الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الثلاثاء، أغسطس 27، 2024

"العشقان" نص سردي عبده حقي


تهمس الدائرة على حافة العالم، حيث يرسم العشاق صورهم في الهواء.

أيدي مكسوة بالريش لم يلمسها أحد قط، ومع ذلك يشعرون بكل بوصة من بعضهم البعض، من خلال لوحة حلم لا ينتهي أبدًا.

عيونهم نجوم تخترق الظلام بخيوط من الضوء، تخيط الليل معًا، بينما ينسجون حبهم في الغيب.

حب ليس من الجسد، بل من الروح، حيث تتسرب الألوان إلى الفكر، والفكر إلى اللون، حتى لا يكون هناك فرق بينهما.

إنه الطائر الذي يطير عبر المرآة، وهي المرآة التي تبتلع الطائر، ويصبحان معًا انعكاسًا للمستحيل،

رقصة الظلال في عالم بلا ضوء.

وجهها مشهد ، ويداه التلال والوديان، والسماء سريرهما حيث يضعان أفكارهما، بينما يفقدان نفسيهما في أفق عقل كل منهما.

شفاههما لا تلتقي أبدًا، ولكن القبلة تتكلم هناك، معلقة في الهواء، مثل الوعد الذي لم يقال أبدًا، كلمة لم تتشكل أبدًا، لكنها تبقى في حنجرة الكون، تنتظر أن تولد.

شعرها هو الريح التي تهمس بالأسرار للأشجار، وأنفاسه هي العاصفة التي ترد عليها، ويخلقان معًا سيمفونية من الصمت، لحن لا يسمعه إلا القلب.

لا يتحدثان، لأن اللغة سجن، وحبهما حر، حر في التجوال في برية للخيال، حيث الحدود الوحيدة هي حافة الحلم.

إنهما يرتديان أقنعة، ليس لإخفاء وجوهيهما، ولكن للكشف عن ذواتهما الحقيقية، الذات التي توجد وراء و راء الجسد، حيث يصبح العقل جسداً، ويصبح الجسد عقلاً، في رقصة من التحول اللامتناهي.

القناع هو المفتاح، والباب هو الذات، والعشاق هم القفل، يدورون في الليل الذي لا نهاية له، ينفتحون ويغلقون، ينفتحون ويغلقون، حتى لم يعد الباب موجودًا، والذات لم تعد ذاتًا، بل أصبحت جزءًا من الكل، قطعة من اللغز الذي هو الكون.

في الحلم، هما كل شيء ولا شيء، مفارقة لا يمكن حلها، ولكن فقط احتضانها، حيث يذوبون في بعضهم البعض، ويصبحون الحلم نفسه.

حبهما هو اللحاف، وأجسادهما هو اللون، والعالم هو الفرشاة التي تمشطهما إلى الوجود، مرارًا وتكرارًا، في دورة لا نهاية لها من الخلق والدمار.

إنهما العاشقان، ليس الجسد، بل العقل، وفي أحضانهما، يولد العالم من جديد، عالم حيث يصبح المستحيل ممكناً، ويصبح الحلم حقيقة.

ومع حلول الليل، يذوبان في الظلام، ويتركان وراءهما ظلالهما فقط، ويرقصان على حافة العالم،

حيث يصبح الحلم والواقع جسدا واحدًا، ويصبح العاشقان أحرارًا،

أحرارًا في الحب،

أحرارًا في الحلم،

أحرارًا في الوجود.

0 التعليقات: