الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، سبتمبر 28، 2025

" رباعيات لا يعبرها الفهم" (21) شعر عبده حقي


1

أمشي في الظلِّ كأنني أبحث عن جناحي،

ألمس الجدارَ فيسقطُ صمتُهُ عليّ،

أقول: الحريةُ أن أرى وجهي في ماءٍ لا يملكه أحد،

وأن أسمع قلبي يخطئ الطريق ثم يعثر عليه.

2

حين أكتب، أخلع عن روحي قيدها،

وأسمح للكلمات أن تعلّمني الطيران،

أسمع السجّان وهو يعدّ مفاتيحه،

لكنّي أعدّ نجوم السماء وأسبقها.

3

الحرية ليست رايةً فوق الساحة،

إنها لحظةُ شهيقٍ بلا خوف،

أن أقول "أنا" ولا أرتجف،

أن أفتح النافذة ولا يسألني أحد: إلى أين؟

4

أنا السجين الذي ربّى زهرةً في صدره،

وفتح لها نافذةً في الليل،

كلّما ذبلتْ سقاها بحلمه،

وكلّما أزهرت، سألها: متى تفتحين لي الباب؟

5

في المنفى تعلّمتُ أن الوطن يرافقني،

ليس في الجواز، بل في الأصابع التي تكتب،

ليس في الخريطة، بل في العصافير التي تعرفني،

وكلّما قالوا: حدود، ابتسمتُ، وقلت: هذا الهواء لي.

6

أنا الذي هربتُ من وجهي،

كي أجدني في مرايا الآخرين،

كلّما نادوني غريبًا،

أجبتُ: الغريب هو من لا يعرف أن الحرية وطن.

7

الحرية أن أقول "لا" بصوتٍ لا يُكسر،

أن أضع قدميّ على الأرض كأنها لي،

أن أُحاور الريح دون شاهدٍ عليّ،

وأن أُهدي الصمتَ قصيدتي الأخيرة.

8

أقفُ في الشارع، الناس تمضي،

والجدران تراقب خطواتي،

أرفع رأسي فلا أرى إلا سماءً ضيّقة،

فأمدّ يدي وأوسّعها بحلمي.

9

أنا البحر الذي خبأ ملوحته عن السلاسل،

وأنا الموجة التي كسرتْ زجاج السجن،

أنا القصيدة التي كتبتها الطيور على الغيم،

وأنا صرخةُ الطفل حين يولد، بلا خوف.

10

الحرية ليست بعيدة،

إنها تسكن بين قفص ضلوعي كطائرٍ خائف،

كلّما اقترب مني الرصاص،

ارتجف الطائر… ثم غنّى.

0 التعليقات: