الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، مارس 09، 2024

الذكاء الاصطناعي ومستقبل الإبداع ديلي نيوز إيجيبت : ترجمة عبده حقي

 يحقق الذكاء الاصطناعي (AI) تقدمًا سريعًا في مجال الفن، مما يخلق إمكانيات وتحديات جديدة للفنانين والجمهور على حدٍ سواء. ومع ذلك، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في الفن يثير أيضًا جدلاً بين أولئك الذين يخشون فقدان الإبداع البشري وأولئك الذين يرحبون بالفوائد المحتملة لهذه التقنيات الناشئة.

واحتدم هذا الجدل بعد تطور الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتمتع بقدرات مذهلة كانت تعتبر في السابق خيالًا علميًا. على سبيل المثال، يمكن لهذا النوع من الذكاء الاصطناعي تقليد أسلوب وصورة وصوت أي فنان، سواء كان على قيد الحياة أو ميتًا. تخيل أنك تستمع إلى أغنية جديدة لأم كلثوم، المطربة المصرية الأسطورية التي توفيت عام 1975. كانت هذه فكرة الملحن عمرو مصطفى، الذي خطط لإقامة حفل موسيقي تغني فيه أم كلثوم من ألحانه. إلا أن مشروعه ألغي بعد أن واجه معارضة قوية من مختلف قطاعات المجتمع المصري. وبالمثل، استخدم مجموعة من الخبراء الذكاء الاصطناعي لإنشاء لوحة جديدة على طراز رامبرانت، الأستاذ الهولندي الذي توفي عام 1669، وكأنه رسمها بعد 350 عاما.

تظهر هذه الأمثلة أن الذكاء الاصطناعي يدخل في كل جانب من جوانب الحياة، بما في ذلك صناعة الفن بجميع أشكاله. ولذلك،


يجب على السلطات وأصحاب المصلحة في جميع القطاعات الإبداعية العمل معًا لوضع قوانين واضحة وعادلة لاستخدام هذه البرامج، لحماية حقوق كل فنان ومبدع، ومنع إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي وإساءة استخدامه في الفن. وفي السطور التالية سنعرض بعض آراء الخبراء والفنانين الذين شاركونا آرائهم حول هذا الموضوع.

ويقول الناقد طارق الشناوي: لقد شهدنا تطورا سريعا للغاية في الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات. ويشمل ذلك عالم السينما، حيث سمعنا عن عدة محاولات لإعادة إحياء أسطورة السينما مارلين مونرو، التي توفيت في أوائل الستينيات من القرن الماضي. ويتم ذلك عن طريق تغذية الذكاء الاصطناعي بعملها ثم إنتاج عمل جديد يجمع كل هذه المدخلات.

ورحب النجم العالمي توم هانكس بالفكرة واعتبرها فرصة جيدة لزيادة إرثه الفني بعد وفاته. الأمر نفسه ينطبق على عالم الكتابة، سواء كانت شعراً، أو رواية، أو قصة، أو سيناريو. يستطيع فريق من المتخصصين تغذية الجهاز بمفردات وأعمال كاتب أو شاعر معين، ويمكن للجهاز أن ينتج عملاً جديداً لهذا الكاتب بفكرة جديدة.

وهذه ليست ظاهرة جديدة، فحتى قبل ظهور الذكاء الاصطناعي، كان البعض يسرق مفردات الشعراء مثل أحمد فؤاد نجم والأبنودي ويقدمون أعمالا منسوبة إليهم زورا. وهنا يجب على القارئ أن يميز بين الحقيقي والمزيف. في النهاية، سيهيمن الذكاء الاصطناعي وستختفي كل الشعارات المناهضة له مع مهب الريح.

وقالت الفنانة يسرا: “استخدام الذكاء الاصطناعي في الأعمال الفنية، مثله مثل أي شيء آخر، له إيجابيات وسلبيات. لكن بالنسبة لي أرى أن سلبياته تفوق إيجابياته. وذلك لأن الكثير من الناس يجدونها سهلة ويستخدمونها في أعمالهم المختلفة. إذا افترضنا أن الذكاء الاصطناعي ينتج منتجًا جيدًا، فإن هذا المنتج سوف يفتقر حتماً إلى الروح والشعور. لذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في أي شيء باستثناء إنشاء نماذج حية من لحم ودم.

وقالت الممثلة والمذيعة المصرية صفاء أبو السعود: “أنا أحب التطور التكنولوجي وسعيدة جداً بإنجازاته، لكن مسألة استخدامه في صناعة الفن أعتقد أنه أمر محدود”. وذلك لأنني من وجهة نظري أرى أن من يستخدم الذكاء الاصطناعي وحده هو الذي لا يستطيع تقديم عمل فني. بالنسبة لي، لو وجدت أغنية لي مقدمة بواسطة الذكاء الاصطناعي ولم تعجبني سأرفضها وأعلن ذلك على الملأ وأمام الجميع”.

وقالت الممثلة والمنتجة المصرية بشرى: “الذكاء الاصطناعي أمر لا مفر منه، وللأسف البعض يستهين به، وأقول لهم انتبهوا من الاستهانة بأنفسهم لأنهم قريبا سيصدمون من تقدمه السريع. ويعرف الكثير من الناس أن السينما استخدمت هذا الذكاء الاصطناعي في أكثر من عمل فني، بالإضافة إلى الغناء.

لذلك يجب علينا أن نعمل جاهدين لمعرفة كيفية التعامل معها ووضع القواعد المنظمة لها حسب قدرتنا وإمكاناتنا في مواجهتها. يمكن استخدام بصمة صوت أي فنان في أي استوديو صوت. لذلك يجب على الناس الحذر وعدم تصديق كل ما يسمعونه. ومن هنا لا بد من تنظيم هذا الأمر وتحديد الطريقة الصحيحة للتعامل معه والتركيز على الاستفادة من الجانب الإيجابي.

يقول السيناريست مجدي صابر: «الذكاء الاصطناعي في مجال كتابة السيناريو فشل في أمريكا الدولة التي اخترعته، وبالتالي لا يستطيع تحقيق النجاح في مكان آخر. هذا البرنامج الآلي لا يمكنه إلا إعادة صياغة الأعمال القديمة لنفس الكاتب، وبالتالي تكون النتيجة نسخة مصنعة ومكررة، خالية من المشاعر والعواطف، وبالتالي من الإبداع. ولذلك فإن العقل الاصطناعي لا يمكن أن يتساوى مع العقل البشري، وحتماً فإن خالق الإنسان هو سيد الموقف، ولن تتمكن أي آلة من النيل من مكانته كموهبة إلهية خالصة. ومن ناحية أخرى، يمكننا الاستفادة من هذا الذكاء الاصطناعي إذا كان هناك كاتب موهوب يأخذ مخرجات هذا الجهاز ويعيد صياغته بشكل مناسب ومقبول كعمل إبداعي. وفي النهاية، فإن هذا الذكاء الاصطناعي، مهما عظمت قدراته، لا يمكن أن يحل محل الكاتب المبدع.

ويقول السيناريست سمير الجمل: «هذا يعمل إلى جانب الفاشلين والسارقين ومن لا موهبة، فهو يسهل عليهم أمراً كان صعباً عليهم ويقلل من معاناتهم. الفن في الأساس هبة إلهية على شكل مواهب، تهدف جميعها إلى الارتقاء بالإنسانية من خلال الأحاسيس والمشاعر والأخلاق والقيم والعادات والتقاليد. وكل هذا يظهر في إبداع الكاتب ويفرق بين مبدع وآخر. وذلك لأن كل واحد منهم له طابعه وشكله. ولذلك فإن الإنسان وهذا الذكاء الذي خلقه إنسان آخر لا يمكن أن يكونا متساويين أيضاً. لا ننكر جميعًا أننا سمعنا دائمًا عن التقدم العلمي في علوم الفضاء والأرض وكل ما بينهما، ولكننا جميعًا نرى حاليًا عدم قدرة سكان الأرض على مواجهة موجة الحر التي تهاجم دول الغرب، وهو أمر جديد عليهم ولم يروه من قبل. أي أن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لم يحميهما علمهما من الاحتراق في لهيب درجات الحرارة المرتفعة.

أعتقد أن هناك الكثير من المبالغات في الشائعات التي تقول إن الذكاء الاصطناعي سيكتب السيناريو وسيتفوق على المبدع البشري. كل هذا سيفشل، وما يصنعه الإنسان لا يمكن أن يتفوق على الإنسان نفسه. لن يستطيع الروبوت أن يكون مبدعا مثل يوسف السباعي أو بيتهوفن أو نجيب محفوظ أو غيرهم من المبدعين. ولذلك يمكن أن ينجح هذا في الصناعة، على الرغم من أن الذي يغذي الآلة هو إنسان أيضًا. وفي النهاية، لا يمكن لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أن تهدد المبدع الحقيقي الذي يتقن أدواته. الذكاء الاصطناعي لا يمثل إلا فرصة للصوص وأنصاف المواهب”.

تقول الكاتبة والسيناريست ماجدة خير الله: “أعتقد أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يؤثر على عمل كاتب السيناريو لأن عمله يحتاج إلى عناصر كثيرة من الإبداع. الإبداع بشكل عام يحتاج إلى خبرة إنسانية، ومهما زودت الذكاء الاصطناعي بالمعلومات، فمن أين يحصل على معناه وتجربته الشخصية؟ لا يمكن إدارة كل الأشياء باستخدام التكنولوجيا، لأن العديد من الأشياء تنطوي على الإبداع، ولا يمكن للآلة أن تحل محل المبدع أبدًا.

«منذ عشرين عامًا سمعنا أنهم سيؤلفون الموسيقى باستخدام الكمبيوتر، وهذا لم يحدث حتى الآن لأن هذا نتاج إنساني للإحساس والمشاعر. ويمكن للإنسان المبدع أن يستفيد من التكنولوجيا، مثلاً بالتحدث وتقوم الآلة بتحويل كلماته إلى كتابة، مما يوفر عليه الجهد والوقت. إلا أن هذه الآلة، مهما بلغت من التطور، لا تستطيع أن تخلق عملاً إبداعياً يفوق الإنسان المبدع.

أما السيناريست محمد سلامة، فله رأي آخر. ويدعي أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير كبير على العملية الإبداعية برمتها وخاصة على الكتابة وكتاب السيناريو. ويقول إن بعض البرامج يمكنها إنشاء سيناريو من الألف إلى الياء بناءً على فكرة أو معالجة درامية مختصرة. ويقول أيضًا إن صناعة السينما الأمريكية توقفت عن إجراء التمثيل المباشر وتعتمد على الكمبيوتر للقيام بذلك. يقومون بتزويدها بالمعلومات الخاصة بكل شخصية ويقوم الجهاز باختيار الأفضل لهم. ويرى أن ذلك سيؤثر على أولئك الذين لا يحاولون تحسين أنفسهم وأفكارهم وتعزيز مواهبهم، فهذا ما لا يستطيع الذكاء الاصطناعي فعله. ويحذر من أن أولئك الذين لا يتكيفون سوف تجرفهم موجات التكنولوجيا القوية.

Artificial Intelligence And The Future Of Creativity https://menafn.com/

0 التعليقات: