الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


إعلانات أفقية

الجمعة، يونيو 07، 2019

لماذا قراءة الأعمال الأدبية في عصر الرقمية ؟ مارك كانغويل ترجمة عبده حقي


إذا كان عليك أن تطرح السؤال لماذا تقرأ ، فهذا يعني أنك لم تفهم شيئًا . إننا نقرأ لأننا نستطيع ذلك . إذا لم تكن أحد من هؤلاء الأشخاص فأنت على الأرجح لا تقرأ هذا وبالتالي ليس هناك ما يقال
بعد الآن . بمعنى آخر ، أن فعل القراءة يجيب على السؤال حول سبب القراءة . ومن المفارقات يبدو أنه يتوجب علينا تشجيع الناس باستمرار على القراءة . أحيانا تبث محطات الراديو مسابقات بهدف تشجيع الناس على قراءة المزيد من الروايات . يقوم المساندون الرسميون بدعم الجوائز عن الأعمال الخيالية الأدبية لتشجيع القراءة . يتم الإعلان عن كتب تشبه الموضة خاصة باليافعين مثل سلسلة هاري بوتر .. يتم الإعلان عن ذلك بصوت عال وواضح ، حتى لو كانت هذه الكتب في حد ذاتها سيئة .
هذه الجهود يدعمها الاعتقاد المزدوج بأن القراءة مفيدة وأن هذا يكفي لدحض توجهاتنا "الطبيعية" بعدم القراءة . لا تكمن المشكلة في أخلاقية اعتقاد مثل هذا ، ولكن في تناقضها الداخلي . إذا كانت القراءة نشاط إنساني رائع أوهام جدا ، فلماذا نقوم بالترويج لها بهذه الضراوة والإصرار؟ في مثل هذا السياق إن الجواب عن لماذا يصير لأننا نقول ذلك . ومثل هذه الحجة لم تقنع أي شخص . بينما ، إذا اعتبرنا أن السؤال لماذا نقرأ معقولا ومقبولا فعلى الأرجح لأننا نطرح سؤالًا آخر قريبا من هذا السؤال الأخير هو : هل تستحق الكتب أن تقرأ في شكلها الحالي؟ هل هي مازالت قابلة للحياة ؟ هل مازالت لها مردودية ؟ هل تمنحنا القراءة على النت أو الكتب الإلكترونية تجربة أفضل ، أو أسوأ ، أو هي مختلفة فقط عن تلك التي تتعلق بأربعة قرون من الطباعة الورقية ؟ هل الكتب المخطوطة بين دفتي غلاف صلب ستستمر في الحياة ؟ أم أنها سيبقى فقط كسند ذي قيمة فنية  ؟
إن الحجج التي يمكن التذرع بها للإجابة على كل هذه الأسئلة هي ،في معظمها حجج عقيمة . بقدر ما تتنازل على الفور في عدة نقاط من النقاش . قد تكون تجربة قراءة كتاب بشكله المادي أفضل من الناحية الجمالية من قراءته على لوحة كيندل Kindle أو أيباد iPad . النموذج الاقتصادي لعملية النشر الذي هو مزيج من تسابق جدي مع الاتجاهات والسحر الأسود يحتاج إلى مراجعة  . ومع ذلك حتى في التنازل عن كل هذه النقاط ، فإننا لن نذهب إلى أبعد من ذلك.
لماذا ؟ لأن مقدار الوقت اللازم لحل المشكلة طويل جدًا وقصير جدًا في نفس الوقت . طويل جدًا ، لأن الإجابة تكمن خارج أي فترة في حياة البشرية ؛ وقصيرة للغاية ، لأن القوى الأكبر للوجود الإنساني تدور لفترة أطول من عقود بل وحتى قرون . حتى النقاش يعطي الانطباع بأنه يعود إلى التاريخ القديم .
لا يمكن إغلاق النقاش لأن حدوده تتجاوز أي قانون . ليس فقط أننا لا نعرف ما سيكون عليه مستقبل الكتاب ، بل لأنه لا يمكننا معرفة ذلك . قد نستطيع في أحسن الأحوال فقط رسم حدود لما يمكننا فهمه ، ثم وضع فرضيات حول ما يمكن أو ينبغي أن يكون خارج هذه الحدود . والسؤال الجدير بالاهتمام هو: هل يتغير البشر عندما يخسرون يفقدون أو يفوزون أو كلاهما معا ، لكن هل يتغيرون مع تغير عادات القراءة لدينا ؟ إن الكتابة هي شكل من أشكال الإبداع والخلق ، بالمعنى الواسع لمصطلح poesis أي الإبداع بالمعنى الإغريقي القديم ، حتى لو كان يتكون فقط من العمل المفاهيمي أو السرد . هناك سبب وجيه للقراءة هو ببساطة أن إنسانا ما قد أنشأ عملا مكتوبا هو الإبداع poesis  المطبوع  . يتطلب فعل الإبداع اهتمامنا ، مثلما مطالبة شخص غريب في الشارع ، حتى لو تبين أن هذا الطلب غير صحيح أو مزعج . يتطور البشر في عالم خطابي ، ويخلقون إمكانات خطابية جديدة ، وربما حتى العمل من الكلمات أشياء جديدة وفريدة بكل وعي وهو عمل شاق. فلنعد له كرامته بالقراءة .
الكتابة هي في نفس الوقت الفعل الأكثر ثقة والأكثر يأسا الذي يمكن للإنسان يتمتع بالعقلانية أن يقوم به بشكل واع . إنها محاولة وعي للانضمام إلى وعي آخر عن طريق استنباط غريب وسحري ، وهي تجربة عادية ولكنها غامضة لسماع أصوات كلمات شخص آخر في رأسه .
Pourquoi lire des œuvres littéraires à l’ère du numérique? par MARK KINGWELL



0 التعليقات: