الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، فبراير 10، 2024

أفضل 100 كتاب في التاريخ اليوم ( حكاية جينجي ) 90 إعداد عبده حقي


حكاية جينجي

بقلم شيكيبو موراساكي

غالبا ما تعتبر قصة جنجي مونوغاتاري (حكاية جنجي) أول رواية عظيمة في الأدب العالمي. وُلدت مؤلفة العمل موراسكي شيبوكو حوالي عام 978 وأمضت معظم حياتها في البلاط الإمبراطوري فى كيوتو أو بالقرب منه. بعد فترة زواج قصيرة من رجل كبير

السن، دخلت خدمة الإمبراطورة أكيكو (أو شوشي) حوالي عام 1005 كسيدة وصيفة. تتكون الرواية من 54 كتابا أو فصلا يروي حياة وقصص حب الأمير جنجي، الشاب، الوسيم الموهوب وابن الإمبراطور. إنها رواية رائعة لأناقة أسلوبها وتصويرها المعقد للشخصيات ووصفها للمشاعر البشرية. لا يُعرف الاسم الحقيقي للمؤلف ( كانت تُعرف بتو نو شيبو خلال فترة حياتها ودُعيت مراساكي شيبوكو بعد وفاتها)، ولا يُعرف كذلك طريقة إنشائها ولا الموعد الدقيق لعمل الكتاب. أُخذت هذه الطبعة الخشبية الموضحة من مجموعات مكتبة الكونغرس. أنتجت في كيوتو في منتصف القرن السابع عشر، وهي مجموعة كاملة وجيدة الحفظ تضم النص الرئيسي وستة مجلدات إضافية: ثلاثة مجلدات رئيسية للتعليق على الكلمات والعبارات الواردة في النص (مفاسو)، وعلم الأنساب (كيزو) ( وتكملة للعمل لمؤلف لاحق (نماجي نو تسويو)، وفهرس (هيكيوتا) .

تستمد الرواية الملحمية اليابانية "حكاية جينجي" لموراساكي شيكيبو، تفرّدها ومكانتها عبر التاريخ، من عدة محاور لا تتوافر لغيرها، مثل كونها أول رواية كُتبت ليس في الأدب الياباني فقط، بل في تاريخ الأدب قبل 1000 عام، وكذلك من البراعة ضمنها، في رسم شخصياتها التي تجمع بين الخير والشر، وأيضا تناولها أدق تفاصيل الحياة اليومية.وهي في العموم، كما المحيط في بحر الأدب العالي، نظرا لقيمتها وما تزخر به من معان وقيم.

يمكن التعرف على أبعاد الرواية من خلال نمط حياة كاتبتها موراساكي التي ولدت حوالي عام 973 م، في منتصف مرحلة الهايين، وهي تنتمي إلى الطبقة الوسطى من النبلاء، التي يعمل أبناؤها، في معظمهم، في الوظائف الإدارية، وكمشرفين على الأقاليم، ذلك وإن كانت عائلتها «وفوجويرا» تتمتع بالقوة والنفوذ. أما اسمها فهو عبارة عن لقب، إذا ان شيكيبو تعني مكتب المراسم الذي كان والدها مسؤولا عنه، في حين يعود اسمها الأول: موراساكي، إلى كونه اسم بطلتها في الرواية.

تكمن خصوصية العمل في قدرة موراساكي على الكتابة، في زمن كان التعليم فيه، شبه محرم على النساء. والفضل في ذلك يعود الى والدها، الاستاذ في اللغة الصينية. وبسبب حزنها على وفاة زوجها بدأت كتابة رواية «حكاية جينجي»، التي رصدت من خلالها العلاقات بين الرجال والنساء، والظروف التي كانت النساء يواجهنها.

يتناول الجزء الأول من القصة، مغامرات جينجي العاطفية مع النساء، في داخل وأطراف منطقة هاين كيو. وكذلك صداقته مع نو شوجو، وزواجه التقليدي من أخت شوجو التي تدعى أوي، ومن ثم ولادة ابنه وعلاقته التي تتبرعم مع الشابة موراساكي.

وخلال هذه الفترة، يموت الامبراطور العجوز، ليتولى الحكم من بعده، الابن الأكبر للسيدة كوكيدن. وحين تتسبب مغامرات جينجي العاطفية بفضيحة في البلاط، يُجبر على مغادرة العاصمة.

يلتقي جينجي، في القسم الثاني من الحكاية بالمحافظ السابق لمنطقة هريمة وابنته السيدة أكاشي، ويعود إلى العاصمة بعد تنحي الامبراطور الابن عن العرش، لصالح ابن فوجيتسوبو علانية، ولمصلحة جينجي سراً. وبناء عليه، يستعيد جينجي مكانته في البلاط.

يذهب بعدها جينجي في رحلة حج إلى سوميوشي شراين. وهناك يقدم شكره الى الآلهة لحمايتها له من العاصفة في سوما، ويستقر بعد عودته إلى العاصمة، مع موراساكي ومجموعة من النساء في منزل روكوجو. ويزداد نفوذ جينجي في البلاط. وينشغل في تقدم مكانة أبنائه وأحفاده ويجري إقناعه بالزواج من الأميرة الثالثة، التي تلد له ابناً، ثم تترهبن بعدها.

يمرض جينجي، في الجزء الأخير من الرواية، ويقرر طلب المساعدة من رجل دين. ويتلقى العلاج لديه ويتعافى على يديه. ويسمع بالمحافظ السابق وابنته أكاشي التي تصبح كاهنة، إذ يتوقع لها مستقبلاً باهراً. وأثناء تجواله بين التلال، يصادف بيتا، ويلمح في داخله طفلة جميلة تذكره بفوجيتسوبو، المحظية المفضلة لدى والده الامبراطور. وسرعان ما يكتشف أن موراساكي هي ابنة أخت فوجيتسوبو، ويبذل جهودا كبيرة لتبنيها.

حين يموت جينجي، لا يرتقي الى مرتبة تألقه أي من شخصيات الرواية اللاحقة . فنيؤ الابن الثالث من الامبراطور الحالي، وكاورو الابن الأصغر لجينجي من الأميرة الثالثة، لا يرتقيا إلى مكانته. ونتعرف على أنه كان كاورو يشك في نسبه ويرغب في الانسحاب من عالمه. وكانت شخصيتهما تختلفان. فنيؤ سطحي وكاورو حكيم. وكانا يتنافسان في كل شيء.

أما عقدة الأحداث. فتتمحور حول الأمير الثامن، الأخ غير الشقيق لجينجي، الديّن والمتهور، أوكيفون. ويتبادل الأخير القصائد مع راهبة، متمنياً لها طول العمر مع إطلالة الربيع، ويعيد لون الزهرة بجوار نافذتها إلى ذاكرتها نيو في الماضي، وتبدأ كتابة القصائد لتريح عقلها من ذكريات تلك الأيام.

 صدرت الترجمة العربية الكاملة لحكاية جينجي، في العام الماضي، عن دار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، في مجلدين ضخمين، بإجمالي 2000 صفحة، من ترجمة الأديب كامل يوسف حسين. وذكر في مقدمة الكتاب، أن موراساكي شيكيبو، بالنسبة لليابانيين، كما شكسبير بالنسبة للبريطانيين ودانتي للإيطاليين وغوته للألمانيين.

وأشار كامل يوسف إلى أن شخصيات الرجال في العمل، بمثابة أشباح تعبر العمل. أما الحضور القوي للنساء، فروحا وفكرا وقرارا. ولفت إلى أن اليابانيين وصفوا العمل باسم المحيط، لأنه غني بفحواه ومضمونه وعمقه، وإن كان هناك توجه عالمي إلى ما هو مختصر .

تابع


0 التعليقات: