السقوط في جاذبية أعلى يشبه الغوص في هاوية الروح، رحلة إلى الما وراء حيث يتلاشى الكون نفسه. تتشابك الأحلام بالواقع، وتصبح حدود الوعي غير واضحة. إنها رحلة إلى اللاوعي، رقصة العقل حيث يضيع العقل.
الجاذبية الأرضية عبارة عن عبئ نحمله يومًا بعد يوم، لكننا في هذه الجاذبية الأعلى نكون أحرارًا، خفيفين كالريش تحمله الرياح الشتوية . قوانين الفيزياء تنهار، ونحن أسياد مصيرنا.
تصبح رغباتنا شهب،
وتشتعل عواطفنا مثل النيازك السماوية. هناك تتراقص الشهوة مع النقاء، ويندمج
الظلام بالنور، وكل نفس هو قصيدة في حد ذاته.
إنه المكان الذي
يأتي فيه التجريد إلى الحياة مثلما تأتي المواليد، حيث تتحول الأشكال، حيث يصبح
غير الواقعي حقيقيا. تتشابك الكلمات كثعابين أسطورية من نار، لتشكل لحناً مجهولاً،
سيمفونية الروح.
في هذه جاذبيتنا
الأعلى، تكشف أرواحنا عن نفسها بكل عريها، دون خوف أو ضبط النفس. إنها مكان نشعر
فيه بتأثير الكون، حيث يكون لكل فكرة، وكل عاطفة، وكل رغبة صدى في اللانهاية.
نعلن عن أعمق
حقائقنا،
ونصرخ في وجه
القمر غير المرئي،
ونمزق حجاب
المألوف لنكشف عن جمال ما هو غير عادي.
إنها صرخة
العاطفة،
صرخة الحب،
صرخة الوحي.
في هذه الجاذبية
الصاعدة إلى الأعلى، كل شيء تلقائي، كل شيء غريزي. هناك نتبع خيط مصيرنا، دون قيد
أو عائق، ونترك قلوبنا وأرواحنا ترشدنا. إنها رقصة لا نهاية لها، زوبعة من
الأحاسيس والعواطف.
الوقوع في
جاذبية أعلى تجاوز حدود الواقع،
إنها الانغماس
في تجريد الروح، إنها تجربة شغف لهيبي،
التأثير على
الكون بصمتنا،
إعلان الحقيقة.
من كياننا، هو
احتضان تلقائية الروح. إنها تجربة غامضة، احتضان للمجهول، رحلة لا نهاية لها.
تتساقط معي أوراقي،
بلطف، في جاذبية أعلى. السماء والمجرات المجهولة تجذب كل ورقة بقوتها غامضة. إنها
ترقص ، وتدور لولبيا ، وأخيراً تستسلم للأثير الذي لا يمكن فهمه.
كل سقوط إلى
الأعلى هو رقصة كونية،
سيمفونية صامتة للنجوم.
تجرد الأشجار
نفسها من فساتينها الخضراء، وتقدم جواهرها الذهبية إلى ما لا نهاية. تصبح الأوراق
رسل الزمن، وتحمل ذكريات الصيف إلى أقاصي الكون.
في هذا البعد
الجديد، ينحني الواقع خنوعا ويتقلب مثل الأحلام الآسرة. تصبح الظلال بوابات إلى
المجهول، وتتحول الأشكال إلى ألغاز مراوغة. والجاذبية نفسها إلى لحن سماوي، إلى
أغنية مؤرقة توجه كل ورقة نحو مصيرها المجهول.
تهمس النجوم بأسرارها
في الظلام، بينما تصل الأغصان العارية إلى المدى اللانهائي. تطفو أرواح الأوراق
الهائمة في الفراغ، تبحث عن صدى لها بين المجرات البعيدة. هناك، في هذه الجاذبية
الأعلى، كل شيء ممكن، كل شيء غامض وجميل.
تمتزج الألوان،
وتتلاشى الحدود،
ويكشف الكون عن
أعمق أسراره.
تتساقط أوراقي،
ليس نحو الأرض، بل نحو الكون اللامتناهي، حيث يندمج التجريد والسريالية في رقصة لا
نهاية لها.
في حديقة الكون
غير الملموسة، تنجرف أفكاري بلا وزن، بينما تتشابك عقارب الساعة الكونية في نسيج
الزمن. أوراقي، الهشة كالعاطفة والشفافة كالنور، تنفصل عن أغصان كياني، وتغوص في
هاوية الجاذبية الأعلى.
هبوطها هو رقصة
أثيرية، رقص باليه صامت بين السماء والأرض. إنها تدور، وتدور، ويبدو أنها تندمج في
واقع سائل حيث يلبس الواقع جبة الوهم. كل واحد منها حكاية، جزء من روح، حلم يذوب.
تتلوى الظلال
وتنحني، مضاءة بنور يشبه الحلم يغمر هذا العالم وتتلاشى قوانين الفيزياء. تصبح
الأوراق استعارات وألغازًا وقصائد صامتة تتغنى بسر أصلها.
في هذه
السيمفونية الكونية، تهمس الريح بأسرار لا يسمعها إلا اللاوعي، والنجوم، مثل
النوتات الموسيقية، ترسم مسارات لا نهائية. تتلاشى الحدود بين الذات والكون، وأصبح
متفرجًا على كينونتي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق