كان يجول في عالم من الألوان زائفة. كثيرا ما كنت يتساءل عن حقيقة ما يحيط به. "وما يهم المنفى أن تكون الألوان زائفة؟" . وجد نفسه في مكان بدا مألوفًا جدًا، ربما كانت نيويورك .
وبينما كان يواصل رحلته، سمع اللحن الساحر لمقدمة الكمان. صاح قائلاً: "إنها الأوبرا"، مدركاً أنه كان في مكان من النار والخصلات المتغيرة. كانت المناطق المحيطة به سريالية، مع شرفات مشتعلة، وأعمال برونزية، وسقف أخضر بدا وكأنه يتحدى الواقع. قال متأملاً: "كنت أود أن أحدق في عيني غير المفتوحتين".
وفجأة، صادف
مجموعة من الراقصين الحجر ، تقودهم امرأة تلوح في الهواء بالدف. قال في نفسه بلمحة
من الحنين: "لأتعرف على هؤلاء الراقصين ". ولكن كان هناك شيء خاطئ عندما
لاحظ انعكاسات الماء على جباههم. "ولكن من الذي يضع على جبهتهم هذه
الانعكاسات ؟".
فرك جفنيه،
وكأنه يحاول أن يستيقظ من حلم. قال في نفسه : "إنه قنديل البحر، وأقمار
الهالات". تتبعت أصابعه شحوب الليل الذي لا نهاية له من حوله. في الأوبرا
المزينة بالأوبال والدموع، عزفت الأوركسترا الكاملة، على ما يبدو أنها مزيفة.
قال: "كنت
أود أن أثبت في ذاكرتي المجنونة، هذه الوردة، هذا اللون البنفسجي المجهول".
ثم انجرف عقله
إلى شكل شبح في قطعة الدومينو في نهاية الطريق الذي كان يغير فساتينه كل مساء، فقط
من أجلهم. "هل تتذكر هذه الليالي؟" سأل وكانت بعض الذكريات تسبب له
الألم.
فجأة اعترف
قائلاً: "إن تذكرهم يؤذيني". لقد كانت تلك الليالي مليئة بومضات من
الجمال، مثل عيون الحمام السوداء. ولكن الآن، لم يبق شيء من جواهر الظل تلك. وقال
وهو يستقيل "نحن نعرف الآن ما هو الليل".
لقد فكر في الحب
الذي كانا يتقاسمانه، الحب الذي بدا وكأنه يربط السماء بتضاريس الماس. همس في
نفسه: "أولئك الذين يحبون بعضهم البعض بالحب ليس لديهم سوى سوى لاشيء".
يتذكر كيف كانت شفاههم تحمل الوعد بسماء بخور حبيبته فوق الرباط، ليالٍ لم تكن
لياليًا إلا أنها مليئة بلون الحنان.
تمتم كما لو كان
يتحدث إلى حبيبة ضائعة منذ زمن طويل: "السماء جسرت ماساتها من أجلك".
"أراهن بقلبي عليك، على فرص متساوية." أعادت الذكريات صورًا لشوارع
الشمس الدوارة وأضواء البنغال والنجوم على الأرض وفوق الأسطح.
قال وهو يتنهد
مرة أخرى : "لكن عندما أفكر في الأمر اليوم، فإن النجوم قد خدعت".
الأحلام التي تقاسموها، وخطوات تجوالهم، بدت وكأنها تدوي على أحجار الشوارع
المنسية. تعانق العشاق تحت مداخل العربات، وقد سكن الاثنان ما لا نهاية من أذرعهم.
لقد أشعل بياضها في الظلام الأبدي في قلبه، فضاع في أعماق حدقاتها. يتذكر قائلاً: "عيون الأرصفة الذهبية التي لم تخرج".
كان عقله يتجول
في الشوارع المزدحمة، حيث كانت عربات الفواكه التروبيكالية مشهدًا مألوفًا. "هل
هناك دائمًا عربات للخضروات؟" تساءل، وتخيل الطيور المهاجرة يختفون ببطء في
الضباب، ورجال زرق ينامون وسط القرنبيط. ارتفعت خيول مارلي بشكل مهيب في نظره،
وصنع بائعو الحليب فجرًا من الصفيح.
قال، كما لو كان
يبحث عن رجل مألوف: "نقطة سانت أوستاش على خطافات المحلات التجارية".
وكان الجزارون بوحوشهم الرائعة وقنابلهم المعلقة على بطونهم الدموية محفورين في
ذاكرته.
وبينما كان يفكر
في الماضي، لم يستطع إلا أن يفكر في الفونوغراف الميكانيكي الموجود على زاوية الشارع.
"هل سنرى الجنة البعيدة مرة أخرى؟" كان يتأمل وصوته مليئ بالشوق.
0 التعليقات:
إرسال تعليق