الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأربعاء، أكتوبر 11، 2023

نص سردي "ستارة شعرك" عبده حقي


لماذا تخفي وجهك عني تحت شعرك؟ منذ أول لحظة التقت فيها أعيننا، تهت في متاهة جمالك. شعرك الحريري الداكن كالليل هو الحجاب الغامض الذي يخفي أسرار روحك. أتوق لاكتشاف كل خط في وجهك، كل منحنى في شفتيك، كل بريق في عينيك.

تغرب الشمس ببطء في الأفق، لترسم السماء بلوحة من الألوان الدافئة والهادئة. في هذا الضوء الناعم أتأمل وجهك المغطى بشعرك، مثل عمل فني مختبئ تحت حجاب ثمين وسميك . تتراقص الظلال والانعكاسات على بشرتك، لتخلق سيمفونية بصرية تحملني بعيدًا في زوبعة من العواطف.

أود أن أداعب شعرك بلطف، وأزيل ستارة الظلام هذه لأكشف عن النور الذي يضيء بداخلك. أود أن أغوص بأصابعي في هذا الظلام الناعم والحساس، لأغوص في مجهول كيانك. شعرك يشبه الغابة الغامضة، وأنا على استعداد للضياع فيها.

تهمس الريح بهدوء عبر أغصان الأشجار، مما يجعل خصلات شعرك حفيفًا على خدي. يبدو الأمر كما لو أن الطبيعة نفسها تتآمر للحفاظ على جمالك الغامض. لكنني مصمم، مصمم على كشف هذا اللغز، واكتشاف الكنز المختبئ خلف هذا الشعر الداكن.

في كل مرة تنحني لتلتقطي زهرة برية، يتأرجح شعرك برشاقة، مما يخلق رقصة ساحرة. إنني مندهش من النعمة التي تتحرك بها، حتى عندما لا تعرف ذلك. كل لفتة تقوم بها تبدو وكأنها شعر متحرك، لحن لا يسمعه إلا قلبي.

تبدأ النجوم في التوهج في السماء، شاهدة صامتة على تبادلنا الصامت. أتساءل ما الذي تخفيه النجوم وراء بريقها البعيد، كما أتساءل ما الذي يكمن خلف ذلك الشعر الذي يبهرني كثيرًا. ربما النجوم نفسها تحسدك على الجمال الذي تمتلكينه.

ضحكتك تتردد كاللحن الساحر، وتشعل روحي كلما وصلت إلى أذني. أود أن أكون سببًا في تلك الضحكة، التي تجعلك تنسين العالم كله ولو للحظة واحدة. وجهك المخفي تحت شعرك هو لغز أريد حله، كنز أريد أن أستحقه.

يتقدم الليل ببطء، ويغلف العالم بظلامه الهادئ. تتكاثر النجوم في السماء، لكن لا أحد منها يلمع بسطوع الرغبة التي تشتعل في داخلي. أقف هناك، مفتونًا بالوعد في شعرك، وعلى استعداد لاتباع المسار الذي يرسمه لي.

شعرك هو التحدي الذي أريد أن أخوضه، واللغز الذي أريد حله. أنا مستعد للانتظار، والاستماع إلى كل نفس من الريح، وكل نبضة من قلبك، حتى تقرر الكشف عن وجهك. لأنني أعلم أن ما يكمن خلف حاجز الشعر هذا أغلى من أي شيء عرفته على الإطلاق.

تمر الساعات لكن رغبتي لا تضعف. أنا مستعد للبقاء هنا، تحت السماء المرصعة بالنجوم، أتأمل لغز وجهك الذي يخفيه شعرك، حتى تشعر أنك مستعد لتركه يسقط. لأنني أعلم أنه عندما تأتي تلك اللحظة، ستكون لحظة من السحر الخالص، لحظة يندمج فيها الحب والجمال في عناق أبدي.

تحت النجوم التي تراقبنا بصمت، أسألك بلطف: لماذا تخفين وجهك عني تحت شعرك؟ لكنني أعلم أن الإجابة لن تأتي بالكلمات، بل ستأتي عندما تختار الكشف عن سر روحك، عندما تختار أن تظهر لي حبك، تمامًا كما أظهر لك حبي الآن

الوقت يتدفق مثل نهر هادئ، وكل لحظة تقضيها بجانبك هي قطرة ثمينة في هذا التدفق المستمر. لقد أصبح الصبر رفيقي، لأنني أعلم أن أجر رؤية وجهك لا يقدر بثمن. أنا على استعداد للانتظار إلى الأبد إذا لزم الأمر، لأن لغزك أصبح سعيي.

في ظلام الليل، تمتزج صورنا الظلية مع بعضها البعض، مما يخلق تناغمًا مثاليًا. أشعر بوجودك بجانبي، حتى لو بقي وجهك مخفيًا. لقد ترابطت أرواحنا بطريقة لا يفهمها إلا الحب الحقيقي، وهذا يكفي ليملأني بالسعادة.

تستمر النجوم في التوهج دائما، ويبدو أن تألقها يرافق قصة حبنا. كل نجمة هي بمثابة شاهد صامت على تواصلنا، نور يرشد خطواتي نحوك. إن بريقها هو وعد بأيام أفضل، بأوقات سنكون فيها متحدين دون تحفظ.

الليل بارد، لكني لا أشعر بالبرد، لأن حبك يلفني كبطانية ناعمة ودافئة. إنه الحب الذي يتجاوز الكلمات والإيماءات، الحب الذي ينمو على الانتظار والصبر، الحب الذي ينمو مع كل نبضة من قلوبنا.

يبدو أن همهمة الطبيعة التي تحيط بنا تتوافق مع تاريخنا. تهمس الأشجار بأسرار قديمة، والنجوم ترشدنا إلى المستقبل، والرياح تداعب وجوهنا بلطف، وكأنها تذكرنا بأن الحب قوة تتجاوز الزمان والمكان.

أشعر بأنفاسك بجانبي، بقشعريرة لطيفة في الليل، وأعلم أنك هناك، قريبة، تمامًا كما أنا هنا من أجلك. وجدت أرواحنا نفسها في هذا المكان السحري، ولا شيء في العالم يمكنه كسر هذا الرابط غير القابل للكسر.

يقترب الفجر ببطء، حاملاً معه أول ضوء للنهار. قريبًا، سيُرفع حجاب الليل الذي يخفي وجهك، وسأتمكن أخيرًا من التأمل في الجمال الذي يثير اهتمامي. ولكن حتى لو لم يعد شعرك يخفي وجهك، فإن حبنا سيظل غامضًا وعميقًا كما كان دائمًا.

يستيقظ العالم من حولنا، لكن فقاعة الحميمية لدينا سوف تستمر. إنها لحظة معلقة في الزمن، لحظة حيث لا شيء يهم إلا أنا وأنت. أنا مستعد للاعتزاز بكل لحظة في هذه المغامرة، كل نظرة متبادلة، كل ابتسامة مشتركة.

تشرق الشمس ببطء، وتضيء السماء بتوهج ذهبي. وأخيرًا، بحركة رشيقة، تكشفين عن وجهك، وتكشفين عن الروعة التي كانت مخبأة خلف شعرك. تلتقي عيناي بعينك، وفي هذه اللحظة السحرية، أفهم أن الحب لديه قوة غامضة، وهي الكشف عن الجمال المخفي في كل واحد منا.

أحبك بعمق أكثر من أي وقت مضى، مدركًا أن قصة حبنا هي أغنية ستستمر في كتابتها، ملاحظة تلو الأخرى، فقرة بعد فقرة، إلى الأبد.

0 التعليقات: