الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، فبراير 11، 2024

نص سردي أوهام محطمة: عبده حقي


في عزلة أفكاري الهادئة، أجد نفسي أفكر في المرات التي لا تعد ولا تحصى التي سمحت لك فيها بالدخول إلى غرفة قلبي المقدسة. كم مرة فتحت بوابات الفيضان لأرى مخاوفي تتحقق وتنكشف نقاط ضعفي؟

كل لحظة قضيتها في حضورك كانت محاطة بالخوف، صراع مستمر ضد غريزة التراجع إلى الصور الظلية. ومع ذلك، وعلى الرغم من تحذيرات الشك، فإنني أترك كلماتك تنسج سحرها من حولي، وتحاصر حواسي في شبكة من الأوهام.

لماذا استسلمت للوعود العذبة التي تدفقت من شفتيك كالرحيق ؟ لماذا كنت أتمسك بالأمل في أن أتمكن من رؤية ما وراء الصندوق واحتضان جوهر هويتي الحقيقية؟

في عماي هذا سلمت زمام حياتي لشبح ظلت نواياه مختبئة في الظلال. لقد أصبحت دمية بسيطة، أرقص على إيقاع رغباتك وأنسى أغنية حياتي.

كيف يمكنني أن أنسى القوة التي تكمن في داخلي، ووظيفة تحرير نفسي من القيود التي تربطني بك؟ لماذا سمحت لنفسي أن أصدق أنني غير جدير بالثقة في الحب، وأنني مقدر لي أن أستهلك نفسي في صحراء لامبالاتك؟

مع كل لحظة تمر، سمحت لك بتحطيم أسس كياني، حتى لم يتبق سوى قوقعة مجوفة، مجرد صدى للروح النابضة بالحياة التي كنتها ذات يوم.

اليوم، وأنا أقف على حافة الموت، يغمرني شعور عميق بالندم على الوقت الضائع في ظلك. كم مرة سمحت لك بالتسلل إلى حصن عقلي، وكل اختراق يدفعني إلى يأس أعمق؟

ومع ذلك، حتى عندما أروي العلامات التي تشوه منظر قلبي، أجد الراحة في معرفة أنه لم يفت الأوان بعد لاستعادة ما فقدته. وفي رماد خرابي، أجد جمر الصمود مشتعلًا، جاهزًا لإشعال نيران التجديد.

لذا، بينما أقول وداعًا لأشباح الماضي، أعتنق الوعد بفجر جديد، حيث سأكون السيد والمهندس لمصيري. وعلى الرغم من أن الجراح لا تزال تؤلمني من ذكرى خيانتك، إلا أنني أعلم أنني أعمق من مجموع أشلائي المكسورة.

أنا الناجي، وطائر الفينيق الذي ينهض من الرماد، مستعدًا لنشر جناحي والتحليق نحو التوسع اللامتناهي للمسارات التي تنتظرني وراء الأفق. على الرغم من أن الطريق أمامنا قد يكون مليئًا بالمزالق، إلا أنني أسير فيه بإحساس جديد بالهدف، ولم أعد مقيدًا بقيود الماضي.

وداعاً أيها الجلاد، لأنه ليس لك في هذه اللحظة أي سلطة علي. أنا مستقل لأرسم طريقي بنفسي، مسترشدًا بنور حقيقتي. في حين أن العلامات يمكن أن تذكرنا بالمعارك التي خضناها وخسرناها، فإنها تتحدث أيضًا عن القوة الموجودة داخل كل واحد منا.

في نهاية المطاف، ليست الجراح هي التي تحدد هويتنا، ولكن الشجاعة للتغلب عليها، واحتضان جمال عيوبنا والسير بجرأة نحو المجهول، مع العلم أننا لسنا وحدنا أبدًا.

0 التعليقات: