الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، أغسطس 17، 2015

قــنـــــــاع

قــنـــــــاع
أنت الآن ما تزال ذلك الطفل الذي كان يتقلب على جمرالسؤال .. كيف تسلل إليكم القناع في تلك الليلة ..؟ أي وجه مخادع كان يحمله ..؟ كيف إنخلعت منه الملامح الأولى المتلفعة في نيران الحرب ..؟ لاشك هي النارإلتهمت وجهه ، فأشفق عليه حفارالقبور وهم ببزاتهم العسكرية وكرموه أخيرا بحفرة على حافة النسيان .

قناع مضرج في دم الخسران .. صدفة وقع بين يديك .. أتعبت نفسك وأتعبته معك في طواحين الأسئلة ...
المهم أن القناع سقط ..
سقط القناع بين يديك صدفة ..
هكذا عثرت عليه بعد أن دحرجه النسيان وجحده الجنود والتاريخ والشعراء .. واستقربه المقام بين سقط المتاع .. في مقبرة آخرحروب القرن العشرين.
إستلمته بدورك .. مسحت عنه أغبرة الفوسفور .. ألفيت ملمسه باردا كجلد ثعبان .. تقنعت به مثل رفاقك ..
وخرجت وحدك ...
ثم وددت لحظة الخروج لوإشتعلت اللعبة من حولك من جديد لتتفرج بدورك على العالم كيف يلفق فيه الكبارالخرائط من وحي شطحات دخان بارودهم ... ولترى من خلال محجريه المعدنيتين كيف كسب المقامرون والسماسرة في القرون الوسطى جزرالفردوس في المحيط الهادئ وجنائن النخل الشرقي من ضربة رند في عجلة الكازينو ..
تمليت القناع طويلا .. يقينا أنه لايشبهك ولايشبه أيا من أجدادك ولا يليق حتى بقسمات مخبولهم ... محجران بسعة عيني روبوت .. الأذنان مصفاة بحجم رادارصغيرللتجسس .. تمليت القناع مرة أخرى مع رفاقك بالتناوب .. من يد ليد .. مسحت تجاعيده اللدائنية .. ألفيت على الهامة جسدا مصلوبا وعلى الصدغ علامة يدان متصافحتان في مكر خبيئ منذ ليل التاريخ ..
لم تدركوا وقتئذ خطورة ما كان الآخرون يصنعون به وهم يطاردون ويرهبون الأطفال الأبرياء في دروب المدينة العتيقة صباح العيد ، لم يدركوا ذلك إلا بعد أن وضعت حربهم الصغرى أوزارها .. حربا قامت واندلع معها القتل حتى خلتم الأشلاء من حولكم نابتة كشجرالصباراليتيم ..
حاصرتكم الجثث من كل جانب .. وأنتم تتخطون عتبتكم الأولى إكتشفتم أن القناع الدخيل الذي سقط بين أيديكم صدفة ما هو إلا سلاح قديم وأعزل ..
قال طفل يلهوفوق شجرة برتقال  :
ـــ وهل يمكن أن يكون السلاح أعزل ياجدي ؟؟
رد الجد دون إكتراث :
ـــ أجل إذا لم يكن معبئا بحزن الأطفال وليس في جوفه سوى رصاصات لأفكار خبيثة.

0 التعليقات: