الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، أغسطس 11، 2025

التنمية والحكم الذاتي في مواجهة الدعاية الانفصالية: عبده حقي


في الوقت الذي تتواصل فيه جهود المغرب لترسيخ التنمية الشاملة وتعزيز الاستقرار في أقاليمه الجنوبية عبر مشاريع كبرى ومبادرات مهيكلة، تحاول بعض الأطراف الخارجية، ومنها الاتحاد المركزي لعمال البرازيل، إعادة تدوير خطاب البوليساريو وداعمتها الجزائر، متجاهلة الحقائق التاريخية والقانونية والشرعية التي تؤكد سيادة المغرب على صحرائه.

لقد جاء بيان الاتحاد البرازيلي خلال مؤتمره السادس في سلفادور، بين 6 و9 أغسطس 2025، حاملاً دعوات مغلوطة تدعو إلى ما وصفه بـ"حق الشعب الصحراوي في الاستقلال" والاعتراف بما يسمى "الجمهورية الصحراوية الوهمية".

إن هذه المواقف تتجاهل كلياً المرجعية الأممية الحديثة، التي اعتبرت مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007 إطاراً جدياً وذا مصداقية لحل النزاع، كما تجاهلت الإجماع الدولي المتنامي المؤيد لهذا الحل الواقعي والعملي.

المفارقة أن هذه البيانات الانفصالية تصدر في وقت تشهد فيه مدن العيون والداخلة والسمارة وبقية الأقاليم الجنوبية طفرة تنموية غير مسبوقة، بفضل استثمارات كبرى في البنية التحتية، والموانئ، والطاقة المتجددة، والسياحة، والصيد البحري. هذه المشاريع، التي أشاد بها العديد من الشركاء الدوليين، تعكس التزام المغرب بتمكين سكان الصحراء من التنمية والعيش الكريم في إطار سيادته الوطنية.

كما أن التقارير الميدانية الصادرة عن منظمات دولية مستقلة تفند مزاعم "انتهاكات حقوق الإنسان" التي يروجها خصوم الوحدة الترابية، مؤكدة أن المغرب أحرز تقدماً ملحوظاً في مجالات الحريات الفردية والجماعية، مع وجود آليات وطنية فعالة لمراقبة وحماية الحقوق.

الدعوات التي أطلقها الاتحاد البرازيلي لتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان تتجاهل حقيقة أن هذه المهمة تقع أصلاً ضمن صلاحيات المؤسسات الوطنية والدولية العاملة في المغرب، وأن الأمم المتحدة نفسها لم تعتمد مثل هذا التوجه، إدراكاً منها لوجود مؤسسات وطنية تقوم بهذا الدور بكفاءة.

كما أن الترويج لفكرة "الاستفتاء" بات خارج السياق السياسي الراهن، بعدما أثبت المجتمع الدولي استحالة تطبيقه ميدانياً، ودعمه بدلاً من ذلك لحل سياسي قائم على التفاوض والواقعية، وهو ما تجسده مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

إن موقف الاتحاد البرازيلي، وإن كان معزولاً عن التوجه الدولي العام، يسلط الضوء على أهمية مواصلة المغرب تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية والثقافية مع أمريكا اللاتينية لتصحيح الصورة، وإبراز نجاحاته الملموسة على الأرض في الصحراء. فاليوم، لم تعد القضية مجرد نزاع إقليمي، بل نموذجاً للتنمية المندمجة والأمن والاستقرار في منطقة استراتيجية تربط إفريقيا بأوروبا وأمريكا.

إن الواقع الملموس على الأرض، والمواقف الدولية المتنامية المؤيدة لمخطط الحكم الذاتي، تؤكد أن المستقبل في الصحراء المغربية يبنى على التنمية والوحدة، لا على أوهام الانفصال والدعاية الممولة من الجزائر.

وهكذا، فإن شرعية الحكم الذاتي ليست مجرد نص في وثيقة دبلوماسية أو مبادرة سياسية عابرة، بل هي ثمرة مسار تاريخي وواقعي يجمع بين حقائق السيادة ومكتسبات التنمية. فالأقاليم الجنوبية، بما تشهده من مئات الكيلومترات من الطرق المعبدة تربط البحر بالصحراء، وموانئ عصرية تفتح الأفق نحو إفريقيا، ومزارع ريحية وشمسية تغذي المستقبل بطاقة نظيفة، تقدم للعالم برهاناً عملياً على أن الوحدة تحت لواء المغرب هي السبيل الوحيد لضمان الكرامة والازدهار لسكان المنطقة.

 إن الحكم الذاتي في صحرائنا ليس وعداً نظرياً، بل عقداً وطنياً يترجمه العمل اليومي على الأرض، حيث تتناغم إرادة الدولة مع طموحات المواطنين لصناعة غدٍ لا مكان فيه لسراب الانفصال ولا لخطابات الوهم.

0 التعليقات: