الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، يوليو 11، 2024

ما الذي سيجنيه المغرب من التنظيم الثلاثي لكأس العالم 2030 : عبده حقي

 


تعد استضافة بطولة كأس العالم فرصة كبيرة لأي دولة، حيث تقدم العديد من المزايا التي تمتد إلى ما هو أبعد من الحدث نفسه. بالنسبة للمغرب، فإن استضافة كأس العالم 2030 مع إسبانيا والبرتغال تقدم مجموعة من المزايا التي تعد بتعزيز مكانته العالمية، وتعزيز اقتصاده، وعلاقاته الثقافية والدبلوماسية.

يعد كأس العالم أحد أكبر الأحداث الرياضية في العالم، حيث يجذب ملايين الزوار والمتابعين من جميع أنحاء العالم. ومن المرجح أن يشهد المغرب، المعروف بتراثه الثقافي الغني ومناظره الطبيعية المتنوعة، ارتفاعا كبيرا في عدد السياح الوافدين. ولن تؤدي هذه الزيادة إلى تعزيز قطاع السياحة فحسب، بل ستخلق أيضًا انطباعًا إيجابيا دائمًا لدى الزوار، مما سيشجع السياحة في المستقبل.

لذلك ولاستيعاب تدفق السياح، سيحتاج المغرب إلى الاستثمار في البنية التحتية، بما في ذلك شبكات النقل والفنادق والمرافق الترفيهية. وستستفيد البلاد من هذه التحسينات لفترة طويلة بعد انتهاء هذا الحدث الكروي ، مما يدعم نوعية الحياة ويجعل المغرب وجهة أكثر جاذبية لزواره في المستقبل.

وإذا كانت المدن مثل مراكش والدار البيضاء وفاس ذائعة الصيت عالميا، فإن كأس العالم سوف يوفر فرصة للترويج للمناطق الأقل شهرة. ومن خلال استضافة المباريات في مناطق مختلفة من البلاد، يمكن للمغرب أن يعرض معالمه المتنوعة، وينشر فوائد السياحة بشكل أكثر توازنا في جميع أنحاء البلاد.

على المستوى الاقتصادي يتضمن الإعداد لكأس العالم مشاريع بناء كبيرة، بما في ذلك بناء ملاعب جديدة وتحديث أخرى ومضاعفة عدد الفنادق وغيرها من المرافق. ستؤدي طفرة البناء هذه إلى خلق العديد من فرص الشغل وتحفيز الاقتصاد المحلي.

كما ستستفيد الشركات المحلية، وخاصة الشركات الصغرى والمتوسطة، من الطلب المتزايد على السلع والخدمات. ومن بائعي المواد الغذائية إلى متاجر الهدايا التذكارية، ستستفيد العديد من الشركات الصغرى من تدفق السياح وتحفيز النشاط الاقتصادي المتزايد.

يمكن أن تساهم استثمارات البنية التحتية والأنشطة الاقتصادية المرتبطة بكأس العالم في النمو الاقتصادي على المدى الطويل. ومن شأن تجويد البنية التحتية، وزيادة الرؤية الدولية، وقطاع السياحة ، أن يوفر فوائد اقتصادية مستدامة.

إن تنظيم كأس العالم هو أكثر من مجرد حدث رياضي؛ إنه احتفال بالتنوع الثقافي والوحدة الوطنية من طنجة إلى الكويرة. وبالنسبة للمغرب، فهو يوفر منصة لعرض تراثه الثقافي الغني وتعزيز قوته السياسية الناعمة على الساحة العالمية حيث من خلال مختلف الفعاليات والأنشطة الثقافية التي سيتم تنظيمها على هامش بطولة كأس العالم، يستطيع المغرب تسليط الضوء على تاريخه وتقاليده وفنونه. ومن شأن هذا العرض الثقافي أن يعزز التقدير العالمي للثقافة المغربية ويعزز دبلوماسيتها الثقافية.

 

إن الاستضافة المشتركة لكأس العالم مع إسبانيا والبرتغال ستؤدي إلى تعميق علاقات المغرب مع هذه البلدان ودعم علاقات أقوى مع الدول المشاركة الأخرى. وسيوفر هذا الحدث منصة للمشاركة الدبلوماسية والتبادل الثقافي والارتقاء التفاهم والتعاون المتبادل.

أيضا إن إقامة بطولة كأس العالم في المغرب سوف يلهم الشباب على ممارسة رياضة كرة القدم والرياضات الأخرى ، وسيدعم ثقافة النشاط البدني والاهتمام بالحياة الصحية. يمكن أن يؤدي هذا الإلهام إلى زيادة المشاركة في الألعاب الرياضية وتطوير الرياضيين في المستقبل.

واستعدادا لكأس العالم، سيحتاج المغرب إلى تحديث مرافقه الرياضية. وستوفر هذه المرافق فرصا أفضل للتدريب والمنافسة للرياضيين المغاربة، مما يساهم في التنمية الشاملة للرياضة في البلاد.

في السنوات الأخيرة، كان هناك تركيز متزايد على الاستدامة في الأحداث الرياضية الكبرى. يمكن للمغرب الاستفادة من كأس العالم لدعم أهدافه البيئية المستدامة حيث يمكن للدولة الاستثمار في البنية التحتية الخضراء والممارسات المستدامة كجزء من استعداداته لكأس العالم. وسيشمل ذلك الملاعب الموفرة للطاقة، وخيارات النقل الصديقة للبيئة، ومبادرات الحد من النفايات. ولن تعود هذه الجهود بالنفع على البيئة فحسب، بل ستضع المغرب أيضا في موقع رائد في مجال التنمية المستدامة.

وفي مجال المدن الذكية يمكن تسريع تطوير مبادرات المدن الذكية، بما في ذلك أنظمة النقل المتقدمة، والبنية التحتية الرقمية، وحلول الطاقة الذكية، من خلال الاستعدادات لكأس العالم. وستعمل هذه التطورات على تحسين الحياة الحضرية وخلق بيئة أكثر كفاءة واستدامة.

كما يمكن لبطولة كأس العالم القادمة أن تقود التحول الرقمي في مختلف القطاعات، من إصدار التذاكر والأمن إلى الضيافة والسياحة. ومن شأن دمج التقنيات المتقدمة أن يعزز التجربة الشاملة للزوار والمقيمين، مما يجعل المغرب دولة متقدمة تكنولوجيا.

إن الرؤية التي تأتي مع استضافة كأس العالم توفر فرصة لا مثيل لها للمغرب لتعزيز صورته وعلامته التجارية العالمية حيث إن النجاح في استضافة كأس العالم سيعزز سمعة المغرب الدولية، ويظهر قدراته في تنظيم الأحداث الكبرى والتزامه بالضيافة والتميز.

وسيوفر هذا الحدث منصة للمغرب لإعادة تعريف هويته الوطنية، وتسليط الضوء على حداثته وغناه الثقافي وكرم ضيافته. ستجذب هذه العلامة التجارية المحسنة المزيد من السياح والمستثمرين وفرص الأعمال في المستقبل.

إن المشاركة في استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم مع أسبانيا والبرتغال تسلط الضوء على أهمية التعاون الإقليمي ومن الممكن أن تساهم في تحقيق قدر أكبر من الاستقرار في المنطقة.

يشكل التعاون بين هذه البلدان الثلاث مثالاً للتعاون الإقليمي الناجح. ويمكن لهذه الشراكة أن تؤدي إلى علاقات اقتصادية وسياسية أقوى، وتعزز الاستقرار والنمو المتبادل في المنطقة.

يمكن أن يكون لرسالة كأس العالم حول الوحدة والسلام تأثير إيجابي على العلاقات الإقليمية. ومن خلال استضافة هذا الحدث، يستطيع المغرب تعزيز الحوار والتفاهم والمساهمة في السلام والاستقرار الإقليميين.

ومن الممكن أن يكون لاستضافة كأس العالم فوائد اجتماعية كبيرة، حيث تعزز التنمية والاندماج داخل المجتمع المغربي.

ومما لاشك فيه ستتضمن عملية الإعداد لبطولة كأس العالم واستضافتها العديد من مبادرات المشاركة المجتمعية، مما يقوي التماسك الاجتماعي. يمكن لهذه المشاركة تمكين المجتمعات المحلية وتعزيز الشعور بالفخر والوحدة.

أيضا يمكن للمغرب استغلال كأس العالم كفرصة لتعزيز التنمية الشاملة، وضمان وصول فوائد الحدث إلى جميع شرائح المجتمع. ويشمل ذلك خلق الفرص للفئات المهمشة وتعزيز العدالة الاجتماعية.

يتطلب التحضير لحدث كبير مثل كأس العالم إجراء تحسينات كبيرة في تدابير الصحة والسلامة، الأمر الذي سيعود بالنفع على البلاد على المدى الطويل حيث ستؤدي الاستثمارات في البنية التحتية وخدمات الرعاية الصحية لتلبية احتياجات تدفق الزوار إلى تحسين نظام الرعاية الصحية الشامل في المغرب، مما سيستفيد منه السكان لفترة طويلة بعد الحدث.

إن الحاجة إلى ضمان سلامة المشاركين والمتفرجين ستؤدي إلى تعزيز التدابير الأمنية وأنظمة الاستجابة للطوارئ. ومن شأن هذه التحسينات أن تعزز البيئة العامة للسلامة والأمن في المغرب.

إن الاستضافة المشتركة لكأس العالم 2030 مع إسبانيا والبرتغال تقدم للمغرب فرصة فريدة لجني مجموعة واسعة من الفوائد. ومن التحفيز الاقتصادي وتطوير البنية التحتية إلى التبادل الثقافي والاستدامة البيئية، ستكون تأثيرات كأس العالم عميقة ودائمة. ومن خلال الاستفادة من هذا الحدث العالمي، يمكن للمغرب تعزيز مكانته الدولية، وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وخلق إرث من شأنه أن يفيد الأجيال القادمة.

0 التعليقات: