بمناسبة
إصدار كتاب "راسل بانكس Russel Banks " الأخير
، "ذكرى قديمة عن جلدي" ، يبدو أنه بات من الضرورة القصوى مقاربة أسئلة موضوع
الأدب الرقمي . فخلال الحوار الذي أجراه بانكس روسل مع مجلة
(لير) ، حيث أعلن أن "الإنترنت يمكن أن يقودنا في الاتجاه الخاطئ ". ومن خلال رده هذا يمكن أن ننطلق لنطرح السؤال التالي : ما هو الأدب الرقمي؟
(لير) ، حيث أعلن أن "الإنترنت يمكن أن يقودنا في الاتجاه الخاطئ ". ومن خلال رده هذا يمكن أن ننطلق لنطرح السؤال التالي : ما هو الأدب الرقمي؟
إنها
حكاية مقلقة تتعلق ببعض العناصر الثابتة في
عصرنا ، وبين الإدمان على مشاهدة المواد الإباحية والتشويش على الهوية ، فإن رواية
" ذكرى بعيدة عن جلدي " هي من بين أجمل ما كتب الروائي رسل بانكس وهو في ذروة عطائه ، إنها أول رواية متميزة عن الجنس
في عصر الرقمية . خصوصا بتوصيفه لصورة ذلك الشاب وهو على شفى الهاوية ، يلقي مؤلف كتاب "دارلينج الأمريكية"
الضوء ، كما دأب على ذلك ، على مشاعر القلق في بلد يعاني من أزمة عميقة ، إنها أميركا
بلد المحرومين والتي يظل الكاتب أفضل ناطق باسمها. هنا حوار مع كاتب ذي آراء جريئة
وروح دعابة حيوية .
س
: " تحتفي روايتك بسؤال الجسم الإنساني وتمثيلاته ، وخاصة على شبكة الإنترنت
حيث يصير "الإنترنت هو الثعبان ، والبورنوغرافيا هي الفاكهة التي تدافع عنها
" ، فهل العصر الرقمي يجسد حقيقة تهديدًا
لنا ؟
ج
: إنها استعارة كما يتصورها الطفل ، بعد قراءة سفر التكوين. لكن في الكتاب المقدس ،
ليست الأفعى سيئة في حد ذاتها ، بل هي وسيلة لمعرفة الخير والشر. من ناحية أخرى ، يمكن
أن تضللنا. ونفس الشيء ينطبق على الإنترنت: إنها أذاة يمكن أن تقودنا في الاتجاه الخطأ
، وينحرف بنا عن حقيقة وجودنا وعلى وجه الخصوص في علاقة بعضنا بالبعض. إذا قمت بإزالة
العلاقة المادية والملموسة بين الأفراد ، فأنت حتما ستقوم بإزالة الكثير مما يجسد إنسانيتنا.
أعتقد أن هذا هو مكمن خطر في عالم التواصل الرقمي. ويصدق ذلك أكثر على حياتنا الإيروتيكية
، حيث يتم تحجيمها إلى بضع وحدات بكسل (Pixel) على الشاشة. وكلما اعتمدنا على الإنترنت في علاقتها
الإيروتيكية مع العالم ، كلما فقدت دلالتها أكثر. إنه لمن الصادم اليوم أننا لا نرى
إلا أشباح أشخاص معنيين بهذه المشكلة ، إنهم الشباب المراهقون الأقوياء في هذا العالم
، الذين يقتصرون على إرسال صور لأعضائهم فقط على الفيسبوك .
س : لنتحدث عن فيسبوك ، أحد المواضيع الرئيسية في الكتاب
الذي يدور حول الهوية. هل تعتقد أنها تضررت في وقتنا هذا ؟
ج : أعتقد ذلك ، إننا نشهد المزيد والمزيد من أشكال سحق الهوية
، على مستوى بعدين ، كما يمكن للمرء أن يكتشفها على الشاشة. أتساءل ما الذي سيفعله
جيل كامل عندما يتعلق الأمر باستخدام وتلقي المعلومات في العصر الرقمي والشبكات الاجتماعية
الإلكترونية ... إنه من خلال هذه المعلومات ، يخلق المرء هويته ، خلال وجوده ، سواء
كانت فكرية أو حسية أو عاطفية. إذا تم اختصار هذه إلى مجرد تعبير رقمي ، ثم أخشى أيضا أن يتم تحجيم الوعي بالذات أيضا إلى
شكل قاعدي رقمي للغاية . هذه أسهل طريقة لمراقبة الناس والسيطرة عليهم ، سياسياً أو
اجتماعياً. "
س : يطرح هذا المقتطف من الحوار السؤال التالي : كيف يجسد
العصر الرقمي تهديدًا لنا ؟ لكن لنكن حريصين على عدم الخلط بين أدب الرقمي وأدب الرقمي.
كيف تؤثر التقنيات الجديدة على الإبداع الأدبي؟ وفي المقابل ، كيف يمكن للأدب الرقمي
من جهته ، كما يتم تطويره وتجريبه اليوم من التأثير على الابتكارات التكنولوجية الحالية
؟
ج : لقد أعلن المحللون عن المرحلة القادمة للكتاب الرقمي
بفضل اختراع جهاز iPad 2 ، على وجه الخصوص ، وبعض وسائل الإعلام
الأخرى المبتكرة . يبدو أن الناشرين والمؤلفين يتعرضون الآن لضغط إنتاج الكتب الرقمية
في سوق مفتوحة لابتكاراتها . ويبدو أنه تحت
تأثير هذا الأمر الإرغامي ، يظهر عرض ذلك على قنوات توزيع وسائط متعددة ، ولكنه في
الواقع هي عبارة عن نصوص أدبية تم رقنها وليست مؤلفات رقمية بشكل دقيق . ومع ذلك ،
مازال يُشار إلى هذا الأدب بشكل مضمر.
لقد وجدت هذه الآدب الرقمية منذ 1950 ، لكن أقلاعها الحقيقي كان في سنوات 1980-1990
وعلى الرغم من ولادتها الأصلية رقميًا ، إلا أنها لم تظهر في فضاء ثقافي فارغ : غالبًا
ما يكون جزءًا من تقاليد الكتاب الطليعيين الذين حاولوا بالفعل تجاوز الإطار الثابت
للصفحة الورقية عن طريق أجهزة تفاعلية أو عشوائية .
وهكذا ، قام مؤلفو جماعة OuLiPo ، منذ الستينات ، بتقطيع القصائد إلى
قصاصات ورقية للدليل على أهمية الصدفة في العملية الإبداعية. والمثال الأكثر شهرة في
هذه التجربة هو من دون شك "مائة ألف قصيدة ببلايين قصائد " بقلم ريموند كوينو
، وهو عمل شعري تشعبي نشر في عام 1961. ومن الناحية المنطقية ، كان بعض مؤلفي OuLiPo من بين أول من اهتموا بالحواسيب كمولدات
آلية للنصوص الشعرية. ولا غرابة أن تكون هناك نسخة رقمية بسيطة إلى حد ما من
"1000000 قصائد" ، حيث لم تعد الشرائح قابلة للتصفح ولكن لاختيار مباشر على
الشاشة. عندما يقوم القارئ بخياراته ، يمكنه أن يولد بدوره تلقائياً واحدة من السوناتات
الـ100 ألف مليار قصيدة.
أما من جهة البنية السردية ، فإن التجارب الأدبية الرقمية
الأولى كانت قد استوحت سرودها في الغالب من تقاليد الرواية الجديدة . في القرن العشرين
، وفي أعقاب الثورات المذهلة في الرياضيات والعلوم ، ولكن أيضا غداة حدوث الكوارث السياسية
والإنسانية في الحربين العالميتين الأولى والثانية ، يبدو أن الواقع قد أفلت تدريجيا
من الهياكل الثابتة للرواية التقليدية وقد تكشف في أنسجة معقدة في الغايات والأهداف
.. هي الضربة القاضية التي يجب أن يجد المؤلفون والقراء الآن طريقهم الخاص بها. ثم
ظهر النص التشعبي في بعضها كما حلمت هذه الأداة بإنشاء هذا النسيج الفوضوي غير المتسلسل
والقضاء عليه.
هكذا ، شكل عمل ( Twelve
blue) (1996) لمايكل جويس ( Mickael Joyce) وهو يدور حول الخيال الفائق hyperfiction ، أو الرواية الفائقة hypertextual. يدعو المؤلف القارئ من خلال
رسالة تظهر على الشاشة تقول : " الحق بي قبل أن تختفي الاختيارات" بالنقر
على الروابط التشعبية ، فالقارئ يتبع المسارات ويقوم باختياراته.
مع هذه الرواية ، ننغمس في حكاية فقدان الطريق وعلى حافة
الطريق هناك دائما المزيد من التشعبات وأرواح في مواقف حرجة الذين يحاولون العثور على
الماضي أو على العكس من ذلك تخليص أنفسهم من ذاكرتهم المؤلمة .اليوم لا تزال نماذج
الآلة الشعرية والنص الفائق المتشظي موجودة دائما في الآداب الرقمية ، لكن وصول وسائط
الميلتيمديا جعلها تتطور إلى أشكال جديدة .
س : نحو أي أشكال كتابة نحن نسير اليوم ؟
- نص الرسوم المتحركة:
ج : التحريك النصي
: حيث الحروف تقرأ بعملية تحريك وهذه الحركة تدخل في علاقة أكثر أو أقل أهمية
دلالية مع معنى النص. في بعض الحالات ، توضح الحركة أو تقلد أو تعزّز معنى النص. وكمثال
على ذلك رواية : The Sweet Old Etcetera by Alison Clifford. حيث ينطلق المؤلف من قصيدة
كتبها E.E Cummings لخلق مشهد خيالي. في البداية ، يبدو المشهد قفرا وخاليا ، ولكن بفضل تفاعلية
تدريجية ، تنبثق القصيدة من الأرض والحروف الفردية تصبح أبطالا في كل قصيدة . تظهر
المناظر الطبيعية ومكوناتها بشكل تدريجي من خلال ألعاب طبوغرافية تفاعلية مرتبطة بأبيات
القصيدة: شجرة فروعها تتحرك ، وأوراقها ترفرف برقة ، وسماء متغيرة الألوان ، وجراد
ينط هنا وهناك ...
في حالات أخرى ، الحركة لا تقوم بالتقليد لكنها تفتح معنى
النص إلى دلالات جديدة. إنها استعارات متحركة. على سبيل المثال ، ديفيد جافي جونستون
في نص رقمي بعنوان Softies: من المؤكد أن هذا الوجه ليس
جديدًا بشكل أساسي وأن النصوص المتحركة موجودة بالفعل من قبل في فن الفيديو وفي السينما
قبل أن تجد تعبيراتها في الآدب الرقمية.لكن الجدة وحدها ليست معيارًا كافيًا لتقييم
الأدب الرقمية اليوم ، كما أن الحركة في الآداب الرقمية تختلف في طبيعتها لأنها مبرمجة.
- البرنامج :
يعمل البرنامج على الشاشة ، حتى لو كان القارئ لا يعيش تصرفاته
مباشرة. علاوة على ذلك البرنامج لا ينفذ بالضرورة بنفس الطريقة على كل جهاز كمبيوتر
، مما يجعل هذا الأدب الرقمي هشًا في حد ذاته. بعض الأعمال المتحركة التي تم إنشاؤها
في 1980 ، والتي استمرت بعد ذلك حوالي عشرين دقيقة ، تمر الآن على الشاشة سريعا في
بضع ثوان. وبذلك تصبح غير مقروءة تقريبا ، وهو ما يمثل تحديا كبيرا للحفاظ عليها ،
وهو أيضا تحدي بالنسبة للمؤلفين الذين يصنعون من الخاصية العابرة لأعمالهم مبدأ جماليا
أساسيا.
في بعض الأحيان ، يتم تصميم هذه الأعمال لتتفكك ببطء على
الشاشة ، وهذه هي نقطة الضعف التي تواجهها بعض الإبداعات الأدبية الرقمية ، كما هو
الحال في ترام ألكساندرا سايمر ، المصمم لمجلة البرتقالة الزرقاء.
"
أتمنى أن تمر الذكريات المؤلمة الواردة في الجمل والكلمات المتحركة بسرعة كبيرة على
الشاشة في غضون بضع سنوات ، وبسرعة أكثر بحيث يمكن للمرء أن يتكلم بالفعل عن حدث غير
مقروء" ، توضح المؤلفة .
بعض المؤلفين ينجزون إبداعاتهم الرقمية في صيغة التدفق المؤقت
للمعلومات على شبكة الويب. على سبيل المثال ، Gregory
Chatonsky مع Sodome
@ home: هذا
الإبداع ينسجم مع ترجمة فيلم Pasolini ، Salò أو 120 يومًا من سدوم Sodom ، الصور المأخوذة من موقع Flickr استنادًا إلى كلمات رئيسية معينة. ومن
الواضح أن القارئ لن يكتشف أبدا نفس التوليفات عندما يعود إلى العمل الأدبي ، لأن قاعدة
بيانات Flickr يتم تحديثها باستمرار من قبل مستخدمي
الويب . التوليفات في بعض الأحيان خارقة و تثير عديد من الأسئلة لدى القارئ.
- التفاعلية
يصبح النص مهيأ للتفاعل على الشاشة ويمكننا النقر عليه -
وهي تجربة يشاركها الجميع عادة على شبكة الإنترنت - ولكن يمكنك أيضًا نقل الحروف أو
الكلمات وإدراج المحتوى بنفسك. ثم يتم إنشاء علاقات دالة بين النص المهيأ، والنص المولد
عن طريق المناولة والحركة المولدة في حد ذاتها .
وكمثال على العمل الرقمي الذي يعتمد بالكامل على نوع من المناولة
التوافقية هناك ، Déprise by Serge Bouchardon: Déprise وهو عبارة عن ابتكار لمفهوم المراقبة.
متى نشعر أننا في وضع السيطرة أو فقدان السيطرة في الحياة ؟ هناك ستة مشاهد ، مقسمة
إلى فصول ، تحكي قصة شخصية في حالة من التخلي . في نفس الوقت ، تسمح لعبة السيطرة أو التخلي هذه بترتيب وضع القارئ
للعمل تفاعلي.
في الفصل السادس ، يأتي دور القارئ لكي يستعيد السيطرة وهو مدعو لكتابة نصه الخاص
في خانة : ولكن ما يظهر على الشاشة لا يتوافق مع ما يكتب على لوحة المفاتيح الخاصة
به ، الواجهة لم تعد طيعة. إنها حالة التخلي ، المربكة جدًا للقارئ.ومن ثم ، فإن الآداب
الرقمية في بعض الأحيان تكون ذات طابع متعال ولا يقاوم. وبعيدا عن دعوة القارئ إلى
لعبة تافهة بواسطة كلمات أو صور ، فإن الواجهة ترسل ردود فعله ، و انتظاراته ، و توافقاته
مع العالم الرقمي ، وتطرح عليها الأسئلة
.
- الوسائط المتعددة:
يعتمد الكثير من كتابات الأدب الرقمية على مزيج من النصوص السردية و الصوت والصور
الثابتة والصور المتحركة. هذه الخاصية تجعل هذا الأدب الرقمي أقرب إلى الفنون البصرية
و التشكيلية ، مثل نص (In the white darkness de Reiner Strasser. ) الظلام الأبيض بقلم راينر شتراسر.
بمهارة كبيرة ، لاحظ راينر ستراسر لعدة أسابيع
مرضى ألزهايمر في أحد المستشفيات ؛ وعن طريق ملاحظاته ، قام بتأليف قصيدة بصرية تفاعلية
تجعل تجربة القارئ - التفاعلي في إمكانية تجزيئ الذاكرة ، والتبطيء ، واليأس من عدم
الانسجام ، ولكن أيضا رقة في الذكريات الماضية.
الولوج إلى الأدب الرقمي :
هذه الإنتاجات الأدبية جميلة جدا ، وغالبًا ما تكون مثيرة ، ولكنها موزعة في دوائر
سرية وللولوج إليها ، يمكننا قراءة بعض النصوص الأنطلوجية المتاحة على الإنترنت. هناك
قواعد بيانات للأدب الرقمي باللغة الفرنسية ، مثل تلك التي طورتها مجموعة الأبحاث
التابعة ل (Université du Québec
à Montréal) ، والتي قامت بعمل مهم
لفهرسة أكثر من 3500 عمل في دليل للفنون. والإبداعات الأدبية المتعددة الوسائط .
تتيح قواعد البيانات هذه الولوج إلى مجموعة مختارة من الأعمال وهي تندرج ضمن مخطط
لتثمين هذه الأعمال الأدبية الرقمية هناك أيضا قرصين مدمجين CdRom اثنين اللذين أنتجتهما منظمة الأدب الإلكتروني ( Electronic literature organization ) والتي تجمع بين أعمال أمريكية وأخرى أوروبية. انطلق المؤلفون
بداية من تنظيم أنفسهم والتعريف بأعمالهم في
دوائر كانت محدودة ، ربما بسبب اعتبار أعمالهم الرقمية أعمالا تجريبية ماتزال في
بدايتها ، وفي معظم الأحيان يمكن الولوج إليها بحرية وهي لا تندرج ضمن أي نموذج اقتصادي
جاري به العمل.
في السنوات الأخيرة ، تم إطلاق مبادرات من طرف المؤلفين أنفسهم ومن طرف الجامعيين
لبث هذه الإنتاجات (مؤتمرات ، عروض ، مهرجانات ، ريبرتوارات ...). هكذا تم تنظيم مهرجان
ePoetry في باريس
سنة 2007.
تلعب الشبكات الاجتماعية أيضًا دورًا مهمًا في الترويج للأدب الرقمي. لقد تم مؤخرًا
إنشاء حركتين أدبيتين عملتا معا على دمج خطة تحديد الموقع الجغرافي ، وكذلك الآداب
التي تنشر على صفحات Facebook و Twitter ولقد بدأنا نتحدث بالفعل عن أدب التويتر"TweetLiterature"
أو المدونات. وهذه كلها أشكال من الأدب الرقمي أضحت بكل تأكيد أكثر شعبية.
لقد لعبت فرنسا دوراً هاماً في أوروبا في مجال تطوير الآداب الرقمية ، لا سيما
بفضل العمل الذي أنجزته جامعة باريس 8 إلى جانب مراكز أوروبية أخرى في ألمانيا وإسبانيا
، من خلال موقع هيرمينيا وبفضل أدب رقمي كاتالاني غني يقوم بتنظيم جائزة كل عام ؛ كما
يمكن اعتبار الأدباء البرتغاليين من رواد هذا الجنس أيضا.
الأدب الرقمي: مغامرة جماعية
غالبًا ما يتم تقديم المحتوى الرقمي باعتباره يمثل خطرًا على القيمة الأدبية وكذلك
على مستقبل الثقافة بشكل عام . خلال منتدى جماعي نُشر في جريدة لوموند في أكتوبر
2011 ، نظم أساسا ليدافع عن مصالح الأدباء ، وبائعي الكتب ، والناشرين ، وأمناء المكتبات
، ويمكننا أن نقرأ أن " سوقا للأدب الرقمي غير منظم " ستؤدي بهذه الأعمال
إلى منزلق ". و السؤال المطروح هو ما إذا كان الكتاب يلتقون في هذه الرؤية حيث
أن الرقمية ستمثل خطرا لأنها توفر مساحة هامة جدا من الحرية والإبداع غير مسبوقة في
تاريخ الثقافة على المستوى العالمي. وإذا كان هؤلاء الكتاب لا يفضلون ، ربما ، هذا
المنزلق على الدفاع عن مصالحهم ، التي صارت غريبة عنهم كما لم تكن من قبل.
منذ أكثر من عشر سنوات ، صارت شبكة الإنترنت بوتقة استثنائية من التجارب الأدبية.
منذ 1997 و 1998 ، تم إنشاء مواقع إلكترونية من قبل كتاب معترف بهم مثل (ميشيل بوتور
، فرانسوا بون أو إيريك شيفيلارد ) مواقع كان يتم تحديثها يوميا ، من طرف كتاب شباب تمكنوا من الاستفادة من هذه
الفسحة من الحرية الجديدة لتقديمها للقراء دون وسيط من أجل التطور في أشكال الكتابة
التي لا تتوافق ووسائط النشر التقليدية.
يجب أن نقولها بصراحة : إذا تم نشر عديد من النصوص على الأونلاين في غضون بضع سنوات
، فذلك لأن العديد من الناشرين تخلوا عن نشر هذه الأعمال الأدبية الرقمية الحية ، من
دون الخضوع للإكراهات التجارية التي تسود في عالم النشر. كثيرا ما نشكك في "المدونات"
، ولكن بالنسبة لأي خبير في أدب الإنترنت ، ويعرف كيفية تحديد موقع هذه الشبكة الهائلة
، من الواضح أنه بات من المؤكد من الآن فصاعدا في هذه الشبكة سيتحدد حاضر ومستقبل الأدب.
عديد من هؤلاء الكتاب الذين ينشرون نصوصًهم مباشرة عبر الإنترنت
قد شهدوا كيف أن مخطوطاتهم الجيدة قد رفضها
الناشرون الذين يهتمون بالدرجة الأولى بأرقام المداخيل ، بينما ، كما هو معروف ، معظم
الكتاب المبدعين لأساليب كتابية جديدة غالباً ما ينتظرون مرور عدة سنوات قبل العثور
على جمهورهم؟ إن هذا العمل البطيء والصعب يتطلب دعم الكتاب على مستوى قيمة أعمالهم
الأدبية التي غالبًا لا يعرفها الجمهور كما كان يفعل الناشرون من قبل ، لكن غالبية
ورثة هؤلاء الناشرين يجهلون ذلك ، ويتوقون إلى الاستثمار في النصوص على الأرجح لتلبية
عدد كبير من القراء بسرعة كبيرة.
دعونا نتحدث عن النشر الرقمي من هذه زاوية : القيمة الأدبية ، التي لاتعيش فقط
سوى في فضاء وزمان مميزين . الفضاء والزمان للتبادل والتعاون بين الكتاب ، وهما اللذان
قد اقترحتهما المجلات الأدبية ، التي اختفى العديد منها في السنوات الأخيرة بعد غياب
الدعم المالي للناشرين. فضاء وزمن شبكة الإنترنت حيث النص الرقمي ليس في خدمة الرهانات
التجارية الضخمة أحيانًا و(السباق المحموم نحو الأسعار) ، ولكن النص ينخرط في إطار
تطور جماعي مع كتاب آخرين ، حول أفكار جديدة ، وأشكال سردية غير معروفة.
لقد ظهرت حساسيات أدبية جديدة من خلال هذا التبادل الذي بعد مرور عشر سنوات على
إطلاق المواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت أدت إلى خلق بنيات للتحرير متجددة قابلة
للنشر في أشكال مختلفة جعلت التابليتات الرقمية
الولوج إليها أكثر سهولة. إن هذه التجارب لا تقودها طرق النشر التقليدية أو عدد قليل
من الناشرين ، ولأسباب تتعلق بالمردود المادي يتم قطعها من الحياة الأدبية التي عبرت
عن نفسها في المجلات في ما مضى ، وبنفس الدرجة كذلك لمستقبلهم باعتبارهم ناشرين للأدب.
من هذا الجانب ، تناقصت أعداد مجلة "الأكسجين" بل باتت على وشك الاختفاء
- فقط لم يتبق منها سوى أشخاص يبيعون إنتاجاتهم الفارغة من أي مادة في معظم الأوقات
، إنهم يلعبون دور الكاتب لصالح جمهور شغوف أكثر بالصورة من دون أن تنتج من حولهم كيمياء
أدبية مشبعة بالفضول .
إن
النشر الرقمي يمنح ذلك للأدب استمرارية باعتباره مغامرة جماعية. باعتراف الجميع ، يقينا
أن الكاتب هو قبل كل شيء منخرط في نشاط فردي ، لكن باعتباره مؤلفا لم يكن موجودا
إطلاقا بمفرده. لقد كان دائما في حاجة إلى مواجهة كتاباته مع كتابات الآخرين ، دون
البعد التجاري ، بل في كثير من الأحيان في تبادله لنصوصه من خلال علاقات نقدية مع الآخر
الذي يعمل على تطوير عمله ليصبح أكثر كثافة ، وتحولا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق