1. خَمْسُونَ عَامًا، وَالمَجَادِلُ تَسْتَطَالُ
وَالْمَجْدُ فِي أُفْقِ المَغَارِبِ لَا يَزَالُ
2. خَمْسُونَ تَسْقِي مِنْ رَمَالِكَ نَخْلَهَا
فَتَرُدُّ رِيَّ العُرْبِ وَالأَجْيَالُ
3. يَا مَغْرِبَ الإِيمَانِ، مَهْدَ مَحَبَّةٍ
لَكَ فِي القُلُوبِ صَلَاةُ ذِي الإِجْلَالِ
4. سَارَتْ جُيُوشُ الحُبِّ، لَا سَيْفٌ وَلَا
زَحْفٌ يُدِيمُ الدَّمْعَ وَالزَّلْزَالُ
5. بَلْ كَانَ زَحْفًا لِلْقُلُوبِ مُنَوَّرًا
بِالمُصْحَفِ الغَضِّ الأَزَلِيِّ سِجَالُ
6. مَلَكٌ يُلَاحِمُ فِي الرِّيَاضِ شَبَابَهُ
وَيَخُوضُ مَعْرَكَةَ الهُدَى الأَبْطَالُ
7. يَا مَلِكَ القَلْبِ الحَسَنِ، وَإِذَا دَعَا
صَوْتُ المَلِيكِ، أَجَابَهُ الإِجْلَالُ
8. صَوْتُ الحَسَنِ الْمَرْفُوعِ، يَرْفَعُ أُمَّةً
تَمْضِي وَيَرْقُبُ خُطْوَهَا الأَفْيَالُ
9. قَالُوا: سَنَسْتَرْجِعُ الأَرَاضِيَ بِالدُّعَا
وَتُرِيدُ أَعْيُنُهُمْ لَهَا آثَالُ
10.
فَسَقَى المَسِيرَةَ مِنْ ضِيَاءِ قَلْبِهِ
نُورًا تَفَتَّقَ عَنْهُ كُلُّ جِبَالُ
11.
وَخَطَاهُمُ صَلْصَالُ نُورٍ خَالِدٍ
تَرْتَاحُ تَحْتَ صَدَاهُ الأَطْلَالُ
12.
وَالأَرْضُ تُقْبِلُهُمْ كَأَنَّ رِيَاحَهَا
نَفَسُ النَّبِيِّ، وَدَمْعُهُ هَطَّالُ
13.
مَا حَرَّرُوا أَرْضَ الوُرُودِ بِحُرْبَةٍ
بَلْ بِالدُّعَا وَتَكَبُّرِ الإِقْبَالُ
14.
يَا خَضْرَآءَ الحُلْمِ، يَا زَمَنَ التُّقَى
فِيكِ السُّيُوفُ تُنَزَّهُ وَالنِّبَالُ
15.
سِرْنَا وَمَعْنَا اللهُ، فَانْحَسَرَ الدُّجَى
وَتَسَاقَطَتْ مِنْ خَوْفِهَا الأَظْلَالُ
16.
وَالصَّحْرَاءُ تَبْتَسِمُ الشُّمُوسُ بِأُفْقِهَا
حَتَّى كَأَنَّ النُّورَ فِيهَا سَالُ
17.
خَمْسُونَ تَزْهُو فِي الحَيَاةِ كَأَنَّهَا
عُمْرُ المَجِيدِ وَرِفْعَةُ الأَفْضَالِ
18.
وَالحَسَنُ المَلِكُ الَّذِي أَرْسَى الخُطَى
وَرَسَا بِعَهْدٍ لا يُضَاهَى الحَالُ
19.
وَوَرِيثُهُ المُحْمَدُ البَانِي الَّذِي
فِيهِ المُنَى وَإِلَيْهِ تَنْحَازُ الآمَالُ
20.
جَدَّدْتَ يَا مُحَمَّدُ السَّبِيلَ، وَكُلُّ مَا
فِي الأُفْقِ يَشْهَدُ أَنَّكَ النَّضَّالُ
21.
فَالعُمْرُ مَا مَضَى عَلَى خُطَواتِكُمْ
إِلَّا وَفَاضَتْ مِنْكُمُ الأَفْضَالُ
22.
يَا وَاحَةَ الحُرِّيَّةِ الغَرَّاءِ، يَا
بِلَادَ مَنْ يَهْوَى العُلا وَيَنَالُ
23.
خَمْسُونَ مَرَّةً تَسْقُطُ الأَعْدَاءُ فِي
وَهْمٍ، وَتَنْهَضُ فِي العُلا الأَطْلَالُ
24.
وَالزَّائِفُونَ يُغَنُّونَ السُّرَى زُورًا
وَيُرْعِدُ فِي صَوْتِ الهَوَى الأَوْغَالُ
25.
وَالمَرْجُ يَخْضَرُّ بِاسْمِ رَبٍّ وَاحِدٍ
مَالِكُ هَذِهِ التُّرْبَةِ الجَلَّالُ
26.
وَالرَّايَةُ الحَمْرَاءُ تَرْفَعُ سَيْرَهَا
بِيَدِ الشُّجَاعِ، وَعَيْنُهُ تَتْلَالُ
27.
سَقَتِ الشَّهَادَةُ نَخْلَنَا، فَتَجَدَّدَتْ
أَرْوَاحُ مَنْ مَاتُوا لَهَا أَبْطَالُ
28.
وَالذِّكْرُ خَالِدُهُمْ، يُطَهِّرُ نَبْرَهُ
مِثْلَ الأَذَانِ، وَنُورُهُ وَبْلَالُ
29.
وَالعَالَمُونَ يَرَوْنَ أَنَّكَ مِحْوَرٌ
فِي الشَّرْقِ، لَا يَتَغَيَّرُ المِقْيَالُ
30.
يَا مَوْلِدَ الأَحْرَارِ، يَا صَوْتَ الهُدَى
فِيكَ الرُّؤَى وَالأَنْبِيَاءُ خِتَالُ
31.
مَا أَخْضَرَ المَسِيرَةَ إِذْ تُحِيلُ قُلُوبَنَا
صُبْحًا، وَفِي أَنْفَاسِهَا الإِبْدَالُ
32.
يَا مِيثَاقَ حُبٍّ، كَيْفَ صُغْتَ حُرُوفَهُ؟
مِنْ آيِ رَبٍّ لَا يُمَسُّ جَلَالُ
33.
وَالمَغْرِبُ الكُبْرَى مَآذِنُهُ دَعَتْ
اللَّهَ يَحْفَظُ شَعْبَهُ، وَيُبَالُ
34.
فَاسْتَبْشَرَ التَّارِيخُ يَكْتُبُ صَفْحَةً
نُقِشَتْ عَلَى القَلْبِ الَّذِي يَخْتَالُ
35.
وَالعِلْمُ يَرْفَعُ فِي الرِّيَاضِ مَنَارَهُ
وَيَكُونُ فِي أَرْضِ الجِدَالِ مِقَالُ
36.
وَالمُسْتَحِيلُ عَلَى المَغَارِبِ يَنْحَنِي
مَا دَامَ فِي دَمِهِمْ لَهُ أَبْدَالُ
37.
وَالمُسْتَعِينُ بِرَبِّهِ مَغْرِبُنَا
لَا يَخْشَى إِنْ خَذَلَ العُدَاةُ نِضَالُ
38.
يَا خَيْرَ أُمَّةٍ قَادَهَا إِيمَانُهَا
فَانْشَقَّ فِي صَحْرَائِهَا الظُّلَالُ
39.
وَالعَالَمُ المَحْسُودُ مِنْ أَعْدَائِهِ
فِي كُلِّ يَوْمٍ حُسْنُهُ يُقْتَالُ
40.
لَكِنَّهُ يَبْقَى كَالنُّجُومِ مُعَلَّقًا
فَوْقَ الغَمَامِ وَحَوْلَهُ الأَبْدَالُ
41.
وَالمَسِيرَةُ الأُولَى تُعَلِّمُ أُمَّةً
أَنْ لَا يَمُوتَ فِي الوَغَى الآمَالُ
42.
وَالمَسِيرَةُ الثَّانِيَةُ الإِعْمَارُ فِي
كُلِّ الحُدُودِ، وَسِرُّهَا الأَفْعَالُ
43.
فِي كُلِّ قُطْرٍ مِنْكَ مَشْرِقُ نُورِهِ
وَيُضِيءُ فِي زَخَمِ الزَّمَانِ هِلالُ
44.
وَالنِّيلُ يَسْقُطُ فِي رُبَاكَ تَحِيَّةً
وَيَقُولُ: قَدْ طَهُرَتْ لَكَ الأَنْهَالُ
45.
وَتُرَاتِيلُ الأَطْفَالِ فِي مَدَارِسِهِمْ
تُنْشِدْ: نَحْنُ الْمُغَارِبُ، مَا مَالُ
46.
فَالمَجْدُ يُورَثُ لِلأُسُودِ، وَإِنْ مَضَى
جِيلٌ، تَبَدَّلَ بَعْدَهُ أَجْيَالُ
47.
وَالمَغْرِبُ العُلْيَا تُعِيدُ بِنَاءَهَا
نَفْسُ المَسِيرَةِ، وَالعُرَى وَصَالُ
48.
وَالخَامِسُونَ تُعِيدُ نُورَ حَدِيثِهَا
فِي كُلِّ عَيْنٍ بَارِقٌ وَجَلَالُ
49.
سَتَظَلُّ يَا مَوْطِنَ الكِبْرِيَاءِ مُوَحَّدًا
لَا يَنْثَنِي فِيكَ العِزِيمُ وَبَالُ
50.
وَيَظَلُّ ذِكْرُ المَسِيرَةِ سَيْفَنَا
يَسْطُو عَلَى التَّارِيخِ وَهْوَ جِدَالُ







.jpg)
0 التعليقات:
إرسال تعليق