الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الجمعة، سبتمبر 25، 2020

هل أنا كاتب رقمي؟ عبده حقي


 يتعلق الأمر في الإجابة على هذا التساؤل بتحديد مجموعة من الخصائص والشروط التعريفية والمواصفات الضرورية التي تجعل من ممارسات كاتب ما في الحقل الأدبي تصنف ضمن ما يصطلح عليه بجنس «الأدب الرقمي».

بداية الكاتب في تصوري هو كل إنسان بأداة اللغة يجعل من نشاط الكتابة في مجالات العلوم الإنسانية والأدبية، إما هوايته التي يمارسها بعشق لإسعاد نفسه ونفوس المتلقين، وفق رسالة أيديولوجية وثقافة معينة، أو من جهة أخرى يجعل من الكتابة حرفته التي يقتات منها، والتي تؤمن له الحدود الدنيا على الأقل في الحياة، لمواجهة تكاليفها وإكراهاتها اليومية، من خلال العائدات المالية التي يستخلصها من مبيعات وتسويق مؤلفاته، كالدواوين الشعرية والمجموعات القصصية والروايات، والدراسات والمقالات والبحوث العلمية، التي ينشرها في مختلف المنابر الثقافية والإعلامية الورقية.
أما الرقمية أو الديجيتال فهي الوسيلة التي تمكننا من نقل وتوثيق مختلف كفاءاتنا الفكرية والعلمية والأدبية، باستعمال برامج وتطبيقات معلوماتية على مختلف الحوامل الإلكترونية، قرص مدمج ـ هواتف ذكية ـ تابليتات ـ حواسب، إلخ.
وربما من هذه الدعامات إلى الشبكة العنكبوتية بهدف النشر والإسهام في المحتوى الرقمي والتواصل مع القراء والتفاعل معهم وتعميم الفائدة المعرفية بشكل عام…
فهل كل كاتب يمارس كفاءاته الكتابية، من خلال هذه الوسائط وغيرها يعتبر كاتبا رقميا، وهل يمكن تصنيف إنتاجاته ضمن ما يصطلح عليه بـ»الأدب الرقمي»؟
مما لا شك فيه أن هناك التباسا سائدا حاليا حول تحديد مفهوم «الأدب الرقمي»، وبالتالي «الكاتب الرقمي» وهناك تصور مغلوط مستفحل، يصنف جل إن لم أقل كل الأدب الذي ينشر على الإنترنت بأنه أدب رقمي، علما أنه في الأصل أدب تم نقله من السند الورقي، إلى السند الرقمي باستخدام برنامج وورد وخاصية نسخ لصق فقط.
هناك عديد من الدراسات الغربية والعربية، التي انشغلت منذ عقود بتحديد تعريف محيط وشامل للأدب الرقمي، لعل أبرزها ما أنجزه الباحثون المغاربة مثل زهور كرام وسعيد يقطين ومحمد أسليم وغيرهم، ولعل إسهاماتي المتواضعة في هذا الصدد يمكن إدراجها أيضا ضمن هذه الكوكبة الشغوفة بتقعيد أسس الدراسات النقدية لأدب رقمي عربي، ذي خصوصيات تميزه عن باقي الدراسات الفرنسية والأمريكية. ففضلا عن عشرات مقالاتي الخاصة والمترجمة عن الأدب الرقمي المنشورة في مدونتي الشخصية، وفي عشرات المواقع الإلكترونية العربية على النت، فقد أنجزت أربعة كتب إلكترونية منذ أكثر من عقد ونصف العقد عن الأدب الرقمي هي على التوالي (مفهوم النص في الأدب الرقمي في جزأين، وما هو الأدب الرقمي في جزأين أيضا، صدر الجزء الأول منه عن دار النشر «نور» في ألمانيا سنة 2017، والجزء الثاني سيصدر مطلع السنة المقبلة).
كل هذا التراكم الكمي والنوعي من المقالات والإصدارات التي أنجزتها، هل يشفع لي بتوسيمي بهوية كاتب رقمي؟ أعتقد أن إصداري لكتب إلكترونية وصوتية غير كاف لوحده بتمتيعي بهــــذه الصفة الاعتبــارية، طالما أن النص الرقمي الفائق المتعـــدد الوسائط، من روابط تشعبـــــية وميديـا وصور وشرائط متحركة وملفات صوتية لم أنجزه بعد إلى حدود هذه اللحظة، على غرار ما أنجزه الكاتب الرقمي الأردني محمد سناجلة في رواياته الرقمية (ظلال الواحد ـ شات ـ صقيع ـ ظـــــلال العاشــــق) وهي كلها متوفرة في موقع اتحاد كتاب الإنترنت العرب و(محطات سيرة افتراضية لكائن من ذاك الزمان) لمحمد شويكة و(تباريح) للكاتب العراقي عباس مشتاق معن.

٭ كاتب ومترجم مغربي

0 التعليقات: