الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، أكتوبر 03، 2020

الصحافة وواقع اللايقين عبده حقي

منذ عدة شهور تسبب فيروس كوفيد 19 في تعطيل المنظومة الاقتصادية الصحافية بشكل تام. ولمواجهة هذه الأزمة حاولت مجالس الصحافة في جل دول العالم رصد تداعيات هذه الأزمة الصحية وكيف تمكن الوباء من التشكيك في مستقبل كثير من القطاعات الإنتاجية وبشكل خاص مهنة الصحافة؟

إننا نعيش في الواقع فترة قلق شديد جدا مما أدى إلى ظهور رغبة كبيرة لدى الفئات الاجتماعية في التزود بالمعلومات وتفاقم رؤية صعبة وأحيانًا قاسية للعمل الذي يقوم به الصحفيون. في الأيام الأولى من محاولة احتواء الوباء تم نشر تعليقات وآراء الخبراء الذين قدموا معلومات متضاربة في غالب الأحيان : هل سيكون هناك دواء معجزة لعلاج فيروس كورونا أم سيصير وباءً عالميًا بخطورة غير مسبوقة ؟ ولقد باتت الشكوك التي تولدت عن هذه التناقضات هي المحور الرئيسي على شبكات التواصل الاجتماعي مثل عديد من نظريات المؤامرة فيما جزء كبير من الرأي العام حمل وسائل الإعلام المسؤولية عن هذا الوضع المتذبذب.

لقد أصبح الإعلام بمختلف دعاماته في زمن اللايقين مما أدى إلى طرح أسئلة على الذات وعلى الصحفي بشكل خاص حول جوهر مهنته والتي تتمثل تقليديا في تزويد المواطنين بمعلومات مؤكدة وقادرة على مساعدتهم على الاستمرار في المضي قدمًا في حياتهم اليومية لاتخاذ القرارات. إذن كيف يمكن أن يتصرف الصحفي عندما يكون غير قادر كما في بداية الحجر الصحي على توعية الناس بارتداء الأقنعة أم لا؟ غالبًا ما يكون في مثل هذا السياق موقفه عبارة عن وجهة نظر "المؤيد" أو "الرافض" ثم بعد ذلك يترك للمواطنين اتخاذ القرار المسؤول - هذا ما يسمى في أدبيات الصحافة بآلة صنع الثنائيات. ولكن فيما يتعلق بالصحة العامة فإن هذه العملية في أفضل الأحوال تكون غير فعالة وفي أسوأ الأحوال ضارة. كل هذا يطرح بالتالي أسئلة بالغة الأهمية لمهنة الصحفي ووسائل الإعلام بشكل عام.

يعتقد 50٪ ممن شملهم أحد الاستطلاعات أن المعلومات حول وباء كورونا يتم التعامل معها بطريقة تثير القلق. بالنسبة لـ 43٪ منهم فقد عمل الصحفيون ووسائل الإعلام على تغذية خوفهم من الوباء أكثر مما ساعدوهم في السيطرة عليه ومكافحته. واعتقد 32٪ أنه تم استخدام هذا الخوف فقط للدعاية. في مواجهة هذه الملاحظة أعرب أكثر من مواطن من بين كل اثنين عن رغبته في الحصول على معلومات بناءة تقدم حلولًا لحماية أنفسهم من المرض.

أخيرًا قال 45٪ ممن تم استجوابهم إنهم يتوقعون من الصحفيين ووسائل الإعلام توفير التحقق الواضح من الشائعات والمعلومات المتداولة حول الوباء. تدقيق الحقائق ليس بالأمر الجديد إنه ممارسة اكتسبت قاعدتها منذ عدة سنوات حتى الآن ، لكنها لا تزال ممارسة دقيقة ، خاصة في حالة اللايقين . على سبيل المثال عندما يدلي خبراء ببيانات متناقضة كيف تتحقق من معلوماتهم ؟ ومن هنا تبرز أهمية اتباع التوصيات التي قدمها العديد من الباحثين ومنهم المؤرخ وعالم الاجتماع بيير روزانفالون الذي يؤكد أن المواطن ناضج بما يكفي ليتم التعامل معه بقول "ذلك ، نعلم ، ولكن ذلك" من ناحية أخرى لا نعرف ". إن تقاسم الشكوك والشكوك العلمية على الخصوص أمر معقد جدا بالنسبة للصحفيين ، ولكنه الطريقة الوحيدة لاستعادة ثقة المواطنين في إطار النقاش الصحي.

 


0 التعليقات: