الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، أغسطس 05، 2024

نهاية بوليساريو وعزلة الجزائر ؟ عبده حقي


أدى القرار التاريخي الذي أصدرته فرنسا بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء إلى تحريك سلسلة من الأحداث ذات النتائج البعيدة المدى على المنطقة المغاربية ومحيطها. فالزوال المحتمل لجبهة بوليساريو، وتفاقم عزلة الجزائر، واحتمال انضمام لاجئي مخيمات تندوف إلى المغرب هي سيناريوهات أصبحت حقيقة وواقعية بشكل متزايد.

إن جبهة بوليساريو، تجد نفسها اليوم عند مفترق طرق. ومع قيام فرنسا، باعتبارها لاعبا دوليا رئيسيا، بإلقاء ثقلها كحليف قوي للمغرب، جعل شرعية الحركة الانفصالية ونفوذها السياسي يتآكل بشكل كبير. ومن المرجح أن يتبع الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء من قبل دول أخرى نفس المنهج، مما يزيد من عزلة البوليساريو وحاضنتها الجزائر.

إن فقدان الدعم الخارجي، إلى جانب الانقسامات الداخلية وتراجع الحماس بين السكان الصحراويين، قد يؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار هذه الحركة الانفصالية وزوالها من المشهد السياسي. ومن شأن هذا أن يمثل نهاية لصراع دام خمسة عقود من الزمان ويفتح الباب أمام عصر جديد من السلام والاستقرار في منطقة المغرب الكبير.

إن الجزائر، وهي الداعم الرئيسي لجماعة بوليساريو، تواجه اليوم لحظة محاسبة تاريخية عسيرة حيث إن خسارة وكيلها في صراع الصحراء يمثل انتكاسة استراتيجية. وعلاوة على ذلك، من المرجح أن يؤدي الإجماع الدولي المتزايد حول سيادة المغرب إلى عزل الجزائر بشكل أكبر على الساحة الدولية.

وقد يجد النظام الجزائري نفسه تحت ضغط متزايد لمعالجة القضايا الداخلية بدلاً من الانخراط في حروب مكلفة بالوكالة. والتحديات الاقتصادية، إلى جانب السخط المتزايد بين السكان، من الممكن أن تخلق بيئة انقلابية وخطيرة.

كما قد تشهد مخيمات اللاجئين في تندوف، منفى السكان الصحراويين المعتمدين على المساعدات الجزائرية، انتفاضات وتحولاً دراماتيكياً قد يؤدي إلى حرب أهلية . ومع تراجع جماعة بوليساريو وعزلة الجزائر المتزايدة، من المرجح أن تتدهور الظروف الاجتماعية والصحية والنفسية في هذه المخيمات.

وقد يصبح احتمال الانضمام إلى المغرب، مع وإغراءات عوده بالفرص الاقتصادية والتكامل الاجتماعي، جذاباً بشكل متزايد لسكان المخيمات. ولا يمكن استبعاد حدوث انتفاضات واحتجاجات تطالب بتقرير المصير والاندماج الفوري واللامشروط مع المغرب.

لقد كان انخراط الأمم المتحدة في صراع الصحراء الغربية عملية طويلة وشاقة. ومع اعتراف عدد متزايد من البلدان بسيادة المغرب، بما في ذلك عضو دائم في مجلس الأمن، يتم وضع اللمسات الأخيرة لإغلاق ملف الأمم المتحدة بشأن الصحراء المغربية.

وقد تجد الأمم المتحدة نفسها في موقف حيث يتعين عليها الاعتراف بالواقع الجديد وتسهيل الانتقال السلس والسلمي. وقد يشمل هذا المساعدة في إعادة اللاجئين الصحراويين إلى وطنهم الأم (المغرب) ، ودعم التنمية الاقتصادية في المنطقة، وضمان الاستقرار.

إن النتائج المحتملة الموضحة أعلاه سوف تكون لها تداعيات جيوسياسية كبيرة. فالمغرب المستقر والموحد، مع سيطرته الكاملة على أراضيه، قد يبرز كقوة إقليمية رائدة . وقد يؤدي هذا إلى زيادة التعاون مع الدول الأوروبية بشأن قضايا مثل الأمن والهجرة والتنمية الاقتصادية.

وقد تشهد المنطقة عصرًا جديدًا من التكامل الاقتصادي، حيث يلعب المغرب دورًا مركزيًا. وقد يفيد هذا منطقة المغرب العربي بأكملها، مما يؤدي إلى زيادة الرخاء والاستقرار لجميع بلدانه الخمس وتحريك عجلة اتحاد المغرب العربي من جديد. ولكن من المرجح أن تكون عملية الانتقال محفوفة بالتحديات، ومن الضروري إدارة العملية بعناية لمنع عدم الاستقرار.

0 التعليقات: