الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأربعاء، نوفمبر 15، 2023

نص سردي "فاس والكل في فاس " عبده حقي


وما أنا إلا مسافر زائل وسط سيمفونية هذه الحياة. من الأزقة المتعرجة إلى المعالم الأثرية العظمى، أعبر الممرات المرصوفة بالحصى الصلد، متتبعًا خطى الأرواح القديمة. كل زاوية تكشف عن فصل جديد، قصص منقوشة على الجدران، تهمسها الريح. جوهر فاس، فسيفساء بحد ذاته، مكونة من حكايات هامسة ، تتراقص في عروقي.

في الطالعتين أجدني ، حيث تمتزج الألوان النابضة بالحياة والنكهات الغريبة. وتنبض ساحات السوق بالأحاديث ورائحة البهارات وابتسامات الحرفيين. أنغمس في سوق الحياة هذا، وأمتص الطاقة الانتقائية التي يبدو أنها تتجاوز الزمن، وتربطني بعصور ماضية طويلة.

تحت السماء الياقوتية الممتدة مثل لوحة قماشية لا نهاية لها . ترسم الشمس جدران مدينة فاس بألوانها الذهبية، وتلقي بظلالها المديدة التي تحكي قصص مرور العمر. ومع حلول الليل، تشع آلاف المصابيح، وتلقي وهجًا سماويًا على الشوارع العتيقة، مشهد ساحر يبدو وكأنه مستوحى من قصص ألف ليلة وليلة .

أجد العزاء في الزوايا الهادئة للرياضات المزينة بالفسيفساء المعقدة، في ملاذ بعيدًا عن نبض المدينة . هنا، أجد الوقت للتأمل، محاطًا بالجمال الخالد الذي يلملم فاس.

يتردد صدى الأذان في الهواء، ويتردد صداه في جميع أنحاء المدينة. لحنا جميلا يتجاوز العالم الأرضي.

لا تقتصر روح فاس على العالم المادي؛ وتتجاوز إلى حرم روحاني. إنه في التقاليد القديمة، والأناشيد الصوفية التي يتردد صداها خلال الليالي، والحكمة التي تهمس بها الجدران القديمة. كل زاوية تخبئ سرًا، قصة تترقب سماعها، وتجربة تنتظر أن نشعر بها.

وبينما أنغمس في هذا النسيج ، أذكر أن فاس ليست مجرد مكان؛ إنها كيان حي يتنفس، أغنية تستمر في العزف عبر الزمن. جوهرها، مثل الطنين المنخفض للنغمة الساحرة، يبقى في الروح، ويترك علامة لا تمحى لفترة طويلة بعد أن أغادر عناقها الساحر. فاس ملاذ للنفس الوثنية، مزين بأشجار الرمان وكروم العنب وألحان العندليب.

في هذه التأملات، أجدني منغمسًا في جوهر مدينة فاس، المدينة القديمة التي تتحدث إلى الروح، حيث يحكي كل ركن منها قصة، وكل لحظة هي بيت شعر في أغنية الوجود الخالدة.

في متاهة فاس، أتعثر وأتمايل وسط أصداء اللحن الأندلسي الغابر. تهمس الشوارع بالأسرار، وأحجارها المرصوفة بالحصى محملة بثقل التاريخ، وتكشف عن أجزاء من وجود ضائع في ثنايا الزمن.

فاس، الصوفية ، تكشف عن لغزها من خلال بقايا الإيقاع الأندلسي الذي يتردد صداه في الهواء. إنه احتفال بلا حلم، حيث تتكشف الأمسيات في حالة من الفوضى المضطربة. أجد نفسي أبحر في تلك اللحظات المتناثرة، مثل صفحات مهملة من قصة لم تروى، أتجول في أزقة مجهولة، أبحث عن جوهر جنون يستعصي على التعريف.

تتنفس المدينة نسيما الغموض والألغاز. وسط فوضى شوارعها المزدحمة، أواجه مقتطفات من الاحتفالات المنسية، وبقايا مناسبات بهيجة ضاعت الآن مع مرور الزمن الغامض. هذه الأصداء باقية في الزوايا، مراوغة وغير ملموسة، وتتركني متشبثًا بالخصلات غير الملموسة من الماضي الذي لم يتم حله.

أتجول في ظلال فاس، حيث تتدفق المياه دون أن أرى، وأسرارها مخفية تحت السطح. هناك شعور بأنك تائه في بحر من المجهول، عالقًا وسط التموجات التي تشير إلى أسرار أعمق، ولكنها لا تكشف أبدًا عن حقائقها بالكامل.

في هذه المدينة، يبدو الزمن وكأنه يرقص على أنغامه الشاذة، ويتمايل بين الماضي والحاضر دون نمط يمكن تمييزه. أجد نفسي حيث يصطدم الحاضر ببقايا تاريخ أجهد نفسي في فهمه. إنه سعي لا هوادة فيه، هذا السعي وراء جنوني في مدينة مجنونة بنفس القدر، لكنها غامضة للغاية.

كل خطوة أخطوها عبر فاس هي خطوة إلى قلب اللغز. إيقاع الرباب الأندلسي يهمس بحكايات الحماسة المنسية، وبقاياها محفورة في روح المدينة. أنا مجبر على فك رموز ما لا يمكن حله، والبحث عن ما لا يمكن تحقيقه، وفهم جوهر جنوني داخل الفوضى الجميلة التي تطوق مدينة فاس.

أواجه شظايا من الاحتفالات التي ترفض التقيد بحدود الزمن. إنهم يظلون كالسراب، يطاردون الأمسيات بحضورهم الطيفي، ويتركون الألم للحظات كانت، لكنها لم تكن أبدًا. إنها ألغاز بلا حلول، تدعوني للمشاركة في وجودها الغامض.

تمتلك أمسيات فاس سيمفونية أندلسية غير ثابتة من المشاعر المتضاربة. هناك جمال غريب الأطوار في هذه الاضطرابات، سحر غريب ينبع من رفض المدينة الامتثال لمعايير الواقع. أنا عالق في زوبعة من العواطف، رقص على أنغام اللحن المتنافر لمدينة جامحة.

عندما أتجول في هذه الممرات غير المنتظمة، أدرك أن جوهر مدينة فاس لا يكمن في وضوحها، بل في طبيعتها الغامضة. إنها مدينة يكتنفها ما لا يمكن تفسيره، وتدعو أولئك الذين يبحثون عن الجنون إلى اعتناق شكلها الغريب.

أبحث عن انعكاسي في مياه هذه المدينة التي لا يمكن التنبؤ بها. ضائع ووجدت في نفس الوقت داخل متاهة الوجود، شخصية منعزلة وسط الفوضى التي لم يتم حلها، لا أبحث عن إجابة، بل عزاء الجنون المشترك. فاس لغز قد لا أستطيع فك شفرته أبدًا، لغز سيظل إلى الأبد بعيد المنال عن الفهم الكامل.

في هذه المدينة ذات المياه العذبة، حيث تظل احتفالات الماضي مجرد أصداء، أجد راحة خاصة في ما لم يتم حله، شعور بالانتماء داخل الرقصة المتناقضة لمدينة تسعى إلى جنونها، كما أبحث عن جنوني.

فاس، فسيفساء معقدة من الحجر والروح، تحيطني بأحضانها، وأنا أقف، وهي مجرد انعكاس لصلابة المدينة الخالدة. يحكي كل حجر قصة محفورة بهمسات الماضي، ماضي يذوب مثل الدم المفقود في لحظات محجوبة، مختبئًا داخل الأرباع الغامضة لصباح هادئ ولكنه شاحب.

تكشف الحجارة، الناعمة والصلبة، عن مرونة الزمن في مظهرها المصقول. لقد نجت من فعل العصور، وشهدت على مد وجزر الوجود. جوهرها الأسرار الخفية لمدينة قديمة تتكشف مثل قصيدة غامضة، تنتظر فك رموزها من قبل أولئك الذين يرغبون في الاستماع إليها.

وبينما أتكئ على هذه الجدران الحجرية الشامخة ، أصبح مراقبًا صامتًا لجوهر فاس. منغمسا في القصص التي يجب أن ترويها هذه المباني القديمة، مستوعبًا الهمسات الصامتة للتاريخ الذي يتبدد في الزوايا والشقوق ، تمامًا مثل تلاشي الدم في لحظات مخفية مراوغة تختبئ في الفجر الشاحب. .

رياح فاس، الشرسة واللطيفة، تداعب إيهابها الحجري. إنهم يحملون في داخلهم همسات من حقبة ماضية، وأسرار متشابكة مع نسيج وجود المدينة. أنا لست سوى شخصية وحيدة وسط زوبعة التاريخ هذه، متأثرًا بالرقص الأثيري للحكايات القديمة التي تتلاشى في الزوايا الغامضة لصباح يحمر خجلاً في الدقة.

توفر هذه الحجارة، التي تتحمل ثقل القرون، إحساسًا بالاستقرار وسط المد والجزر المتغير باستمرار للوجود. لقد أدخلوني في تاريخ هذا المكان، مما سمح لي أن أشعر بنبض الزمن في حضورهم الصامت والدائم. ومع ذلك، في قلب صلابتها، تكمن الطبيعة العابرة للحظات التي تذوب مثل الدم الذي يتلاشى في الأجزاء المخفية من صباح مزين بألوان صامتة.

في هدوء الفجر، تبدو فاس وكأنها تحبس أنفاسها، وكأنها تتذوق التوازن الدقيق بين الماضي المنسي والحاضر الذي يتكشف في ضوئها . تكشف المدينة عن نفسها في همسات، حيث ينضح كل حجر بصمت موقر تقريبًا، ويؤوي أجزاء مخفية من القصص التي تختفي في الجوهر المراوغ للحظات المفقودة في ضوء الفجر الخجول.

في قلب فاس، أنا روح وحيدة تبحث عن العزاء في أحضان هذه الحجارة الخالدة. إنها كحراس لسرد دائم التطور، يجسد مرور الوقت، ويحدد التحولات بين العصور. أقف، جزءًا من هذا اللغز الغامض، جزءًا من الحكاية المعقدة المنسوجة في هذه الجدران الناعمة والدائمة.

يرسم الصباح في فاس صورة للهدوء الخافت، لوحة قماشية يتشابك فيها ماضي المدينة وحاضرها. ضمن هذه الأجواء الأثيرية، أجد نفسي متشابكًا في الرقص بين الديمومة والتلاشي، وأشهد الانحلال البطيء للقصص مثل تلاشي الدم في اللحظات المخفية والخجولة لصباح مطلي بظلال خجولة وصامتة.

في ظل هذه الحجارة، أنا موجود كشاهد متواضع على نعمة فاس الكريمة. تكشف المدينة، مثل الحارس الرواقي، جوهرها من خلال السطوح لأسوارها القديمة، وتتحدث لغة تتجاوز الكلمات، ويتردد صداها مع همسات التاريخ المنسي الذي يختفي في ضوء الصباح الخجول.

تقف حجارة فاس، التي نحتها الزمن وهزتها الرياح، كناية عن زوال الوجود. لا تعكس أسطحها المصقولة تاريخ المدينة فحسب، بل تعكس أيضًا الطبيعة للحظات التي تختفي في أناقة الصباح الشبحية المخفية والمحجبة بألوان بسيطة.

أقف على ضفاف نهر سبو، مشهدً رائعً تحتفل فيه الطيور بنثر ريشها، وهو احتفال نابض بالحياة يوحد الحجارة ويربطها ببعضها البعض. تنبثق المياه من ضباب الانعكاسات المتذبذبة، وتنتشر مثل علم مزين بفخر وأمجاد، تقودها حقول من الهمسات المدوية التي تكشف أسرارها في النقوش على طول الحيطان التي تعانقها أشعة الشمس.

يكشف هذا الصباح عن مشهد لأولئك الذين يسعون: تتجلى أساطيرهم من نضارة أوراق الشجر، وتخلق غابة تولد الرموز، وممالك تضع الزنبق عند أقدامهم. يتنافس المطربون على جذب الانتباه، أشبه بالغيوم التي تتوالى منها الأصوات، كلٌّ من أعشاشه.

نهر سبو يجري كالشاهد الأبدي، لوحة مهيبة رسمتها دورات الحياة وبلاغة الطبيعة. تكرم الطيور، في عرضها الرائع، تيارات النهر اللطيفة من خلال توشيح الهواء بريش متدرج، كل ريشة رمز للوحدة، وتنسج حكاية توحد حتى الحجارة، كما لو كانت في زواج مقدس.

تقف الحجارة، التي كانت منعزلة ، متشابكة في رقصة غامضة، واتحادها بمثابة تكريم لتدفق الحياة المستمر. إنها تخرج من حجاب عدم اليقين، وتعكس مد وجزر مياه سبو، وهو انعكاس لسيولة الوجود.

تموج المياه، حاملة الحياة، بإيقاع إيقاعي، وتنشر قصتها مثل العلم القديم المرفوع عاليًا. إنهم يحملون في أعماقهم الأسرار التي تهمسها حقول الرعد المغلقة، ويحفرون الألغاز على طول الخطوط المشمسة التي تتراقص على سطحهم.

هذا الصباح، نكشف لي مشهد: أولئك الذين يهمهمون يشهدون أساطيرهم التي تتجسد في الأعشاب التي تغذيهم، وتولد غابة تجسد رموزًا غامضة وتؤسس عوالم، تزين كل مملكة بزنبق ملكي في قلبها. وفي هذا النظام الحدائقي النابض بالحياة، ينخرط الرواة في منافسة متناغمة، وتتتالي أصواتهم مثل المطر الغزير من السحب التي تعشش في سقف السماء.

نهر سبو يقف شاهداً على الزمن، لوحة ترسم عليها الطبيعة حكاياتها. إن احتفالات الطيور، وهي رقصة الامتنان لعناق النهر المغذية، توحد حتى الحجارة، مما يسمح لها بالشهادة على الكوريغرافيا الرشيقة لدورة الحياة المستمرة. تحتفل سيمفونية الطيور بالاتحاد الأبدي بين العناصر الأولى، مما يستحضر تناغمًا ملغزايغلف جوهر وجود النهر.

تجد الحجارة، التي كانت منفصلة ومنعزلة، هدفًا جديدًا في هذا الاحتفال، حيث تجمعها الرقصة الموحدة لمياه نهر سيبو المتموجة. وبينما ينسج النهر قصته، تعكس الحجارة جوهره، وتحتضن سيولة الحياة والوجود، وتصبح جزءًا من قصة أكبر.

تحمل مياه نهر سيبو في تدفقها الشعري حكايات وأسرار يهمسها الرعد الغامض الذي يتردد صداه عبر الحقول المغلقة. إنها تحفر هذه الألغاز في الخطوط التي رسمتها الشمس، وترسم سطح النهر بلغة لا يفهمها إلا أولئك الذين يبحثون عن المعاني العميقة في نص الطبيعة.

هذا الصباح، انكشف لي مشهد فريد: أساطير أولئك الذين يسافرون إلى هنا على نفس الأعشاب التي يدوسونها، مما يخلق غابة حية تتحدث بالألغاز، وتشكل ممالك مزينة بالرموز، كل منها متوج بزنبق نبيل. ومن بين هذه السيمفونية النابضة بالحياة، ينخرط الحكواتيون في مسابقة آسرة، حيث تتساقط أصواتهم مثل المطر من السحب المتداخلة في الأعلى.

نهر سبو شهادة دائمة التدفق على إيقاعات الحياة. تشيد الطيور، في تحليقها الرشيق، بتيارات النهر المغذية، وتزين الهواء برقصة مذهلة من الريش المتساقط، ترمز إلى الوحدة وتتناغم حتى الحجارة، كما لو كانت تربطها باتحاد مقدس أبدي.

تتدفق مياه نهر سبو بإيقاع يذكرنا بالتلويح بالعلم القديم، وتحمل في أعماقها الحكايات التي تهمس بها حقول الرعد المغلقة. هذه القصص محفورة في الخطوط التي رسمتها الشمس، وتكتب أسرارًا على سطح النهر لا يستطيع فك شفرتها إلا أولئك الذين يتناغمون مع لغة المدينة العتيقة.

وفي فاس، إذا كان إناءك من فخار أو خزف، فاقرأ حزمة لا تحدها الخطايا، دمًا يسيل في صحراء الرغبة، لحنًا يأسر العيون، فراغًا لا يفهم. دع الصرخات تشتعل داخل جوف أوعيتك المعروضة بأشكال مجزأة، تستعبدك، وانظر وهي تقدم لك أنقى روح.

تحدثني فاس المدينة العتيقة همسا تحمله الأواني المصنوعة من كبد الأرض. وإذا كانت هذه الأوعية تحمل وزن فخار أو طين، فإنها لا تحمل الرزق فقط؛ إنها تحمل أساطير لا تُحكى، في انتظار أن تُنشر مثل حزمة من الانبهار. إن الانبهارات التي أتحملها ذات أهمية قصوى عندما أتعمق في هذه الأوعية، ففي داخلها يبكي الدم مجازيًا عبر مشهد الرغبة الجاف.

هناك لحن في فاس يأسر نظري، لحن يتجاوز الدنيوية، ويأسر جوهري. إنه لحن يتردد في أعماق كياني، ويسحبني نحو دهشة غير مفسرة، دهشة أتوق إلى سبر أغوارها داخل أشكال الأوعية المعقدة.

فلتتردد أصداء الصرخات داخل جوف هذه الأوعية، معروضة في أشعة متشظية، تفكك فهمي. إنها توقعونني في شرك، وتجدبني إلى عالم ينكشف فيه جوهر روحي، وتقدم أنقى أشكال الذات، وتكشف عن أعمق الأعماق.

فاس نسيج عتيق من طين الزمن يهمس في أوانيه. إذا كانت هذه الأواني مصنوعة من الفخار أو الطين، فإنها لا تحمل فقط القوت، بل أيضًا حكايات غير معلنة، تنتظر اكتشافها مثل حزمة قصصية. إن الماء في أعين هذه الأوعية لا يتلاشى، إذ يتدفق فيها مثل دم رمزي، يتسرب عبر مساحة الرغبة القاحلة.

هناك لحن في فاس، آسر ومغري، يجذب نظري إلى فراغ غامض، فراغ بعيد عن الفهم. إنها نغمة مؤرقة يتردد صداها عبر أشكال الأوعية، فتجذب انتباهي وتوجهني نحو شوق لا يمكن تفسيره.

دع الصرخات يتردد صداها داخل فراغ هذه الأوعية، معروضًا في عوارض مكسورة، مما يؤدي إلى تفكيك فهمي. إنها تأسرني وتسجنني، وتكشف عن جوهر الذات الأكثر أصالة، وتقدم لمحة نقية عن أعماق الوجود.

فاس، مدينة عريقة منذ العصور القديمة، تتواصل عبر أواني مصنوعة من الفخار أو الطين. هذه السفن هي أكثر من مجرد حاويات؛ إنها روايات تنتظر أن تتكشف مثل خارطة لا حدود لها. تتبدد الخطايا في حضورها، ويجري في داخلهم دم الرجال، يرمز إلى المناظر الطبيعية المقفرة للرغبات الإنسانية.

في فاس لحن يسحر العالم ، لحن يأسر ويغري. إنه يشق طريقه عبر أوعية الذات، ويلفت انتباهي إلى فراغ لا يمكن تفسيره، فراغ يستعصي على الفهم. هذا اللحن ينفخ في أشكال الأوعية، يجذبني نحو شوق مجهول، شوق إلى فهم ما لا يمكن سبر غوره.

 

0 التعليقات: