إذا
كان عليك أن تطرح السؤال لماذا تقرأ ، فهذا يعني أنك لم تفهم شيئًا . إننا نقرأ لأننا
نستطيع ذلك . إذا لم تكن أحد من هؤلاء الأشخاص فأنت على الأرجح لا تقرأ هذا وبالتالي
ليس هناك ما يقال
بعد الآن . بمعنى آخر ، أن فعل القراءة يجيب على
السؤال حول سبب القراءة . ومن المفارقات يبدو أنه يتوجب علينا تشجيع الناس باستمرار
على القراءة . أحيانا تبث محطات الراديو مسابقات بهدف تشجيع الناس على قراءة المزيد
من الروايات . يقوم المساندون الرسميون بدعم الجوائز عن الأعمال الخيالية الأدبية لتشجيع
القراءة . يتم الإعلان عن كتب تشبه الموضة خاصة باليافعين مثل سلسلة هاري بوتر .. يتم
الإعلان عن ذلك بصوت عال وواضح ، حتى لو كانت هذه الكتب في حد ذاتها سيئة .
هذه
الجهود يدعمها الاعتقاد المزدوج بأن القراءة مفيدة وأن هذا يكفي لدحض توجهاتنا
"الطبيعية" بعدم القراءة . لا تكمن المشكلة في أخلاقية اعتقاد مثل هذا ،
ولكن في تناقضها الداخلي . إذا كانت القراءة نشاط إنساني رائع أوهام جدا ، فلماذا نقوم
بالترويج لها بهذه الضراوة والإصرار؟ في مثل هذا السياق إن الجواب عن لماذا يصير لأننا
نقول ذلك . ومثل هذه الحجة لم تقنع أي شخص . بينما ، إذا اعتبرنا أن السؤال لماذا نقرأ
معقولا ومقبولا فعلى الأرجح لأننا نطرح سؤالًا آخر قريبا من هذا السؤال الأخير هو :
هل تستحق الكتب أن تقرأ في شكلها الحالي؟ هل هي مازالت قابلة للحياة ؟ هل مازالت
لها مردودية ؟ هل تمنحنا القراءة على النت أو الكتب الإلكترونية تجربة أفضل ، أو أسوأ
، أو هي مختلفة فقط عن تلك التي تتعلق بأربعة قرون من الطباعة الورقية ؟ هل الكتب المخطوطة
بين دفتي غلاف صلب ستستمر في الحياة ؟ أم أنها سيبقى فقط كسند ذي قيمة فنية ؟
إن
الحجج التي يمكن التذرع بها للإجابة على كل هذه الأسئلة هي ،في معظمها حجج عقيمة .
بقدر ما تتنازل على الفور في عدة نقاط من النقاش . قد تكون تجربة قراءة كتاب بشكله
المادي أفضل من الناحية الجمالية من قراءته على لوحة كيندل Kindle
أو أيباد iPad . النموذج
الاقتصادي لعملية النشر الذي هو مزيج من تسابق جدي مع الاتجاهات والسحر الأسود يحتاج
إلى مراجعة . ومع ذلك حتى في التنازل عن كل
هذه النقاط ، فإننا لن نذهب إلى أبعد من ذلك.
لماذا
؟ لأن مقدار الوقت اللازم لحل المشكلة طويل جدًا وقصير جدًا في نفس الوقت . طويل جدًا
، لأن الإجابة تكمن خارج أي فترة في حياة البشرية ؛ وقصيرة للغاية ، لأن القوى الأكبر
للوجود الإنساني تدور لفترة أطول من عقود بل وحتى قرون . حتى النقاش يعطي الانطباع
بأنه يعود إلى التاريخ القديم .
لا
يمكن إغلاق النقاش لأن حدوده تتجاوز أي قانون . ليس فقط أننا لا نعرف ما سيكون عليه
مستقبل الكتاب ، بل لأنه لا يمكننا معرفة ذلك . قد نستطيع في أحسن الأحوال فقط رسم
حدود لما يمكننا فهمه ، ثم وضع فرضيات حول ما يمكن أو ينبغي أن يكون خارج هذه الحدود
. والسؤال الجدير بالاهتمام هو: هل يتغير البشر عندما يخسرون يفقدون أو يفوزون أو كلاهما
معا ، لكن هل يتغيرون مع تغير عادات القراءة لدينا ؟ إن الكتابة هي شكل من أشكال الإبداع
والخلق ، بالمعنى الواسع لمصطلح poesis أي
الإبداع بالمعنى الإغريقي القديم ، حتى لو كان يتكون فقط من العمل المفاهيمي أو السرد
. هناك سبب وجيه للقراءة هو ببساطة أن إنسانا ما قد أنشأ عملا مكتوبا هو الإبداع poesis المطبوع
. يتطلب فعل الإبداع اهتمامنا ، مثلما مطالبة شخص غريب في الشارع ، حتى لو تبين
أن هذا الطلب غير صحيح أو مزعج . يتطور البشر في عالم خطابي ، ويخلقون إمكانات خطابية
جديدة ، وربما حتى العمل من الكلمات أشياء جديدة وفريدة بكل وعي وهو عمل شاق. فلنعد
له كرامته بالقراءة .
الكتابة
هي في نفس الوقت الفعل الأكثر ثقة والأكثر يأسا الذي يمكن للإنسان يتمتع بالعقلانية
أن يقوم به بشكل واع . إنها محاولة وعي للانضمام إلى وعي آخر عن طريق استنباط غريب
وسحري ، وهي تجربة عادية ولكنها غامضة لسماع أصوات كلمات شخص آخر في رأسه .
Pourquoi lire des œuvres littéraires à l’ère du numérique? par MARK KINGWELL
0 التعليقات:
إرسال تعليق