الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، سبتمبر 08، 2025

الذكاء الاصطناعي بين التجريبية والضرورة

 


لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد تجربة مخبرية أو ترفًا تقنيًا؛ بل تحول في السنوات الأخيرة إلى أداة أساسية تعيد تشكيل طريقة تفكير الشركات في مجالات الإبداع والإنتاجية واتخاذ القرار. ومع هذا الانتقال من الهامش إلى المركز، يبرز جدل واسع حول حدود هذه التقنية ومجالات تدخلها، بل وحول مستقبل العلاقة بينها وبين العنصر البشري.

فأين يجب أن يتقدم الذكاء الاصطناعي ليتولى زمام القيادة؟ وأين تبقى القيمة المضافة الحقيقية من نصيب الإنسان بخبرته وحدسه؟ هذا السؤال يعيدنا إلى لبّ النقاش الدائر: التكنولوجيا ليست بديلًا عن الإنسان، لكنها قد تتحول إلى منافس صامت إذا لم تُحدد لها أدوار واضحة.

في جانب آخر، يثير الذكاء الاصطناعي قضية لا تقل حساسية: هل يمكن لهذه الأنظمة أن تُبدع فعلًا؟ أم أن ابتكاراتها مجرد إعادة تركيب لبيانات سابقة أنتجها العقل البشري؟ بين من يراها أداة توسّع أفق الخيال الإنساني ومن يحذر من "سطحية الآلة"، يظل الإبداع أحد أكثر المجالات غموضًا في علاقة الإنسان بالذكاء الاصطناعي.

لكن الأهم من ذلك كله يبقى البُعد الأخلاقي. فمع انغماس المؤسسات أكثر فأكثر في الاعتماد على هذه التقنيات، تبرز مسؤولية جماعية تجاه أسئلة محورية: كيف نضمن الشفافية في القرارات التي تصدرها الخوارزميات؟ ما هي حدود حماية البيانات الشخصية؟ وأي معايير تحكم العلاقة بين الكفاءة الاقتصادية واحترام القيم الإنسانية؟

باختصار، الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا تقنيًا يمكن تجاهله، بل أصبح واقعًا يفرض نفسه على بيئة الأعمال والمجتمعات على حد سواء. غير أن الطريق أمامه يظل محفوفًا بالأسئلة المفتوحة، التي قد تحدد الإجابة عنها ليس فقط مستقبل التكنولوجيا، بل مستقبل الإنسان ذاته في زمن تتقاطع فيه حدود العقل الطبيعي والاصطناعي.

0 التعليقات: