الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، نوفمبر 15، 2020

لماذا فشلت الحكومات الإسلامية العربية ؟ عبده حقي


تعاظم دور الأحزاب الإسلامية في الشارع العربي عندما عبر شبابه الثائر جنبًا إلى جنب مع الليبراليين والعلمانيين والقوى اليسارية والمتأسلمة ومختلف أطياف المجتمع المدني عن سخطهم ضد بعض الأنظمة العربية المستبدة التي استولت على دفة الحكم على ظهور الدبابات وليس عن طريق انتخابات رئاسية شفافة وديموقراطية على غرار النماذج الغربية.

لم تكن الحركات الإسلاموية من بين اللاعبين الرئيسيين عند انطلاق الانتفاضات الشعبية عام 2011 بل جلها انضمت لاحقًا إلى حشود الاحتجاجات . وعندما أثبتت هذه الحركات أنها بالواضح فرصة تاريخية غير مسبوقة للتيارات المعارضة في مختلف دول المنطقة العربية كان الإسلامويون هم الذين استفادوا من ثمرات ذلك الانتفاض الشعبي فيما تراجعت جل الأحزاب الديموقراطية التقليدية إلى خلفية المشهد السياسي المستجد خلال الربيع العربي.

هكذا ذهب الإخوان المسلمون التشكيل الديني الأقدم في العالم العربي الذي تأسس في مصر قبل 90 عامًا والذي استلهمت منه أحزاب إسلامية أخرى مثل النهضة في تونس وحزب العدالة والتنمية في المغرب .. ذهب الإخوان إلى صناديق الاقتراع وتمكنوا من الفوز بالانتخابات كرد فعل على التعطش القديم للشعوب العربية إلى التغيير.

بعد عقود من التهميش أتيحت إذن الفرصة للفاعلين السياسيين الإسلامويين للوصول إلى سدة الحكم. ويبقى السؤال المحوري هنا هو كيف حدث ذلك الإنزال المظلي التاريخي دفعة واحدة في مصر وتونس والمغرب؟ وبعد مرور ثماني سنوات من الممارسة السياسية بدا أن مخاوف الدول الغربية قد تراجعت بشأن المنهجية التي يمكن أن تتجلى بها الأيديولوجية الإسلامية في اختبار التدبير الحكومي المنتظر منذ عقود. غير أن أيا من هذه التشكيلات على الإطلاق دعت إلى التطبيق الصارم والسلفي للشريعة الإسلامية كما هي مسطرة في القرآن الكريم والسنة النبوية وأحاديث الصحابة .

واليوم يبدو أن جميع هذه الأحزاب الإسلامية قد خسرت شعبيتها وفضحتها شعبويتها بشكل كبير. وقد تجلى هذا في استطلاع نشره الباروميتر العربي وقناة بي بي سي عربي والذي جاء فيه أن "الثقة في الأحزاب الإسلامية مثل الإخوان في مصر والنهضة في تونس والعدالة والتنمية في المغرب آخذة في الانكماش والتقهقر إلى معاقلها التقليدية ما قبل الربيع العربي".

فحسب هذا الاستطلاع فقد سجل هذا التراجع في تونس انخفاضًا وصل إلى نسبة 24٪  وفي المغرب بنسبة 70٪. وفي مصر إلى 4٪ .

وليس من المستغرب أن هذه الأحزاب المذكورة قد شهدت تراجعا في شعبيتها لأسباب تعود أساسا لقلة التجربة الحكومية والكفاءة السياسية وفي كثير من الأحيان لأسباب أخلاقية فردية أضرت كثيرا بالصورة النمطية للشخصية الإسلامية في مخيال المواطن العربي والمغربي على الخصوص.

وبالتالي ساءت سمعة هذه الأحزاب في كل المجتمعات العربية حيث جاء تدبيرها الحكومي ضعيفًا ومخيبا للتطلعات الشعبية على الصعيد السوسيو- إقتصادي بشكل عام وبالتالي فقد أظهرت التجربة أن هذه الأحزاب لم يكن لديها برنامج حكومي واضح أو أي مشروع اقتصادي بديل ولم تكن حتى مستعدة للحكم لتنزيل "جنة" برامجها الموعودة على أرض الواقع وتحقيق أحلام الطبقات المسحوقة التي تم التغرير بها في الحملات الانتخابية من خلال الخطاب الديني الأخلاقي الفضفاض.

من هذا الجانب ودون شك أن الإسلامويون قد أخطأوا بالتلويح بموضوع الأخلاق في منهجيتهم وحملاتهم الانتخابية و بدوا مقتنعين بخطابهم الشعبوي التضليلي الذي أكدت التجربة السياسية أنه لم يكن سوى تمويها بهدف الوصول إلى سدة الحكم بعد أن تفجرت عدة فضائح أخلاقية تتنافى مع القيم الإسلامية السامية كالطمع في الترقي البرجوازي والاستفادة من ريع المناصب العليا والخيانات الزوجية ..إلخ فهل سيلدغ الشعب المغربي والعربي عموما من الجحر مرة أخرى في الانتخابات القادمة  ؟

0 التعليقات: