الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الثلاثاء، نوفمبر 07، 2023

قصة قصيرة "سطوة الإغراء" عبده حقي


أقف أمام المرآة أراقب انعكاسات عذاباتي. ذهني، الذي تمزقه خناجر الإغراءات المراوغة، يستنزف نفسه في رقصة من الرغبات المحرمة. العبارة تتردد في رأسي باستمرار، مثل صدى مهووس. كلمات، مشبعة بحقيقة مؤلمة، تدفعني إلى التأمل العميق، في تقلبات روحي المعذبة.

قصة هذه العذابات تجد جذورها في الأحداث الماضية، وتقاطعات الأقدار التي نسجت الشبكة المعقدة لوجودي.

أتذكر ذلك المساء الخريفي، عندما التقت عيناي بعينيها للمرة الأولى. ها هي ذي، مضاءة بنور شمعة خافتة. أضاء حضورها الظلام المحيط، وبدا أن ابتسامتها الخجولة تهمس بوعود بعيدة المنال.

ببطء، تشابك خيط مصيرنا غير المرئي. تحولت الهمسات إلى تبادلات ساخنة. أصبحت كل كلمة متبادلة لحنًا آسرًا. امتزجت أفكارها مع أفكاري، وخلقت صدى مثاليًا. لكن الحظر كان يحوم فوقنا. لقد تم بالفعل رسم مساراتنا في اتجاهين متعاكسين، الطرق التي تم حظر تحويلاتها بسبب الراحة والالتزام.

ومع ذلك، فإن شعلة هذا الجذب المحرم لا تتلاشى. إنه ينمو، ويحترق، ويطغى على كل سبب، ويتحدى الحدود التي أقامها المجتمع. تتجول روحي ، ممزقة بين الواجب وهذا الشعور الذي لا يمكن السيطرة عليه. لقد أصبحت المقاومة تعذيباً. كل يوم أقضيه دون لمسها، دون الشعور بدفء احتضانها، أدى إلى تفاقم معاناتي الجوانية.

مرت أشهر في هذا الصراع الداخلي. لقد تجولت، ممزقا بين الرغبة في امتلاكها والحاجة إلى احترام المعايير المعمول بها. كانت ليالي مليئة بالأحلام المضطربة والرغبات التي لم تتحقق. عقلي ساحة معركة تصادمت فيها ظلال عذابي وشمس ضميري.

ثم جاءت اللحظة التي أصبح فيها ثقل الحظر لا يطاق. مستسلمًا للاندفاع الذي لا يمكن كبته، ألقيت بنفسي في هجر الذات، مرحبًا بالإغراءات باعتبارها تحررًا. أخيرًا اتحدت شفاهنا، ووجدت أرواحنا نفسها في حضن ناري، وكسرت حواجز التقاليد، وتحررت أخيرًا رغباتنا المدفونة.

لكن طعم الذنب الحلو حل محله مرارة غير متوقعة. لقد كان التحرير الذي طال انتظاره عابرًا. تدخل الواقع بقسوة بين أحضاننا العاطفية. بدأت عواقب أفعالنا في الظهور، وتسمم سعادتنا المسروقة.

وقع ثقل الذنب على كتفي. روحي، المعذبة بالندم، تذبل في هاوية الندم. هل اتخذت القرار الصحيح بالاستسلام للإغراء؟ ترددت العبارة الآن في ذهني بسخرية قاسية: "الطريقة الوحيدة لتحرير نفسك من الإغراء هي الاستسلام له". لكن هل كان الاستسلام هو الحل حقاً؟ بدت روحي مستهلكة من الداخل، ممزقة بين نشوة الممنوع وثقل الذنب.

هذه القصة المضطربة، وهذا التشابك من المشاعر، تركتني في حيرة من أمري. هل كانت التجربة، الرغبة المستهلكة، طريق التحرر أم الوهم الذي يؤدي إلى هلاك النفس؟

مرت الأيام وهي تجر معها ثقل خطيئتي. لقد تجولت، فريسة لعاصفة داخلية، أبحث عن إجابات حيث لا يمكن العثور إلا على أسئلة لا حصر لها. قادتني خطواتي إلى جزر منعزلة، إلى زوايا بدا فيها ضجيج العالم الخارجي وكأنه يتلاشى.

في سعيي لتحقيق سلامي الداخلي، واجهت لقاءً غير متوقع. فجأة وقف في طريقي شخص غامض، وكأنه يقرأ أعماق كياني. كانت عيناه تحملان حكمة قديمة، وبدا أن ابتسامته الطيبة تخفف من العذاب الذي كان يمزقني.

"الإغراء هو رقصة الروح مع رغباتها الخاصة"، همس بصوت ناعم مؤرق. "لكن الاستسلام للإغراء لا يضمن دائمًا التحرر. في بعض الأحيان تكمن القوة الحقيقية في المقاومة، وفي القدرة على السيطرة على عذاب المرء. »

كان صدى كلماته في داخلي مثل الصحوة. ربما يكمن المفتاح في إدارة الرغبات، وفي القدرة على فهمها دون الاستسلام لها تمامًا. كانت التجربة مرآة الروح، تكشف عن أعمق رغباتها، لكن مقاومة دعواتها يمكن أن تكون عملاً شجاعًا، وتأكيدًا لإرادتها.

بدأت أتأمل كلماته، وأغوص في أعماق كياني. ببطء، بدأ السلام الهش في الطفو. إن فهم رغباتي الخاصة، دون السماح لنفسي بالانجراف وراءها، أصبح مفتاح توازني الداخلي.

لكن الإغراء لم يختف. وبقيت كظل خفي، مستعدة للظهور في أي لحظة. لكنني تعلمت الرقص معها، وأفهم حركاتها دون الخضوع لإغوائها.

0 التعليقات: