الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأربعاء، نوفمبر 08، 2023

نص مفتوح "أصداء جسدها" عبده حقي


في صدى جسدي، تُنسج قصة مثيرة ، وأحداثًا مختلفة في رقصة كلمات، في نثر شعري هذا . أعيرني ​​عقلك، دعني أغوص في متاهة الأفكار الصادرة منك. أعطني طوقك، هذه البنية من الأفكار التي تحيط بجوهرك، طريقتك الفريدة في فهم العالم.

هذا الكرز،

هذه الفاكهة الصغيرة اللذيذة،

أعطني إياها.

أعطني هذه المتعة، هذه الحلاوة، أو شيء مشابه ولكن مختلف، تجربة حسية أخرى. أعطني هذه الكرزة أو ما يعادلها في مشهد الأحاسيس اللامتناهي.

أحطني بدوائرك السوداء، أحطني بتجربتك، وعلاماتك، وتاريخك.

انغمس في مركز كياني، وكن هذه النقطة المحورية، هذا الجوهر المركزي الذي ينعشني. كن دائرة هذا المركز، هذا الشكل المتصل والمرن الذي ينبثق مني. مثلث هذه الدائرة، هذا الهيكل الهندسي الذي يحاول إعطاء شكل لما لا شكل له، إلى جوهر هويتي.

تربيع أظافري، هذا الاتحاد بين الدقة والفن، بين الرقة والقوة، بين العناية والنسيان. كن هذا أو ذاك أو شيئًا آخر تقريبًا، لكن رافقني في استكشاف الذات، والآخر، والمجهول.

اتبعني، اسبقني، دعني أحمل إغراء الاستكشاف. اسمحوا لي أن أحملني بعيدًا عن مد وجزر هذه التجربة، وهذه اللقاءات مع نفسي ومع الآخرين. الإغواء في هذا السياق ليس فقط سحرًا، بل أيضًا جاذبية، سحرًا لما هو مختلف، لما يجب اكتشافه

جسدي سيمفونية، صدى للأحاسيس والأفكار والعواطف. إنه يتردد صداه في تقلبات الزمن، في دوامات الوجود. إنه مرآة تجاربي، وتفاعلاتي، وتأملاتي.

في هذه السيمفونية، كل حدث عبارة عن نغمة، اهتزاز فريد يتشابك مع الآخرين ليشكل لحنًا معقدًا، متناغمًا أحيانًا، ومتنافرًا أحيانًا. الصعود والهبوط، والصمت والتصعيد، كلها تساهم في هذه الموسيقى الداخلية.

جسدي كتاب مفتوح، قصة محفورة في كل أليافه، في كل نفس. تحكي كل صفحة تجربة، وكل كلمة تصف شعورًا ما، وكل فاصلة تشير إلى وقت معلق.

صدى الجسد يتمتم بين فضاءات كياني اللامتناهية، حيث يلتقي ليل العري مع ضوء النهار المتراقص ع. بين هذين القطبين، يتشكل جوهر حياتي، من الوجه إلى القدمين، ومن الصدغين إلى العقل، لينسج قصة غير مرئية، لكنها ملموسة للغاية.

هناك، بين ارتعاش الجبين وثقل الجفون الرقيق، تنكشف القصة السرية لوجودي. كل جزء مني متصل ببعضه البعض، من الذراعين إلى العظام، ومن الظهر إلى اللسان، مشكلاً سيمفونية من الحواس والأحاسيس.

تجاعيد تحت عيناي ترسم مسارات غير مستكشفة، بين مسرح رأسي وصلابة الفقرات، كاشفة عن تعقيد غامض. البطن، هذا المحيط من الغيوم، يمتزج بنقاء رقبتي الرقيق، وبينهما تنكشف رؤية أنوثتي.

في هذا الجسد، تقسم الأهداب الهواء، وتصبح الأصابع عازفة النفخ الخشبية لسيمفونية داخلية. حيث تلتقي الأطراف، من اليدين إلى الفم، ومن الشعر إلى الصدر، ويتشابك تناغم فريد.

تتجمع النقاط معًا، من القبضات إلى الأربطة، ومن الكتفين إلى العرق، وتوحد مناطق كياني بطريقة تتجاوز مجرد الفيزياء. يتردد صدى المرفق مع الرقبة، وتتصل الأعصاب بجنيات المؤخرة، وتدمج الجسد والروح في رقصة حميمة.

يعانق ماء بشرتي دلو عظامي، ويربط تراب شراييني بواقع معقد لا يسبر غوره. كل قطعة من نفسي، صغيرة أو مهيبة، منسوجة في سيمفونية الجسد هذه، والتي يتردد صداها مع التاريخ الصامت لوجودي.

بين كل نبض، كل نفس، يكمن صدى بعيد المنال لجوهري، الذي يوحد ويربط كل جزء من كياني في تناغم عالمي.

إنها نار أنفاسي ونبض كياني. هناك، بين صدر ثديي المقدس وثدي يدي الرقيق، تنبض الحياة بقصة غير متوقعة. مدن كاحلي تحمل أسرار خطواتي وسلة الإبطين تكشف رحلة أحلامي.

بين منبع الحاجبين الطازج والهدف المؤكد لتمثالي النصفي، تظهر مسارات البحث الداخلي. تندمج العضلات، المسك الآسر في كياني، مع رائحة الخياشيم المسكرة، وتوحد مصدر القوة البدنية مع قنديل البحر المنوم للإصبع الأوسط.

الذقن، المغطى بعباءة الأناقة، يرتبط بالتول الرقيق لركبتي، مستحضرًا سيمفونية صامتة من النعمة والحركة. يكشف لون الكعب، القريب جدًا من لون ذقني، عن التعايش بين الأجزاء المميزة من كياني، ويربط عين خصري بحيوية دمي.

في قلب ناظري، ينسج لب الحدقة الرقيق، والمخالب المميزة بالهالات السوداء، قصة مراقبة وتعب، وتكشف عن عمق غير متوقع. بين أصابع قدمي، وأذني اليقظة، والمخيخ الحارس لأفكاري، يدور حوار غامض، بين الأساس المادي والأفكار الأكثر تجريدًا.

وسادة الأذنين الناعمة ترحب بالراحة، بينما وسادة الرأس تنسج ملجأ للروح. السلوقي يلين شفتي، وثقل معصمي يشكل قوة أفعالي، ويرسم الحدود بين المرئي وغير الملموس.

هناك، في هذه السيمفونية المعقدة لجسدي، ينكشف جوهر حياتي، بين المتناهي الصغر والهائل، بين الهشاشة والقوة. كل جزء من نفسي، كل زاوية، يتردد صدى وجودي، قصة منسوجة بين مختلف جوانب وجودي.

صدى جسدي ليس مجرد نفخة الأعضاء والأطراف، بل هو سيمفونية حياتي، التي توحد الأجزاء المتمايزة لتشكل كلا لا ينفصل. إنها رقصة صامتة بين مناطق كياني المختلفة، اندماج متناغم بين الملموس وغير الملموس، بين الجسدي والعاطفي.

كل عنصر، كل وجه، كل ترابط، يكشف القصة المعقدة والرائعة لوجودي. وفي سيمفونية الجسد هذه يكمن شعر الوجود الإنساني، الذي يساهم فيه كل جزء، مهما كان صغيرا، في لحن الحياة.

إنها القصة السرية لوجودي، حيث يتم نسج الخيوط غير المرئية بين كل جزء من كياني. يصبح وجهي مرآة لهذه السمفونية الداخلية، بين نبض الرئتين والإيقاع اللطيف لإبهامي، بين طاقة ربلة الساق ونعومة الكف، ينشأ حوار صامت.

عظام الخد الناعمة مثل التفاح الخريفي تمتزج مع امتلاء لوحي الكتف لتشكل تلالًا ووديانًا على هذه الخريطة الحية التي هي جسدي. باطن قدمي، قاعدة مرساتي، تتحد مع الحنك الرقيق، مركز النكهات واللغة.

بين عجلات وجنتي، حيث تولد ابتساماتي، وعضلات ساقي الصلبة، تتشكل رحلة، رقصة بين الخفة والقوة، بين التعبير والثبات.

الصوت، جوهر أعمق نفسي، يتردد صداه في انسجام مع الحرير الرقيق لأصابعي، وينسج خيطًا غير مرئي بين التعبير واللمس.

الوركين، حيث تولد الحركات، تمتزج مع هالة أنفاسي، مما يخلق جوًا حول كياني.

بين حقد الفخذ ونبضات الأوردة، تظهر ازدواجية، بين توترات العاطفة وتدفقات الحياة التي تسري في كياني. الفخذان، المطبوعان بالمداعبات والقوة، يلتقطان روائح قلبي، ويكشفان عن علاقة حميمة رقيقة بين الجسد والروح.

عبقرية الركبتين، نقاط التعبير والحركة، تندمج مع سر السرة، مكان ميلاد رمزي، حيث يتركز جوهر كياني.

في صدى جسدي هذا، يكشف كل جزء عن قصة، وسرد فريد، وسيمفونية داخلية تتجاوز جسدي البسيط. إنه حوار صامت بين مناطق كياني المتميزة، اندماج بين الرقة والقوة والحيوية والدقة.

كل تفاعل، كل اتصال بين هذه الأجزاء المتميزة، يقدم نظرة ثاقبة لتعقيد وجمال وجودي. في سيمفونية الجسد هذه، يختبئ شعر الوجود الإنساني، قصة ترويها التفاعلات الدقيقة لكل جزء من كياني.

0 التعليقات: