الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الثلاثاء، نوفمبر 14، 2023

نص سردي "شرنقة الريح " عبده حقي


في الأقاصي تتلاقى فيها الريح والجبل، حيث أقف أنا الراوي المنفرد لوجودي، أجد نفسي منسجما في رقصة شعرية مع العناصر. تتكشف هذه الرقصة في استعارات، وكل كلمة تمثل خطوة دقيقة في تصميم الرقصات لأفكاري.

تهمس الريح بأسرار لا تستطيع فك شفرتها إلا القمم. إنه يلعب على الممرات التي تتقاطع مع هذا الجبل المهيب، وهو مسرح لدراما الطبيعة. وبينما ترسم عيناي ملامح الغصن الواحد، أدرك أنني لست مجرد مراقب، بل مشارك في الباليه لهذا المشهد الطبيعي.

أنا الذروة، والنهاية، ومصطلح هذه الرحلة الشعرية. ولكني أيضًا مجرد سفينة لجوهر الحطب، أبحر على طول نهر الزمن. وفي صدري تشتعل نار الوجود، تاركة وراءها آثاراً نسيتها مجرفة الذاكرة. إن الحطاب المقدر، في عمله، يترك الخشب رطبًا بندى عدم اليقين.

في الولوج الصامت في الأرض، أتأمل أهمية صلواتي. ما هي الأرض المقدسة التي تنحني عليها الشمس، العابدة المخلصة؟ في التراب أجد أصنامًا، وفي فضاء السماء الواسع أبطالًا مختبئين في ثنايا السحاب. أنا والريح والجبل نتواجد في علاقة تكافلية مع هذه القوى الكونية، المترابطة مثل المسارين اللذين يتباعدان ويتقاربان.

الحب، في جوهره، هو درب أقطعه، رحلة تضجرني وأنا أسير على خطواتها المألوفة. إن الذي تبعني ذات مرة لم يعد؛ الأمل الوحيد، مثل الرفيق الأمين، يبقى بجانبي. تنير شموعي ظلمة الليل القادم، وتلقي بظلالها التي تبشر بقدوم شيء مجهول ووشيك.

في الصباح، تهبط النجوم من مسكنها السماوي، ويزين الندى، مثل الدموع التي تذرفها الطبيعة نفسها. داخل ارتفاع الحلم، تتكشف معركة - صراع ضد القوى التي لا هوادة فيها والتي تجسدها الريح والجبل. أنا، الراوي، النهاية، والمصطلح، أشهد ظلي يذرف الدموع، وهو انعكاس مؤثر للتحديات التي واجهتها هذه الأوديسة الشعرية.

السلاسل، بقايا غضب الجبل القديم، ألقيت في يوم ولادتي. ينزلون، يلتفون حول أيامي، ويربطونني بتاريخ نسبي. عائلتي، في حبهم وحكمتهم، تنصب شمعة لتحرسني، وتسير في ضوءها الخافت. عندما يرحلون، روح تنبض في صدري، وتقرع الأجراس احتفالاً بالحياة.

معزولًا داخل شرنقة هذه الريح وهذا الجبل، أواجه النار - القوة القاسية التي احترقت في تماثيل كياني. دمها الناري يغطي جروحي، ويحميها من النفس المطفأ لكل ريح عابرة. في هذه اللحظة، يلتئم الجرح، وأقف، شهادة على الروح الدائمة التي تنسج عبر نسيج الوجود.

0 التعليقات: