الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الثلاثاء، نوفمبر 14، 2023

نص سردي "جرعة الكينونة" عبده حقي


قايضتُ أيامي بالثواني، صفقة كونية في طريق الوجود الطويل. كل نفس، مزاد صامت حيث ينزلق الوقت من بين أصابعي مثل الرمال الناعمة. لقد قاموا بتقييم وتقدير قيمة جوهري، وقياس ما لا يقاس في عملة القطرات الأثيرية.

لقد كانوا يحسبون نبضات القلب وكأنها جواهر نادرة، ويضعونها بدقة في ميزان الدينونة السماوية.

دفتر الحياة،

رق القدر،

انفتح أمام عيني،

كاشفًا مجموع وجودي محفورًا في حبر ذرات النجوم.

وما الذي تلقيته مقابل هذا التبادل سريع الزوال؟ قطرة منفردة من الامتداد الشاسع أعلاه، قطعة من السماء تم تقطيرها في إكسير كياني. وتألقت بأصداء الأبراج المنسية، وهمست بأسرار الكون.

أنا، بطل هذه الدراما الكونية، لست سوى رحالة بين العوالم، روح عابرة تبحر في تعقيدات الفناء. إن ثقل وجودي، مجرد جزء صغير من التصميم الكبير، ومع ذلك فهو يحمل صدى اللانهاية.

لقد تشربت إكسير الحياة، ومع كل رشفة أتذوق سيمفونية الوجود اللذيذة والمرة. تمتزج نغمات الفرح والحزن في كأس روحي الوحيدة، لتخلق لحنًا يتردد في أروقة الزمن.

في نسيج الحياة، لست سوى خيط في النول الكوني. إن نسيج الواقع، وهو تفاعل معقد بين الضوء والظل، يجد انعكاسه في مرآة وعيي. أنا، شارب الحياة، أصير الوعاء الذي من خلاله يتأمل الكون نفسه.

يقولون أنني دفعت ثمن السوق، ولكن ما قيمة قطرة واحدة من السماء؟ إنه جوهر الأحلام وجوهر الخلود. إنه الإكسير الذي يحافظ على رقصة الذرات، وهو الشعر الذي يهمس في عروق الكون.

لذا، في هذا النثر الاستعاري، أرفع كأسي إلى لغز الوجود. لقد ارتشفت رشفة من الحياة، وفي تلك اللحظة العابرة، لمست اللانهائي. قد يحصي السوق حساباته، لكن العملة الحقيقية لوجودي مكتوبة بلغة القطرات السماوية، لغة لا يفهمها إلا القلب.

0 التعليقات: