طرحنا هذا السؤال قبل عشر سنوات حول مستقبل النشر الورقي والإلكتروني على عديد من الكاتبات والكتاب فكيف يبدو المشهد اليوم وهل صدقت الرؤية عند البعض فيما خابت تكهنات البعض الآخر .
في علاقة حميمة تجمعني بمكتبة البيت – بيت اهلي - بيني وبينها صداقة قديمة، يشهد عليها الغبار والخمس ليرات التي كانت مكأفاة لمن يترب رفوف الكتب، ويمسح عنها غبارها .
اليوم وقد مرت التكنولوجيا باقدامها ، على ماض نحسب فيه انفسنا عجائز امام هذا التطور الهائل الذي يشهده العالم .
بيني وبين الكتاب حكايات اذكرها إلى يومي هذا،واشتاقها . لهفتي إلى الماضي تعادلها لهفتي إلى ا كتشاف الحاضر . الماضي لايمكن رميه في وديان الذاكرة. كبار العباقرة لا يعرفون الانترنت ولا يجلسون إليه. يعتقدون بان خط اليد سمة من سمات وجودهم.
ما زلت أحتفظ برسائل أبي . كتب لي في بعض منها ، يا فرات :”الخط ظاهرة ذوقية وعقلية “حسني خطك ولا تندفعي في الكتابة ” هذا مر عليه زمن طويل، ولكنني اليوم أشعر بانني انتصرت على احد عيوبي، -وأعتقد هي كثيرة – وها انا اكتب على هذه الشاشة الفضية باي شكل اراه مما يجعل تعرجات خطي تنساب باجمل شكل على صفحات الشاشة العظيمة.
لتبدأ الرحلة بشهقة الجاهل، وفرح ا لعارف .
كيف يحدث هذا ؟
أنا هنا جالسة .أرى الاصدقاء . اتحدث إليهم على الرغم من هذا البعد الجارف فانا في جزيرة ربما هي” واق الواق” او ابعد . ربما هي اقرب للخيال من الخيال ،لكنني بكبسة زر أرى قصائدي معلقة على جدران كيكا أو في صفحات مجلة كتاب الانترنت المغربية ، او في سورية حيث “ألف ” شاهدة على الإنسان. أو جدارية عدن حيث تنساب كفضتها . أو في الحوار المتمدن الذي كان عكاظ قصائدي ،قصائد يكتشفها اصدقاء الفضاء على بعدهم وعلى قربهم
اليوم وقد فتح النشر الاكتروني الباب واسعا عبر هذا الكون الثقافي لنتعرف على اسماء رائعة من المغرب العربي والجزائر وتونس والسعودية واليمن إلى بيروت إلى القاهرة حيث كانت الاسماء تعد على الاصابع لا لقلتها بل لاحتكارها. من بيروت إلى دمشق إلى القاهرة ، وما زالت إلى اليوم هي ذاتها ، تمارس سلطتها الابدية على عرش الصحافة الورقية .
ومع هذا لا أجرؤ على الخيانة :
النشر الألكتروني فتح لي الأبواب واسعة . صارت نصوصي مفتاحا لصداقات جميلة افخر بها واعتز . لكن حنيني إلى الأصفر لا يموت ،إلى بيتنا ،إلى ذكرياتي القديمة. لا يمكن أن انسى لحية ماركس ، ولا الكتب السماوية القديمة ، ولا يمكن أن انسى بدائع الزهور في وقائع الدهور والالياذة وغيرها من الكتب والاوراق الصفراء التي مر عليها العمر وبقيت تحيا بين جدران البيت ، بيتنا.
حنيني الى الورق هو جزء من الحنين إلى البيت الاول ، الحنين إلى اقلام الرصاص ورسائل ابي” حسني خطك يافرات”.
سيبقى للورق طعم ومذاق آخر.هوحنين نبيذ الذاكرة إلى كروم العنب العتيقة .فمهما تطورت صناعة الخمور بزجاجاتها المختلفة الأشكال وألالوان، يبقى نبيذ الخوابي ألذ وأسكر . لذلك تراني في الحنين الدائم إلى الكتاب ، إلى الورق ، بصفرته وبياضه
إلى اقلام الرصاص ،خطوتنا ألاولى في سفر الاولين .
0 التعليقات:
إرسال تعليق