الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، نوفمبر 16، 2023

نجوم جاثمة... عبده حقي


في عزلة أفكاري، أنطلق في رحلة إلى النجوم الجاثمة هناك ، حيث تتشابك الاستعارات مع نسيج الوجود. كل كلمة أنطقها هي مجرة، رقصة سماوية من الأفكار التي تدور عبر اتساع ذهني.

عندما أبحر في الفضاء الكوني بداخلي، أجد نفسي متورطًا في خيوط غامضة من الاستبطان. النجوم، التي تطفو عالياً في مسكنها السماوي، تصبح مرايا تعكس مشهد مشاعري.

في هذه العزلة، أنا عالم الفلك والمرصود في نفس الوقت، ألقي نظري على الأبراج التي ترسم خريطة تضاريس أعماق ذاتي.

اللغة المجازية التي أستخدمها هي ضربة فرشاة على لوحة وعيي، التي ترسم صورة للمشاعر والأحلام. أنا شاعر، أنسج الكلمات، أبني نسيجًا من المشاعر يمتد إلى ما وراء حدود العالم الملموس. مع كل استعارة، أقوم بسد الفجوة بين الأرضي والأثيري، وصولاً إلى النجوم التي لا يمكن الوصول إليها.

في هذا الرقص، تهمس لي النجوم بأسرار مشفرة بلغة الكون. إنهم يروون حكايات عن الحكمة القديمة، عن الحب المفقود والموجود، عن المعارك التي تشن باسم الروح. يصبح ضمير المفرد وعاءً، قناة تتدفق من خلالها الروايات الكونية، وتندمج مع جوهر كياني.

عندما أصعد إلى أعلى في القبة السماوية، تصبح النجوم رفاقي، ولكل منها قصته الفريدة التي يرويها. إنهم شهود على شعر الوجود، متفرجون صامتون على الدراما الإنسانية التي تتكشف في الأسفل. أتحدث معهم بلغة الاستعارات، وهي لهجة عالمية تتجاوز حواجز الزمان والمكان.

النجوم الجاثمة بوهجها المضيء تنير أروقة مخيلتي. في إشعاعها، أجد الإلهام، نورًا يرشدني عبر متاهة أفكاري. الاستعارات، مثل الشهب، تنطلق عبر قماش ذهني، تاركة وراءها آثارًا من التألق تظل باقية في نسيج وعيي.

ومع ذلك، وسط الروعة السماوية، هناك اعتراف بهشاشة الوجود الإنساني. النجوم، على الرغم من أنها تبدو أبدية، إلا أنها مقيدة بنفس القوانين الكونية التي تحكم الحياة الفانية. في رقصة الاستعارات، هناك وعي كامن بعدم الثبات، لحن حلو ومر يرافق إيقاع كلماتي.

إلى النجوم الجاثمة، أمد أغصاني الشعرية، وأمتد لألمس ما هو غير ملموس، وأمسك بما لا يوصف. يصبح ضمير المتكلم المفرد جسرًا بين الدنيوي والسامي، قناة أبحر من خلالها في اتساع المحيط الكوني. في هذا النثر المركّز بالاستعارات، أجد العزاء، التواصل مع النجوم الجاثمة التي تشارك أسرار الكون.

عندما أنهي هذه الإقامة السماوية، أتذكر أن الرحلة إلى النجوم الجاثمة ليست وجهة بل استكشاف مستمر. الاستعارات، مثل فتات الخبز السماوي، ترشدني على طول الطريق المتوسع باستمرار لاكتشاف الذات. في نسيج الكلمات، أنسج وجودي، شهادة على العلاقة التكافلية بين الشاعر والنجوم الجاثمة.

0 التعليقات: