الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، سبتمبر 15، 2025

كتّاب مغاربة يستحضرون إلياس خوري: حارس ذاكرة مفتوحة على جراحنا المشتركة


 جسر ممتد من المشرق نحو المغرب

الكاتب والإعلامي عبده حقي، استحضر في شهادته الذكرى الأولى لرحيل الكاتب اللبناني إلياس خوري، «الذي كان جسرا ممتدا من المشرق نحو المغرب، أرضا وكتابة وذاكرة»، وزاد قائلا: «تعرفتُ إلى إلياس خوري بداية من خلال رواياته التي حملت إلينا، نحن القراء المغاربة، وجع الحرب الأهلية اللبنانية وكوابيسها، لكن أيضا بريق المقاومة الفلسطينية وصوتها الجريح، التي ظل يعتبرها جزءا من هوية الأمة العربية برمتها». ويوضح عبده حقي: «كنت أقرأ إلياس خوري كما لو أستنشق (رائحة الصابون)، ذلك النص الروائي الذي جعلني أرى الذاكرة العائلية وهي تتحول إلى وطن صغير محاصر بالغياب، وأرافقه في (رحلة غاندي الصغير) حيث الطفولة تصبح مرآة للنكبة وللبحث عن معنى البراءة وسط الخراب. هكذا شعرت بأن كلماته كانت تعانق تجربتنا نحن المغاربة أيضا، إذ علّمتني أن الحكاية الشخصية لا تنفصل عن التاريخ، وأن مصير المواطن مرسوم على جدار بيت الجماعة». وحين جاء إلى المغرب للمشاركة في معرض الكتاب والنشر في الدار البيضاء عام 2019، وكانت ثاني زيارته منذ الأولى عام 1977، قال حقي: «شعرت بأننا أمام كاتب يعانقنا باعتباره مغربيا وواحدا منا، ينتمي إلى العائلة الثقافية نفسها التي تجتمع بين ضفتي المحيط والخليج».
وتوقف عبده عند «العلاقة الخاصة» التي كانت تجمع إلياس الخوري بالكتاب المغاربة، «فقد كان يلتهم منشوراتهم بحب صادق وفضول عميق، يعشق نصوص محمد برادة، ويتوقف طويلا عند تجربة عبد الكبير الخطيبي، ويستحضر أسماء وازنة مثل الطاهر بن جلون وعبد الله العروي، وكأنه يبحث فينا عن هوية مغربية أخرى لذاته. كنت أراه يحاورهم رمزيا ونقديا بقدر ما يحاور ذاته، وكأنه يضع أسئلته الوجودية والسياسية في قلب الحوار المغاربي – المشرقي». ويذكر عبده في تلك الزيارة، حين قال الخوري «بابتسامة ممزوجة بالمرارة: (أنتم المغاربة علمتمونا كيف نكتب عن الاستعمار، وكيف نحوّل الذاكرة إلى نصوص مقاومة، أما نحن في المشرق فقد علمتنا الحرب أن الكتابة يمكن أن تكون بيتا آخر نلجأ إليه). تلك الجملة، يوضح حقي، «التي ظلت ترنّ في أذني طويلا، لأنها كانت تلخص معنى الصداقة الأدبية بينه وبيننا: التقاء التجربتين في تضاريس مختلفة لكن بجراح متشابهة». بالنسبة لعبده حقي، فإن «إلياس خوري كان بكل صدق شريكا في الحلم الثقافي العربي المشترك. فالمغرب بالنسبة له كان فضاء للقاء الروح المشرقية بظلها المغاربي، وحوارا لم ينقطع مع أجيال من النقاد والروائيين والشعراء».
اليوم، يقول الكاتب المغربي: «ونحن نخلد ذكرى رحيله المر، أشعر بأن المغاربة أيضا فقدوا صديقا حقيقيا، كان يكتب عن بيروت وعينه على الرباط، كأن المسافة بيننا وبينه لم تكن سوى وهم جغرافي. لقد ترك لنا كتبا وروايات ستبقى شاهدة على زمننا العربي الممزق والجريح، وترك أيضا أثرا إنسانيا وأخلاقيا عميقا في نفوس الذين عرفوه وقرأوه هنا».

0 التعليقات: