرة المحلية، أسئلة التخييل"، وذلك مساء السبت 25 أكتوبر 2025، بمركز الدراسات،  وتأتي هذه الندوة الوطنية في ، وقد استهلت هذه الندوة بكلمات للجهات المنظمة ألقاها كل من الأستاذ عبد الرحيم بودلال مدير مركز الدراسات والبحوث الإنسانية الذي رحب بكل الجهات الفاعلة، منوها بالجهود المتواصلة للنهوض بالعمل الثقافي بالجهة، وأشار إلى استعداد المركز للدخول في شراكات تهدف إلى التنمية الثقافية لجهة الشرق عموما،  ثم جاءت كلمة الأستاذ محمد اعزيز ممثلا لمختبر السرديات  مبرزا دور التعاون المثمر بين ثلاث مؤسسات جادة تهدف إلى خدمة الفكر والثقافة والإبداع، وفق أسس علمية رصينة، للوقوف على بعض السمات الفنية  والموضوعاتية المميزة للتجارب السردية بجهة الشرق كما هو الشأن بالنسبة للملتقيات السابقة في إطار سيرورة المختبر، كما نوهت كلمة الأستاذ بنيونس بوشعيب باعتباره ممثلا للعلامة الجمالية، بالجهود المبذولة بين الشركاء الثلاث في سبيل تفعيل دور المؤسسات في الخطة الاستراتيجية المغربية في بعدها الثقافي، وهو ما أكدت عليه  الجمعية في أهدافها منذ التأسيس، كما ركز على الرؤية الاستراتيجية للعلامة الجمالية والساعية إلى التركز على المحلي في سبيل  الانفتاح على العالم الخارجي.

بعد ذلك فسح المجال للجلسة النقدية الأولى التي تمحورت حول "التاريخ وأسئلة التخييل الروائي" من تنسيق الأستاذ سالم الفائدة، حيث تحدث الأستاذ مصطفى سلوي عن "بنيات التوالد والتمكين في خماسية محمد مباركي"، وعن الكيفية التي يخيط بها هذا المبدع عالمه الروائي اعتمادا على دلالتي التوالد والتمكين. ومن خلالهما يخلق الروائي جملة من العلاقات التي تسمح له بترصيع كل من التاريخ والذاكرة والتخييل في خيط ناظم واحد، أما مداخلة الأستاذ نور الدين الفيلالي فقد حاولت البحث في " التاريخ والذاكرة المحلية في الرواية بالجهة الشرقية"، انطلاقا من حضور التاريخ في النص الروائي بجهة الشرق، والعلاقة بينهما، وموقف الروائي من التاريخ وطريقة تعامله مع أحداثه، توثيقا وتسريدا وتخييلا، كما بحثت الدراسة عن علاقة الأحداث التاريخية بالذاكرة المحلية، بعدها جاءت ورقة الأستاذ محمد رحو ضمن أدب الأوبئة بعنوان "شكرا كورونا" لحسن عزيماني، بين تأريخ الحاضر وبناء المستقبل"، حيث أرخ المبدع حسن عزماني من خلالها لحدث وباء كورونا القاتل الذي اجتاح العالم، وقدم لنا شهادة حية على هذا العصر ولذلك ظلت هذه الرواية متأرجحة بين الزمن الحاضر والمستقبل ، وقد خلقت الرواية  ذاكرة تاريخية تربط الجيل القادم بماضيه وتاريخه، وسعت إلى إعادة إنتاجه من جديد، فشكلتها تخييليا بالصورة التي تحافظ على فنية الكتابة الروائية، وتناولت  مداخلة الأستاذ عبد الإله مهداد موضوع "الذاكرة السياسية وإعادة تشكيل الهوية في رواية "إذا الشوق همى" ليوسف الطاهري  العلاقة بين الذاكرة السياسية والتحولات الهوياتية في الرواية المغربية، التي تعكس تمثلا للواقع الاجتماعي، وتُعد مجالًا لصراع السرديات، وتوثيقا  لتجارب الهجرة والمنفى والقمع السياسي والرمزي.

أما الجلسة الثانية فقد تمحورت حول "الذات والذاكرة في الرواية" وقام الأستاذ  حسن المزوني بتنسيق موادها، والتي استهلت بمداخلة الأستاذ بنيونس بوشعيب وقد عنونها ب" من "أوراق" لعبد الله العروي إلى الأفيون والذاكرة" ليحيى بزغود: مدخل إلى رواية الذاكرة والأقوال في الأدب المغربي"، مبرزا بواعث الكتابة وطرق اشتغال الروائي لنقل النص من طابعه الوقائعي إلى بعده النصي، وتبرير الحاجة أو الدافع إلى ضرورة الكتابة، فإذا كان في "أوراق" شعيب من يحاول إقناع السارد بالكتابة من أجل معرفة أسباب انتحار إدريس، وتحويل الأوراق إلى نص مكتمل، ففي رواية "الأفيون والذاكرة" السارد هو من يحاول إقناع البطل بالكتابة، أما مداخلة الأستاذ فريد أمعضشو المعنونة ب "اشتغال الذاكرة والمتخيل في رواية "الضحايا لاينتقمون" لمصطفى الحمداوي"، فقد سعت إلى تحليلها عبر تصنيفها ضمن خانة روايات الذاكرة السياسية؛ بالنظر إلى أنها تسلط الضياء على مرحلة من تاريخ المغرب المعاصر، عرفت غليانا واضطرابا سياسيا، لم يكد يسلم من التأثر به سلبا أيٌّ من فئات المجتمع، وركز على تبيان كيفية اشتغال الذاكرة الفردية والمتخيل التي عمد المبدع إلى نسج خيوطها، وبناء مادتها الحكائية؛ بالاستناد إلى فاعلية الذاكرة في الأساس، ـوقد جاءت مداخلة الأستاذة أمال سحمودي بعنوان "من التهميش إلى الاغتراب، صورة المرأة في رواية "بنات الخريف" لمصطفى شعبان"، لتبرز أهمية الأدب باعتباره مرآة تعكس قضايا الإنسان، وخاصة المرأة. من خلال تسليط الضوء على واقعها في ظل التحولات الاجتماعية والثقافية العميقة، والوقوف عند أبرز أشكال التهميش التي تتعرض لها، وبينت تجليات الاغتراب وتجسيده في مختلف الشخصيات النسائية في الرواية، وكيف استطاع الكاتب أن يمنح المرأة صوتا يعبر بعمق عن ألمها الداخلي في مواجهة مجتمع يقيد حضورها، وفي السياق ذاته جاءت مداخلة الأستاذ محمد ماني لتسلط الضوء على موضوع "صورة آدم في متخيل حواء الروائي "زليخة" لسمية البوغافرية نموذجا"، حيث تتبع حضور صورة الرجل في الرواية مبررا أسباب اختيار سمية البوغافرية وتحديد المقصود بالصورة، ثم رصد مختلف صور الرجال في المتن الروائي، كما توصلت الورقة إلى أن الظلم بأشكاله وأنواعه الذي لحق المرأة لم يكن من قبل الرجل فقط، بل كان من قبل المرأة أيضا، وركزت ورقة رشيد الاركو "محكي الانتساب العائلي، قراءة في رواية "ثمة خلل ما" لأمينة برواضي. على مفهوم رئيس هو محكي الانتساب العائلي. مع اقتراح عقدة الابنة بوصفها بؤرة الحكي عند آمنة برواضي في روايتها من جهة، وبوصفها عقدة توضح تمثلات الأم سعيدة للأسرة من جهة أخرى. انطلاقا من علاقات العتبات القرائية السبع بالمتن الروائي المدروس.

أما الجلسة الثالثة فكان محورها "السرد في القصة والإعلام" من تنسيق الأستاذ ناصر ليديم، استهلت بمداخلة الأستاذة إلهام الصنابي عنونتها ب" اشتغال الذاكرة في تشكيل هوية النص القصصي في مجموعة "كلامي الآخر عن..." لميمون حرش" سعت من خلالها  إلى مقاربة موضوع الذاكرة في علاقتها بالتخييل انطلاقا من العتبات الخارجية والداخلية للمجموعة القصصية القصيرة جدا، كما هدفت إلى مقاربة كيفية اشتغال الذاكرة الدينية والأدبية والاجتماعية، في توليد دلالات جديدة مع استحضار أفق التلقي،  مع الوقوف على بعض النماذج النصية وتحليلها وفق آفاق التلقي ومجالات التخييل، وجاءت مداخلة الأستاذ فؤاد عفاني بعنوان "الأدب وتشكيل هوية الطفل.. قراءة في تجارب إبداعية" لتقارب موضوع أدب الطفل من خلال نماذج لكتاب من الجهة الشرقية؛ فتم إلقاء الضوء على طابع التحيز في ديوان "أجنحة وآمال ونجوم" للأستاذ سعيد عبيد، كما تم رصد حضور الخيال والحلم وأثره على العملية الإبداعية عند الحسن بنمونة، ثم ختمت الدراسة بقابلية نصوص عبد الله زروال للتأويل وانفتاحها على تعدد القراءات، أما الأستاذ علي درويش فقد تناول موضوع "صدى الواقع ولغة السرد في "ليل وأسوار" للقاصة ليلى عبدلاوي"، مستهلا دراسته بتأطير القراءة نظريا وبيان مركزية اللغة السردية في تحديد هوية القصة لتميزها عن بقية الأشكال السردية؛ تمّ تأسيس فرضية القراءة بناء على  استنطاق العتبات الشكلية واللغوية؛ تلاه جرد التيمات الأكثر حضورا في نصوص المجموعة وعلاقة ذلك بطبيعة الشخوص الاجتماعية المنكسرة ؛ وأثرها في انتماء المجموعة فنيا الى واقعية تزاوج بين شعرية الخطاب و بساطة الرؤية؛ مما استلزم توظيف لغة  بسيطة في الحوار لا تخلو من تصوير بياني في الوصف، وكانت المداخلة الأخيرة للأستاذة شفيقة العبدلاوي في موضوع "السرد في الإعلام المغربي إذاعة وجدة أنموذجا، باعتباره شكلا من أشكال الخطاب الإعلامي الذي يعرض الأحداث والوقائع من خلال الأجناس الصحفية، باعتماد بنية الحكاية الإعلامية عبر اختيار الزاوية، وترتيب الأحداث وتوظيف اللغة والصورة، كما يسلط الموضوع الضوء على جانب السرد الخاص بالتراث المحلي من خلال مجموعة من المواضيع ذات الصلة بالأدب الشعبي، ما جعلها ترسخ الجانب القيمي والتراثي في برامجها كي تبقى خالدة للأجيال.

عرفت هذه الندوة حضور جمهور نوعي من عالم الكتابة الروائية والقصصية ومن باحثين مهتمين، إضافة إلى عدد مهم من أصدقاء المحافل الثقافية والفكرية الذين نوهوا بهذه الشراكة الفعالة التي تدخل في مجال التنمية الثقافية لجهة الشرق في علاقتها بالتنمية الثقافية المغربية، وضمن الديبلوماسية الثقافة الرامية إلى تأسيس وتوطين فعل ثقافي جاد.

للمراسلة
labonarratologie@gmail.com
مختبر السرديات – الدار البيضاء  المغرب
Laboratoire de Narratologie
Faculté des Lettres et des sciences humaines
Ben M’sik Casablanca - Maroc

0 التعليقات: