الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


إعلانات أفقية

السبت، أكتوبر 25، 2025

المغرب يحتفي بإبداعاته الفنية والعلمية في تظاهرات خريفية متعددة: إعداد عبده حقي


 يشهد المشهد الثقافي المغربي والعربي حراكاً غنياً ومتنوعاً هذه الأيام، حيث تتقاطع الجوائز الأدبية مع المهرجانات السينمائية والتشكيلية، وتلتقي مبادرات البحث الأكاديمي مع تجارب فنية تنبض بالحياة في شوارع المدن المغربية.

فقد أعلنت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية عن تكريم نخبة من المبدعين العرب من بينهم حميد لحميداني، إنعام كجه، حميد سعيد، وعبد الجليل التميمي، اعترافاً بإسهاماتهم في الأدب والنقد والفكر العربي المعاصر. هذه الجائزة المرموقة تواصل ترسيخ مكانتها كمنبر للتميز الثقافي العربي، حيث تكرّم الأصوات التي تحمل همّ الإبداع والتنوير في عالم متغير.

وفي مدينة بنسليمان، انطلقت الدورة الأولى من مهرجان عيطة الشاوية احتفاءً بهذا اللون الموسيقي التراثي الذي يعكس روح المقاومة الشعبية وذاكرة القبائل المغربية. ويأتي المهرجان متزامناً مع احتفالات المسيرة الخضراء، في مشهد يجمع بين الذاكرة الفنية والوطنية في آن واحد.

أما مدينة خريبكة، فقد تحولت إلى فضاء مفتوح للفن عبر الدورة السابعة من مهرجان "شوارع آرت" الذي جمع فنانين تشكيليين وموسيقيين من مختلف المدن المغربية، مزجوا الألوان بالإيقاعات ليُعيدوا للشارع دوره كمسرح شعبي للفن والتعبير. وفي الدار البيضاء، التأمت فعاليات المؤتمر العالمي للفلامنكو الأندلسي 2025، الذي أبرز الروابط التاريخية بين التراث الإسباني والمغربي في توليفة موسيقية تحاكي الذاكرة الأندلسية المشتركة.

وفي المقابل، نظم مختبر السرديات دورة جديدة خصصت لـ “السرديات الجهوية”، حيث تمت مناقشة أعمال سردية من جهة الشرق المغربية، بما يعكس اتساع رقعة الاهتمام النقدي بالتجارب المحلية، وإبراز التنوع الثقافي الذي يميز الأدب المغربي المعاصر.

أما مدينة فاس فقد ودّعت أحد أبنائها المبدعين، الفنان التشكيلي حسن جميل، الذي رحل بعد مسيرة حافلة بالعطاء والإبداع، تاركاً خلفه بصمات واضحة في الفن المغربي الحديث.

وفي المجال الأدبي، شهد الوسط الثقافي صدور قراءات نقدية وجمالية في ديوان الشاعر جمال أزراغيد “سمائي خفيفة... أيها البياض”، حيث توقف النقاد عند لغته الشفافة وصوره التي تمزج بين الرهافة والتأمل الفلسفي، إلى جانب مقالات شعرية بعنوان “نفَسٌ يقطرُ كدَمعِ العِنب” التي جسّدت رؤية جديدة للشعر المغربي المعاصر.

من جهة أخرى، نظمت أكاديمية المملكة المغربية حفلاً تكريمياً للباحث الفرنسي جان فرانسوا تروان تقديراً لمساره العلمي وإسهاماته في دراسة التاريخ المغاربي، بينما أطلق المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب مشروعاً طموحاً لنشر أطروحات الدكتوراه المغربية في التاريخ، في خطوة تهدف إلى إتاحة المعرفة التاريخية أمام الباحثين والقراء.

وفي المجال السينمائي، تواصل فعاليات المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، حيث تركز دورته الحالية على “ثلاثية الذاكرة والأنوثة والكرامة”، بمشاركة أفلام تسائل التاريخ والهوية والعدالة الاجتماعية، في مشهد يعكس نضج التجربة السينمائية المغربية.

وفي عالم الموسيقى، أطلق الفنان حاتم عمور أغنية جديدة مهداة إلى أشبال الأطلس بمناسبة تتويجهم في كأس العالم للشباب، في عمل يجمع بين الفخر الوطني والنغمة العصرية التي تخاطب الجيل الجديد.

أما المخرج المغربي نبيل عيوش، فقد عاد بفيلم جديد بعنوان «الكل يحب تودا»، الذي يغوص في عالم “الشيخات” ويكشف جوانب إنسانية وجمالية من تراث مغربي ظلّ طويلاً حبيس الصور النمطية.

في الأثناء، قدمت مدينة وجدة تظاهرة ثقافية بعنوان «حين يصبح الحبر مغاربياً»، جمعت كتّاباً من المغرب والجزائر وتونس لبحث سبل التعاون الأدبي في الفضاء المغاربي. وفي ختام المشهد، كتب أحد مثقفي جريدة العلم مقالة لافتة بعنوان «لا بأس أن نُقاوم مع الشباب صناعة اليأس!»، داعياً فيها إلى تحالف ثقافي وشبابي لمواجهة اللامبالاة والإحباط بالمزيد من الأمل والإبداع.

هكذا يبدو أن الخريف الثقافي المغربي يزدان بألوان الفن والفكر، حيث تتلاقى الذاكرة والتراث والحداثة في موسم واحد يفيض بالحياة والإلهام.


0 التعليقات: