الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


إعلانات أفقية

الخميس، ديسمبر 11، 2025

المغرب: بين ضوء البحر المتوسط وأنفاس الأندلس: إعداد عبده حقي

 


في هذا اليوم، 11 دجنبر 2025، يمكن للقارئ المتخيَّل أن يفتح خريطة العالم كما لو كانت برنامجًا ثقافيًّا واسعًا: من مدن الأطلسي المغربية إلى العواصم الأوروبية والإفريقية، تتجاور المعارض مع الحفلات، والمؤتمرات مع المهرجانات، في شبكة واحدة من الضوء والموسيقى والصورة. ما يلي أجندة مُفصَّلة لعددٍ من أبرز المواعيد الثقافية والفنية لهذا اليوم، موزَّعة حسب الفضاءات الجغرافية التي طلبتها.

المغرب: بين ضوء البحر المتوسط وأنفاس الأندلس

في مدينة العرائش، يتواصل اليوم اليوم الثاني من ملتقى بحور للفنون البصرية، الذي تنظمه جمعية دار الفن بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل والجماعة الترابية للمدينة. يُحوِّل الملتقى الفضاءات الثقافية إلى مختبرات مفتوحة للّوحة والصورة الفوتوغرافية والفن التركيبي، حيث يلتقي فنانون شباب بمخضرمين في حوارات حول هوية الصورة المغربية وامتداداتها المتوسطية والإفريقية في أروقة المعرض وورشاته، لا يُقَدَّم الفن كزينة معلقة على الجدران، بل كسؤال حول المدينة نفسها: كيف ترى العرائش ذاتها في مرآة البحر، وكيف تُعيد الفنون البصرية كتابة أحلامها ومخاوفها؟

وإلى الشمال قليلًا، تحتضن طنجة في قصر المؤسسات الإيطالية معرض «Arte dal Vulcano / الفن المستلهم من البركان»، الذي يجمع أعمالًا لفنانين معاصرين من نابولي وإقليم كامبانيا، من مجموعتي متحفي «مادري» و«نوفيتشنتو» الإيطاليين المعرض، الممتدّ إلى غاية 11 يناير 2026، ليس مجرد استعراض لأعمال أوروبية، بل هو اقتراح لحوار متوسطي جديد: نابولي البركانية في مواجهة طنجة الأطلسية، والحمم القديمة تُجاور رياح البوغاز. الزائر هنا يكتشف كيف يمكن للّون والخط أن يُحوِّلا الأسطورة البركانية إلى لغة بصرية معاصرة، تلامس قضايا الذاكرة والهوية والهجرة.

أما العَالَم الأندلسي، فينبض اليوم من خلال «اللقاءات الدولية أندلوسيات 2025»، وهي تظاهرة مخصَّصة للموسيقى الأندلسية وذاكرتها الجمعية، تمتد من 11 إلى 13 دجنبر. على الخشبات المغربية، تتجاور الجُوق المحلية مع ضيوف من إسبانيا، في وصلات تمزج الطرب الآلي بالكلمة الصوفية وبالآلات الكلاسيكية. الأمسية الأندلسية ليست فقط حفلاً موسيقيًّا، بل درسًا حيًّا في “التاريخ المسموع”، حيث يستعيد الجمهور تحوّلات هذا التراث من قرطبة وغرناطة إلى فاس وتطوان والرباط.

العالم العربي: من دبي المتلألئة إلى باكو الإسلامية

في دبي، يستمر مهرجان التسوّق بدورته الحادية والثلاثين، الذي انطلق قبل أيام قليلة ويجمع بين العروض التجارية والبرنامج الفني الحافل بالحفلات الموسيقية والعروض الاستعراضية وفعاليات الشارع. في هذا اليوم تحديدًا، تتوزع الفقرات بين منصات في الهواء الطلق ومراكز التسوق الكبرى، حيث يختلط جمهور النجوم العرب والعالميين بالمتسوّقين والسياح، في مشهد يُجسِّد كيف أصبحت المدينة مسرحًا مفتوحًا للاستهلاك والترفيه والصورة في آن. المهرجان من جهة تظاهرة اقتصادية، لكنه من جهة أخرى مختبر لأسلوب جديد في صناعة “الفرجة” العربية.

وفي باكو، تُسدل اليوم الستارة على «المهرجان الثقافي لمنظمة التعاون الإسلامي: أسبوع باكو الإبداعي 2025»، الذي امتد من 5 إلى 11 دجنبر، جامعًا فنانين ومبدعين من الدول الأعضاء في المنظمة. يختم المهرجان برامجه بمعارض للفن المعاصر، وعروض موسيقية، ولقاءات فكرية حول مستقبل الإبداع في العالم الإسلامي. هذا التلاقي بين الفنون المرئية والسمعية والكلمة المكتوبة يُحوِّل العاصمة الأذربيجانية إلى منصة حوار بين تجارب من الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا الوسطى، حيث يُناقش الفنانون دور الثقافة في تجاوز الصور النمطية والصراعات السياسية.

إفريقيا: داكار، جوهانسبورغ، كيب تاون… فنون تعيد رسم القارة

في داكار، يتواصل حتى مساء اليوم «صالون أسواق السياحة الإفريقية (SMTA)» على الساحة الأمامية للمسرح الوطني، وهو حدث يجمع بين الترويج للسياحة والثقافة والحِرَف والنقل الجوي، تحت إشراف وزارة الثقافة والصناعة التقليدية والسياحة في السنغال. البرنامج لا يقتصر على الأروقة المهنية، بل يتضمن عروضًا فنية حيّة وفضاءات للمنتوجات التقليدية وحفلات موسيقية تعكس تنوّع التراث الإفريقي. الزائر يخرج من هنا بإحساس أن القارة تحاول تقديم نفسها من جديد، بعيدًا عن الصور الكلاسيكية للفقر والنزاعات، بوصفها فضاءً للإبداع والاستثمار الثقافي.

في جنوب إفريقيا، يُختَتَم اليوم «معرض جوهانسبورغ الفوتوغرافي» في فضاء FOTO ZA، بعد أسابيع من العروض التي جمعت أعمالًا لعدد من المصورين حول تحوّلات المدينة ومحيطها العمراني والاجتماعي. المعرض يُقدِّم صورًا تلتقط التفاصيل الصغيرة في الحياة اليومية: وجوه الشباب، الحافلات المزدحمة، الشوارع التي تتجاور فيها الفخامة مع الهشاشة. إنه ليس مجرد معرض تقني، بل محاولة لوضع العاصمة الاقتصادية للقارة أمام مرآة كاميرا لا تجامل.

وفي كيب تاون، يفتتح مساء اليوم، ابتداءً من السادسة، معرض جديد للفنانة الجنوب إفريقية فرانسيس غودمان في قاعة SMAC Gallery، تحت عنوان قريب من عالم الجسد والهوية والزينة النسائية. أعمال غودمان، المعروفة باستعمالها غير المألوف لمواد مثل الأظافر الاصطناعية والرموش والأكسسوارات، تُحوِّل الأشياء الهشّة إلى منحوتات صادمة. افتتاح المعرض يتحوّل عادةً إلى لقاء حيّ بين الفن والجمهور والنقّاد، حيث تُطرح أسئلة حول تمثيل الجسد الأنثوي في مجتمع ما بعد الأبارتهايد، وبين ثقافة الاستهلاك ومقاومتها.

ألمانيا: أضواء عيد الميلاد بين برلين والشتاء الطويل

في برلين، يُقام هذا المساء عرض «Stars in Concert – Christmas Special» في مسرح Estrel Showtheater، ابتداءً من الثامنة ليلًا. على الخشبة، يستعيد فنانون متمرسون أشهر أغاني الكريسماس بأسلوب العروض الاستعراضية الممزوجة بالرقص والإضاءة المبهرة. الحدث ليس فقط حفلاً موسيقيًّا بل تجربة مسرحية كاملة، حيث يجلس الجمهور في فضاء مُصمَّم ليحاكي أجواء النوادي الموسيقية الأمريكية القديمة، في محاولة لإضفاء دفء فني على ليل ألماني بارد.

وخارج قاعات العرض، يحتضن ساحة القصر (Schloßplatz) في قلب برلين سوقًا شتويًّا يمتد اليوم من الحادية عشرة صباحًا حتى العاشرة ليلًا، يجمع بين منصات الأكل التقليدي وأكشاك الحِرَف والأنشطة الفنية للأطفال واليافعين. في هذا الفضاء المفتوح، تبدو المدينة وكأنها تستعيد روحها الشعبية: روائح الكستناء والقرفة، أكواب النبيذ الساخن، أضواء العيد، وموسيقى الشارع التي تصنع خلفية حميمة للقاءات الأصدقاء والعائلات.

إسبانيا: بين البحث العلمي والهوية الرقمية للإسلام

في برشلونة، يُنظَّم اليوم «المؤتمر الدولي للدراسات الإسلامية في العصر الرقمي (ICISDE)»، الذي يحاول استكشاف العلاقة الجديدة بين المعرفة الدينية والتكنولوجيا، وكيف أعادت المنصات الرقمية تشكيل فضاءات الفتوى والدرس والخطاب الديني. يجتمع في هذا المؤتمر باحثون من تخصّصات مختلفة: دراسات إسلامية، علوم تواصل، إعلام، علوم بيانات. في الجلسات العلمية، تُناقَش موضوعات مثل الأرشفة الرقمية للتراث المخطوط، وصعود الدعاة المؤثرين على وسائل التواصل، والتحديات الفقهية التي تطرحها الذكاءات الاصطناعية. إنه حدث علمي، لكنه في العمق لحظة ثقافية تسائل صورة الإسلام في أوروبا المعاصرة.

البرتغال: أدب إفريقي وموسيقى حضرية في لشبونة

في لشبونة، يلتئم عدد من الباحثين والكتّاب في «المؤتمر الدولي للأدب الإفريقي والدراسات اللغوية (ICALLS)»، المنعقد اليوم في العاصمة البرتغالية. يتناول المشاركون قضايا مثل ترجمة الأدب الإفريقي إلى لغات أوروبية، واللغات المهدَّدة في القارة، وكيف تعكس الرواية والشعر تجارب الاستعمار وما بعد الاستعمار والهجرة. الجوّ هنا أقرب إلى ورشة فكرية مفتوحة، حيث تُقرأ النصوص ويُناقَش حضور إفريقيا في المخيال البرتغالي المعاصر.

ومساءً، تتحوّل لشبونة إلى مسرح لموسيقى الشباب مع حفل لفرقة Carolina Durante في فضاء Casa do Capitão، ضمن برنامج حفلات هذا اليوم الذي ترصده منصات الحجز الموسيقي العالمية الحفل يقدّم مزيجًا من الروك المستقل والروح الاحتجاجية الخفيفة، ويستقطب جمهورًا من الطلبة ومحبي الموسيقى البديلة. 


0 التعليقات: