الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، نوفمبر 13، 2023

نص سردي "فاس والكل في فاس " (4) عبده حقي


أقف على ضفاف نهر سبو، مشهدً رائعً تحتفل فيه الطيور بنثر ريشها، وهو احتفال نابض بالحياة يوحد الحجارة ويربطها ببعضها البعض. تنبثق المياه من ضباب الانعكاسات المتذبذبة، وتنتشر مثل علم مزين بفخر وأمجاد، تقودها حقول من الهمسات المدوية التي تكشف أسرارها في النقوش على طول الحيطان التي تعانقها أشعة الشمس.

يكشف هذا الصباح عن مشهد لأولئك الذين يسعون: تتجلى أساطيرهم من نضارة أوراق الشجر، وتخلق غابة تولد الرموز، وممالك تضع الزنبق عند أقدامهم. يتنافس المطربون على جذب الانتباه، أشبه بالغيوم التي تتوالى منها الأصوات، كلٌّ من أعشاشه.

نهر سبو يجري كالشاهد الأبدي، لوحة مهيبة رسمتها دورات الحياة وبلاغة الطبيعة. تكرم الطيور، في عرضها الرائع، تيارات النهر اللطيفة من خلال توشيح الهواء بريش متدرج، كل ريشة رمز للوحدة، وتنسج حكاية توحد حتى الحجارة، كما لو كانت في زواج مقدس.

تقف الحجارة، التي كانت منعزلة ، متشابكة في رقصة غامضة، واتحادها بمثابة تكريم لتدفق الحياة المستمر. إنها تخرج من حجاب عدم اليقين، وتعكس مد وجزر مياه سبو، وهو انعكاس لسيولة الوجود.

تموج المياه، حاملة الحياة، بإيقاع إيقاعي، وتنشر قصتها مثل العلم القديم المرفوع عاليًا. إنهم يحملون في أعماقهم الأسرار التي تهمسها حقول الرعد المغلقة، ويحفرون الألغاز على طول الخطوط المشمسة التي تتراقص على سطحهم.

هذا الصباح، نكشف لي مشهد: أولئك الذين يهمهمون يشهدون أساطيرهم التي تتجسد في الأعشاب التي تغذيهم، وتولد غابة تجسد رموزًا غامضة وتؤسس عوالم، تزين كل مملكة بزنبق ملكي في قلبها. وفي هذا النظام الحدائقي النابض بالحياة، ينخرط الرواة في منافسة متناغمة، وتتتالي أصواتهم مثل المطر الغزير من السحب التي تعشش في سقف السماء.

نهر سبو يقف شاهداً على الزمن، لوحة ترسم عليها الطبيعة حكاياتها. إن احتفالات الطيور، وهي رقصة الامتنان لعناق النهر المغذية، توحد حتى الحجارة، مما يسمح لها بالشهادة على الكوريغرافيا الرشيقة لدورة الحياة المستمرة. تحتفل سيمفونية الطيور بالاتحاد الأبدي بين العناصر الأولى، مما يستحضر تناغمًا ملغزايغلف جوهر وجود النهر.

تجد الحجارة، التي كانت منفصلة ومنعزلة، هدفًا جديدًا في هذا الاحتفال، حيث تجمعها الرقصة الموحدة لمياه نهر سيبو المتموجة. وبينما ينسج النهر قصته، تعكس الحجارة جوهره، وتحتضن سيولة الحياة والوجود، وتصبح جزءًا من قصة أكبر.

تحمل مياه نهر سيبو في تدفقها الشعري حكايات وأسرار يهمسها الرعد الغامض الذي يتردد صداه عبر الحقول المغلقة. إنها تحفر هذه الألغاز في الخطوط التي رسمتها الشمس، وترسم سطح النهر بلغة لا يفهمها إلا أولئك الذين يبحثون عن المعاني العميقة في نص الطبيعة.

هذا الصباح، انكشف لي مشهد فريد: أساطير أولئك الذين يسافرون إلى هنا على نفس الأعشاب التي يدوسونها، مما يخلق غابة حية تتحدث بالألغاز، وتشكل ممالك مزينة بالرموز، كل منها متوج بزنبق نبيل. ومن بين هذه السيمفونية النابضة بالحياة، ينخرط الحكواتيون في مسابقة آسرة، حيث تتساقط أصواتهم مثل المطر من السحب المتداخلة في الأعلى.

نهر سبو شهادة دائمة التدفق على إيقاعات الحياة. تشيد الطيور، في تحليقها الرشيق، بتيارات النهر المغذية، وتزين الهواء برقصة مذهلة من الريش المتساقط، ترمز إلى الوحدة وتتناغم حتى الحجارة، كما لو كانت تربطها باتحاد مقدس أبدي.

تتدفق مياه نهر سبو بإيقاع يذكرنا بالتلويح بالعلم القديم، وتحمل في أعماقها الحكايات التي تهمس بها حقول الرعد المغلقة. هذه القصص محفورة في الخطوط التي رسمتها الشمس، وتكتب أسرارًا على سطح النهر لا يستطيع فك شفرتها إلا أولئك الذين يتناغمون مع لغة المدينة العتيقة.

يتبع


0 التعليقات: