الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، أكتوبر 19، 2025

جديد الأدب الرقمي في العالم

 


شهد العالم الأدبي الرقمي اليوم زخماً ملحوظاً من التحولات النوعية على المستويات العربية والإفريقية والعالمية، عكستها مبادرات ومشروعات جديدة تهدف إلى إعادة تعريف الكتابة والنشر في زمن الذكاء الاصطناعي والمنصات التفاعلية.

في العالم العربي، تصدّر المشهد إعلان «المكتبة الرقمية العربية الكبرى» التي يُنتظر إطلاقها عام 2026 بدعم من مركز أبوظبي للغة العربية وشركة Arabookverse، بالشراكة مع منصة «أمازون» للتوزيع الرقمي. المشروع لا يقتصر على رقمنة الكتب، بل يطمح إلى بناء اقتصاد معرفي جديد يحترم حقوق الملكية الفكرية ويمنح الكتّاب العرب حضوراً عالمياً في سوق النشر الإلكتروني. كما افتتحت السعودية مكتبة «إثراء» الرقمية التي تضم أكثر من 350 ألف عنوان، في خطوة تؤشر على تحول الثقافة العربية نحو القراءة عبر الشاشات بدل الورق.

أما في إفريقيا، فقد أعادت التقارير الثقافية طرح سؤال العدالة المعرفية داخل القارة، حيث يعاني الكتّاب الأفارقة رغم شهرتهم العالمية من صعوبة وصول كتبهم إلى القرّاء المحليين بسبب ضعف التوزيع وغياب البنية الرقمية. ومع ذلك، بدأت مبادرات النشر الذاتي والكتب الإلكترونية تنتشر في دول عدة، مع ارتفاع نسبة القراءة عبر الهواتف الذكية. هذه التحولات فتحت المجال أمام جيل جديد من الكتّاب الذين يوظفون الوسائط الرقمية للتعبير عن هويتهم المتعددة بلغات محلية وعالمية في آن واحد.

وعلى الصعيد العالمي، يواصل الأدب الرقمي تحطيم الأرقام. ففي الصين وحدها تجاوز عدد مستخدمي المنصات الأدبية الإلكترونية 575 مليوناً سنة 2024، فيما اتسعت القاعدة القرائية خارج البلاد إلى أكثر من 200 دولة. وتشير الدراسات إلى أن القيمة السوقية للأدب الرقمي بلغت نحو 16 مليار دولار هذا العام، مع توقعات بارتفاعها إلى 48 مليار خلال السنوات المقبلة. وتزامناً مع هذا النمو، أطلقت دور نشر أوروبية وأمريكية علامة جديدة تميّز «الكتب المكتوبة بأيدٍ بشرية» عن تلك المنتَجة بالذكاء الاصطناعي، في محاولة لحماية الإبداع الإنساني من الطغيان الآلي.

وهكذا يتضح أن الأدب الرقمي اليوم لم يعد مجرد انتقال من الورق إلى الشاشة، بل هو إعادة صياغة شاملة لعلاقة الكاتب بالقارئ ولماهية النص نفسه. فبينما تسعى المنطقة العربية إلى ترسيخ بنيتها الرقمية الثقافية، تكافح إفريقيا لدمقرطة المعرفة عبر الهواتف الذكية، في حين يدخل العالم مرحلة جديدة من التفاعل بين الإنسان والآلة، حيث تصبح الكلمة الإلكترونية مرآة لعصر متحوّل يكتب ذاته بلغة المستقبل.

0 التعليقات: